لا يمكن وصفه ما قام به السيد مسعود البرزاني المغتصب للسلطة ورجاله، إلا بإنقلاب كامل الأركان، عندما قاموا بمنع رئيس برلمان إقليم جنوب كردستان المنتخب، يوسف محمد، وأعضاء البرلمان عن حركة التغير ووزرائها في الحكومة، من دخول مدينة هولير عاصمة الإقليم وممارسة عملهم، مع العلم إن رئيس البرلمان والنواب كما هو معروف يحظون بحصانة دبلوماسية.

أتسأل، كيف يمكن لشخص منتهية ولاياته، أن يصدر أوامر بمنع مملثي الشعب من التنقل في بلدهم بحرية، وأداء واجبهم الدستوري؟&

لو كان هناك شرطة وبيشمركة وطنية كردستانية في إقليم جنوب كردستان، لما نفذت أوامر البرزاني وإلتزمت به، وإنما قامت باعتقاله وسجنه كمغتصب للسلطة. ولكننا جميعآ نعلم بأنه لا يوجد شيئ من هذا، وكل ما هناك لدينا مليشيات حزبية، بل الأصح مليشيات عائلية، مهمتها حماية العائلة ومصالحها وكرسي الحكم. وهذا يدل بوضوح دون لبس، على مدى هشاشة الوضع الكردي، وإستمرار حالة الإدارتين إلى الأن، رغم حديث السياسيين الكرد، عن وحدة الهيئات والوزراات والقوى العسكرية والأمنية.&

إن إنقلاب البرزاني هذا لم يبدأ اليوم، وإنما هو مستمر منذ أن إستعان بجزار الشعب الكردي صدام حسين، لإخراج قوات جلال الطالباني من مدينة هولير في 31 أب عام 1991. ومنذ ذلك الحين ومسعود وحزبه العائلي، يفرضان سيطرتهما على هولير، ولم يسمحا لأحد من الدخول إليها والعيش فيها إلا بموافقتهم المسبقة، وإلى الأن قيادة الإتحاد الوطني وحركة التغير مكاتبهم الرئيسية في مدينة السليمانية، وذلك بسسب خوفهم وعدم ثقتهم بالسيد مسعود وأجهزته القمعية، وعمليات التجسس التي يقوم بها على إتصالاتهم وحياتهم الشخصية، وتقييد حركتهم وحريتهم.

منذ 23 وعشرين عامآ، لم يسمح البرزاني من دخول شرطي أو جندي واحد، من قوات الإتحاد الوطني الكردستاني إلى المدينة، عدا الحمايات الشخصية لقادة الإتحاد الوطني وبقية الأحزاب الكردستانية. وتصرف مع المدينة، كأنها جزء من أملال الشخصية هو وعائلته. ولهذا يمنع من يشاء من دخولها، ودخول برلمان الإقليم، الذي تجاوزه السيد البرزاني.

هل يمكن لرئيس في بلد ديمقراطي مثل فرنسا أو أمريكا، من إصدار أوامر بقطع طريق رئيس البرلمان، ومنعه من التوجه إلى مكتبه، وطرد ربع نواب الشعب من البرلمان، ومن ثم الحديث عن الديمقراطية والجلوس في مكتبه؟؟

بالطبع هذا مستحيل الحدوث في بلدان ديمقراطية عريقة كفرنسا وأمريكا، هذا يحدث فقط في بلدان، يحكمها أشخاص مستبدين مثل مسعود البرزاني وزميله بشار الأسد.&

إن خطوة البرزاني هذه، لم تكن إعتباطية وليست وليدة لحظتها، وإنما هو عمل مدروس ومخطط مسبقآ، أم لماذا أعضاء حركة التغير من دون بقية الأحزاب الأخرى، لأن حركة التغير رفضت بشكل قاطع، التمديد مرة إخرى لمسعود البرزاني، بعكس جماعة الإتحاد الوطني والتيارات الإسلامية، الذين قبلوا بشكل ما التمديد للبرزاني وإن بشروط. وثانيآ، لأن حركة التغير ليس لديها مليشيات عسكرية، كما هو الحال مع حزب البرزاني والإتحاد الوطني ليواجه البرزاني ويعامله بالمثل. وثالثآ، زرع الخلاف بين أحزاب المعارضة، وإخافتهم ودفعهم للإبتعاد عن حركة التغير، والقبول برئاسة البرزاني مدى الحياة، وبكامل الصلاحيات كشبه إله.

وبرأي إن مسعود وجماعته مستمرون إلى النهاية بلعبتهم الخطيرة هذ، وهم مستعدين لإراقة الدماء، وتقسيم الإقليم، وبناء الجدران وحفر الخنادق مع السليمانية، والتعامل مع الشيطان الرجيم، وإرتكاب المجاذر والفواحش، لقاء إحتفاظه بالسلطة والمحافظة على إمتيازاته، ومصالح عائلته والفريق الذي معه.

وأخيرآ، ليس أمام أبناء إقليم جنوب كردستان، سوى الصمود ومواصلة نضالهم السلمي

عبر التظاهر والتجمع في الساحات، والدعوة للإضراب العام، وتغطية نشاطاتهم اليومية إعلاميآ، لما للإعلام دورآ مهمآ جدآ، ولهذا سارع مسعود وأجهزته القمعية لإغلاق، مواقع التواصل الإجتماعي. ومطلوب من كافة الأحزاب المعارضة، دعم المتاظاهرين وتقديم العون لهم، وعدم المحاولة لركوب الموجة وإستغلال هذا الحراك المدني لأهداف حزبية أو عائلية ضيقة.