تمثل المملكة العربية السعودية اليوم وفي هذه المرحلة الحساسة من تأريخ المنطقة احدى اهم واكبر القوى الإقليمية المؤثرة لا في المنطقة فحسب وانما على المستوى الدولي بما لها من علاقات متميزة متشعبة كما تضطلع اليوم بتمثيل الموقف القومي العربي و قوى الاعتدال اكثر من أي جهة أخرى ولذا تكتسب الاجتماعات واللقاءات الحالية مع الجهات الدولية والإقليمية المهتمة بإيجاد الحلول السلمية الواقعية لمشاكل المنطقة والصراع الدموي الدائر فيها بأهمية استثنائية لتحقيق السلام العادل والامن والاستقرار وفي هذا السياق تأتي زيارة السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان للمملكة ودول الخليج الشقيقة لمن يريد ان يستوعب التغيرات والمستجدات على الساحة واهمية الدور الكوردي في تحقيق السلام بعد ان اصبحوا جزأ مهما ومؤثرا في المعادلات التي تخص المنطقة سواء من خلال النموذج الناجح الذي قدمه الكورد في إقليم كوردستان العراق او من خلال تصديهم الشجاع في العراق وسوريا لتنظيم داعش الإرهابي فالكورد يشكلون اليوم القوة الرئيسة على الأرض لوقف تمدد الإرهاب المنظم ويحوزون على احترام وتقدير العالم المتحضر.

السعودية التي تحتفظ بعلاقات تاريخية طيبة مع الكورد على إطلاع كامل بالملف الكوردي وإذا كانت علاقاتها تمر سابقا من خلال قنوات الدولة العراقية فقد ان الأوان لبناء علاقات وطيدة مباشرة مع الشعب الكوردي خاصة والسعودية كانت سباقة لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب الكوردي ( مقالتي في ايلاف الغراء بتأريخ 27/3/2014 العرب والكورد وشيء من التاريخ ) اعتبارا من هجرته المليونية في اعقاب انتفاضة ربيع 1991 وحتى الان حيث تقدم أ اكبر قدر من المعونات الإنسانية لتغطية احتياجات حوالي مليون ونصف لاجئ في إقليم كوردستان.

السعودية تعرف حقا ما يقدمه الكورد اليوم من ضحايا في قتالهم العنيف ضد الإرهاب العالمي وتعرف ان الكورد متمسكون بالتآخي العربي الكوردي كما تعرف ومن اجل هذا التآخي ان الشعب الكوردي وقيادة السيد مسعود بارزاني اكدت ولمرات عديدة ان ممارسة الكورد لحقهم المشروع في تقرير مصيرهم ومستقبلهم وتشكيل دولتهم المستقلة اسوة بشعوب العالم مرتبط بالتوافق العربي الكوردي والتقسيم الودي.

لقد سبق وان قام السيد رئيس إقليم كوردستان في اذار عام 2007 بزيارة المملكة أيضا للتباحث حول الوضع العراقي يومذاك ولكن الان ومع التطورات الميدانية على الساحة الشرق أوسطية وبروز ما يعرف بإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط فالكورد يتطلعون الى وقوف الاخوة العرب لا سيما القيادة السعودية الى جانب تأييد حقهم المشروع في الحرية والاستقلال ويأملون ان تكون السعودية سباقة في انهاء النظرة العربية المتخوفة من كل تقدم كوردي خاصة والمشروع الكوردي يتفق تماما مع مشروع قوى الاعتدال في العالم العربي وسيساهم في استقرار المنطقة وتعزيز فرص التطور والنمو وضمان الامن الاستراتيجي العربي فالجغرافية التي لا يمكن تغيرها تبين بوضوح ان الكورد يسكنون الحدود الشمالية والشمالية الشرقية للوطن العربي وإقامة علاقات وطيدة مع الشعب الكوردي والاعتراف بحقه المشروع في إقامة دولته المستقلة وبتأييد ودعم عربي سيجدد.

التآخي العربي الكوردي الذي بدأ منذ قرون لقرون أخرى طويلة تنعم فيه الأجيال القادمة بالتأخي والسلم والطمأنينة

السعودية مطالبة بحكم موقعها القيادي بتغيير الصورة النمطية التي عبر عنها الشاعر الفلسطيني معين بسيسو

( كورديا كان صلاح الدين

انتصر فأصبح عربيا

لو هزم صلاح الدين

لأصبح جاسوسا كورديا)

نعم يتطلع الشعب الكوردي بشغف لكل تلك الأصوات السعودية النبيلة القريبة من دوائر صنع القرار التي تطالب بتأييد المساعي الكوردية لإقامة دولته المستقلة ولعل كلمات اللواء السعودي المتقاعد السيد أنور ماجد عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية بجدة (يجب ان نعمل على إيجاد كوردستان الكبرى بالطرق السلمية.....) هي السياسة التي يتوقعها الكورد من المملكة العربية السعودية وهي حقا قادرة على ذلك وجديرة بالثقة خاصة وكل الدلائل تشير الى ان شرق أوسط جديد لا يمكن ان يولد ويستمر ويعيش بسلام دون الاعتراف بحق شعب كوردستان في إقامة دولته المستقلة.

&

*[email protected]