&صباح الخامس من سبتمبر 2001 اغتيل القائد الأفغاني الشهير أحمد شاه مسعود على يد فريق صحفي وصل إلى أفغانستان من بروكسل لإجراء حديث معه وتم تفجير الكاميرا التي أودت بحياة أسد بانشير على يد الصحفيين عبد الستار دحمان والمصور رشيد بورواي الذي فجر الكاميرا بنفسه وبالزعيم الأفغاني قبل أسبوع فقط من هجمات 11 سبتمبر 2001 الذي نفذه إرهابيي تنظيم القاعدة.

عبد الستار دحمان خريج معهد الصحافة بتونس 1987 غادر إلى بلجيكا ولم يعرف عنه خلال دراسته الجامعية أي انتماء سياسي أو تطرف ديني وكان متفوقاً وبعد مغادرته لاستكمال دراساته العليا في بلجيكا اختفى من المشهد ولم يظهر إلا بعد مشاركته في عملية الاغتيال ومقتله برصاص حراس الزعيم الأفغاني.

قبل تلك العملية التي أشارت لحجم وتغلغل الجماعات الإرهابية في أوساط الجاليات المسلمة فيها والتي اغلبها من المغرب لم تكن بلجيكا من الدول التي يحكى عنها سواء في مستوى الإرهاب أو غيره لكن تكرار الحديث في عديد المرات عنها بعد كل عملية إرهابية كبيرة يخفي حقائق كثيرة حول واقع الجماعات الإرهابية فيها وسيطرتها على عقول الشباب المسلم هناك.

في الكثير من العمليات الإرهابية التي شكلت ضربات كبيرة ومخيفة في أوروبا كانت الأنظار تتجه إلى بروكسل بعد أن تشير التحقيقات لدور المتشددين فيها وتدخلهم بالتخطيط والمساعدة على التنفيذ وكان واضحاُ في الهجمات الإرهابية التي شهدتها لندن صيف 2005 وما تبعها دور المتشددين الإسلاميين في بلجيكا بالمشاركة بالإعداد لهذه الجرائم.

مرة أخرى تعود بلجيكا ومراكز التطرف الإسلامي فيها للصدارة بعد بداية ظهور معطيات توضح تورط إرهابيين من بلجيكا في العمليات التي اجتاحت باريس والخطورة التي تجاوزت تورط إرهابيين أن بلجيكا أصبحت مخزن وممول الأسلحة في كل العمليات التي اجتاحت فرنسا.

الأسلحة التي استخدمها إرهابيو باريس في جرائمهم وصلت كلها من بلجيكا وتحول ميناء "أنتويرب" لممر للأسلحة التي تنقل من دول في جنوب المتوسط تشهد اضطرابات وفوضى وتنتشر فيها كميات مهولة من الأسلحة تماما كما هو الحال في ليبيا التي تحولت لأكبر مصدر للإرهاب والأسلحة للجماعات الإرهابية في العالم.

الأسلحة الرشاشة من نوعية كلاشنكوف التي غزت دول أوروبا الغربية جديدة على المشهد الإجرامي الذي لم يتعود على مثل هذه النوعية من الأسلحة في ساحاتها نظرا لخطورة استعمالها وقدرتها في تغيير التعامل، وما جرى في باريس يؤكد على خطورة هذه الأسلحة وقدرتها على إلحاق خسائر مخيفة جراء العمليات الإرهابية.

بلجيكا من أكثر الدول الأوروبية التي شارك مواطنيها في الجماعات الإرهابية حيث قتل في سوريا والعراق ما يزيد عن 60 إرهابي من أصل أكثر من 500 التحقوا بداعش ومازال العشرات منهم ضمن المجموعات الإرهابية هناك.

في ظل الصمت الذي يميز مؤسسات الحكم في بلجيكا وبقاء نشاط المجموعات المتشددة والإرهابية دون مراقبة حقيقية لأنشطتها وتحركاتها والتي تعكس نوعاً من التفاهمات الصامتة بين الطرفين، تبقى دول أوروبا تحت مطرقة الجماعات الإرهابية المستفيدة من التراخي الأمني والذي ظهرت نتائجه الكارثية في باريس والخوف الأكبر من امتدادها في بقية العواصم الأخرى.