تتزايد يوما بعد يوم عمليات التسلل والهجرة غير المشروعة من قبل مجموعات سودانية نازحة من شمال وجنوب السودان (من السودان المنفصل الى دولتين ) الى إسرائيل بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية& المتردية في أراضيهم والمعارك التي تندلع بين حين وآخر اضافة الى صعوبة او استحالة الحصول على فرص عمل في بلدانهم التي انشغلت بالحروب والنزاعات والخلافات الجانبية بين ابناء الوطن الواحد الذي انقسم الى دولتين بعد استفتاء ورغبة شعب جنوب السودان في تكوين دولته المستقلة ، وقد بلغت عمليات التسلل عبر الأراضي المصريّة أشدها في الآونة الاخيرة نظرا للظروف الامنية التي أصابتها الهشاشة بالأخص في شبه جزيرة سيناء المعبر الرئيسي لعمليات التسلل
آخر الاخبار المؤلمة وصلتنا بان خمسة على الأقل من المهاجرين السودانيين غير الشرعيين قد تم قتلهم بالرصاص الحيّ بتاريخ 23 /11 وهم يحاولون اختراق الحدود بين مصر واسرائيل كما تمّ جرح آخرين من نفس المجموعة التي تلجأ الى البدو في سيناء لتسهيل عملية هروبهم مقابل ابتزازهم بالمال بالاضافة الى مجموعة منهم تم القبض عليهم حيث سيتمّ&& ايداعهم السجون المصرية ردحا ويعادون الى اوطانهم البائسة لاحقا وهم محمّلون بذنوب الهجرة غير الشرعية لعدوٍ أزلي يسمّى اسرائيل وقد تلصق بهم تهمة الخيانة العظمى لو كان مواطنا سودانيا غير جنوبي وتحت وصاية حكم السيد الرأس عمر البشير ماسك زمام الحكم منذ / 1989
لايخفى انه بعد ثورة 25 / يناير كثرت عمليات التسلل بشكل ملفت نظرا للانفلات الواضح في السيطرة على المعابر الحدودية بين مصر واسرائيل والتراخي البائن من قبل حرس الحدود المصري وربما يكون هناك تعاونا خفيا وتنسيقا مضمرا في الخفاء ورشىً بينهم وبين بدو سيناء بتسهيل عبور هؤلاء الى اسرائيل وقد شكّل بعض هؤلاء البدو مافيات لترحيل هؤلاء مقابل مبالغ مالية استنزفت جيوب هذه الجموع المهاجرة الفقيرة والجائعة اصلا ، ولاننسى ان شبه جزيرة سيناء تعاني الان وضعا امنيا منفلتا بسبب عدم سيطرة القوات الامنية المصرية عليها تماما دون ان نغفل ممارسات وعنف الجماعات الاسلامية التي كثيرا ما تتسع عملياتها العسكرية الاجرامية الارهابية نظرا للوضع الامني الهشّ في غالبية صحراء سيناء وسعة مساحتها وصعوبة السيطرة عليها تماما
الامر ليس مقتصرا على السودانيين فحسب فهناك سيل الافارقة من مختلف البلدان وأعداد لايستهان بها من العرب الارتيريين الافارقة ايضا& يهدفون الى الوصول الى اسرائيل بغية الحصول على فرص عمل هناك واغلب هذه الاعمال كثيراً ماتكون خدمية كتنظيف الشوارع والكناسة والعمل كخدمٍ في الفنادق والمرافق الاخرى وغيرها من الاعمال البسيطة الرثّة ، لكنّ الذي يهمنا أكثر هو تكاثر اعداد السودانيين من أبناء جلدتنا العرب الفارّين الى الكيان الاسرائيلي بشكل يبعث على القلق دون ان تتخذ الحكومة السودانية-- في الشمال خاصة -- لوقف هذا التسلل او الحدّ منه على اقلّ تقدير
قبل ثورة 25 يناير كانت عمليات التسلل ضيقة جدا حيث الحدود بين مصر وإسرائيل مسيطر عليها الى حد كبير ونادرا ما ينجح هؤلاء المتسللون في العبور وإلاّ فالموت المحتّم مصيرهم
ويوجد الان في اسرائيل مايزيد على / 15 الف متسلل سوداني& يعملون اغلبهم في إيلات في حِرَف وضيعة ويعانون كثيرا من وجودهم هناك فالمشاكل بينهم جمّة وبعض الشرائح منهم اتجهت الى الجريمة باشكالها المتعددة وهناك من سئم الحياة ويريد العودة الى بلاده لكن القانون في حكومة عمر البشير شمال السودان يجرّم من تسلل الى الكيان الاسرائيلي ويعتبره خائنا ولهذا تقطّعت السبل بهؤلاء ، اما السودانيون الجنوبيون فيمكنهم العودة الى بلادهم دون ان يترتب عليهم ايّ اجراء قانوني يجرّمهم فالعلاقات بين دولة جنوب السودان الناشئة حديثا وبين اسرائيل سمن ٌ على عسل ولهذا السبب قامت اسرائيل مؤخرا بترحيل اكثر من الف سوداني جنوبي طواعية الى العاصمة الجنوبية " جوبا " دون ارغام احد ؛ لكن البعض الاخر فضّل البقاء في اسرائيل نظرا لتوفر سوق العمل على رثاثتهِ ولكي يضمن استمرار وظيفته هناك بالرغم من المضايقات العنصرية التي يتعرّضون لها من الاسرائيليين حكومةً وشعباً بسبب طبيعة وتكوين الشخصية اليهودية القائمة اصلا على العنصرية ووهم التفوّق العرقي المترسخ في أذهانهم باستثناء البعض من التقدميين والتنويريين وهم قلّة قليلة أمام سدود الرجعية العنصرية الراسخة في إسرائيل
وتنوي العنصرية الاسرائيلية ضمن مشاريعها المستقبلية تشييد جدار عازل على الحدود المشتركة بينها وبين مصر في شبه جزيرة سيناء لأجل منع عمليات التسلل ووقف الهجرة غير الشرعية تماما
والجدير بالذكر ان هناك مجموعات سودانية قليلة وصفتهم الأمم المتحدة وعدّتهم لاجئين وقد أعطيت لهم تصاريح مؤقتة بالإقامة لاجل ترتيب وضعهم القانوني ، وجُلّ هؤلاء يعيشون تحت رعاية الامم المتحدة وهي المسؤولة على تنظيم وجودهم هناك
مأساة اخرى تضاف الى المآسي التي تهطل على رؤوس الأشقّاء السودانيين وكأنّ الحروب المستعرة المستمرّة في بعض أقاليمه والفقر المدقع الذي يطال معظم سكّانه لايكفي وما على السوداني المنهك إلاّ ان يحتمي ويلجأ الى " أرض الميعاد " ليكون على موعد مع رحلة جديدة من العذاب والقهر واللجوء والمنفى والأعمال المبتذلة

[email protected]
&