&لماذا فشلت ثوراتنا العربية؟

تشابك المصالح العالمية وثورة المعلومات والترابط العالمي، من خلال جميع أشكال الإتصالات التكنولوجية، مع إستبداد الأنظمة القمعية في المنطقة العربية، ولتي ترتبط إرتباطا وثيقا برجال الدين لضمان إستمراريتها، مستخدمة لغة متحجّرة لتجهيل المواطن العربي أرهبت المجتمعات العربية. في ذات الوقت الذي أخافت فية الثورة الإسلامية في إيران هذه الأنظمة خوفا من تأثيرها على المواطن وإمتدادها. وعملت هذه الأنظمة على حماية نفسها بإعطاء الضوء الأخضر لرجال الدين ليعبثوا بفكر المواطن بكل الطرق.. إمتلأت الجوامع وزادت نبرة رجال الدين خوفا من تطبيع ذهنية الإنسان العربي بالتخويف من الأطماع الإيرانية في المنطقة ( بعضها ’مبرر ) والتخويف من القيم الغربية، التي لم يروا فيها سوى حريات المرأة في كشف جسدها مثما تشاء زز وحريتها الجنسية!!! وكردة فعل بدون التعملق في الحريات جاء على رأس قائمة أولوياتهم، إعادتها إلى حظيرة الطاعة. بعملية تخويف فاقت كل شيء بحيث عادت وإختارت طواعية كل ما أمروها بأنه من الدين. في ذات الوقت الذي غيبوا فية الذهن الإنساني، وقاموا بعملية تشويه كاملة للذهن وللدين، حين اخرجوا كل الثعابين السامة من تحت الأرض وبثوا سمومها عن طريق الإعلام الهادف إلى الربح فقط....&

وبرغم كل الإستبداد والقمع والتغييب الفكري. ثار الإنسان العربي حين إنسدت أمامه كل الطرق لحياة الكريمة بينما كان يرى بأم عينيه بذخ السلاطين، وكل أشكال التمدن السطحي من أبنية وبنوك وملاهي وووو. وهو لا يزال قابعا في جحور الفقر والحاجة ولا يملك من رصيد سوى قوته اليومي إن حصل عليه؟ عجزت الدولة عن توفير عمل أي عمل!!! حرق البوعزيزي نفسه، وثار العربي في معظم الدول العربية الأخرى. ولكنه إنتكس حين أعطوه الخيار بين الحرية الحقيقية وبين حرية توافقية ما بين الدين والدولة. إنتكس حين خاف من الديمقراطية الحقة، وإختار ديمقراطية تتلحف بالتقية. وتدّعي بأن هناك توافق بين الديمقراطية وأي دين من الأديان.. إنتكس حين رفض المساواة الحقة بين الجنسين وبينه وبين الأقليات التي لها نفس جذوره إن لم يكن أكثر منه في نفس الأرض والوطن. إنتكس وإنتكست معه الثورات. في نفس الوقت الذي إرتفعت فيها حناجر متطرفي الدين، مما زاد من البلبلة الفكرية بين الدين و العصرنة، إمتد ليجيش مشاعر الجيل الجديد للإنضمام لجهاد مقدس مبرر فقهيا للمسلمين حتى في الدول الغربية، وفتح الباب على مصراعية لداعش وأخواتها في كل أرض إسلامية وغير إسلامية..&

كتبنا الكثير عن أسباب فشل الثورات العربية.. السؤال الآن وفي ظل إنهيار الدول العربية واحدة تلو الأخرى، ما مصير الإنسان العربي؟؟ هل هو الهجرة؟ وكم منهم سيستطيع الهجرة؟ وإلى أين؟ رفضته معظم الدول العربية، والتخوف منه ومن ديانته وثقافته وربما تدينه الأعمى، تغلّب على قوانين الحريات في الدول الغربية وينادي بإقفال الحدود؟ فإلى أين؟؟؟&

نعم وبمنتهى الأسف وأتمنى أن أكون مخطئة إنهارت وتنهار وستنهار الدول العربية حتى وإن بقي الشكل السطحي لمؤسساتها، السبب واحد في معظمها الغياب المؤسساتي الحقيقي للدولة وغياب القانون الردعي الصارم الذي لا ’يميّز بين مواطنيها وإنعدام المواطنه والحقوق!

إذا نظرنا بعمق وموضوعية إلى هذه الأسباب، سنجد بأن العامل المشترك بينها هو الدين.. حين جعلنا الدين يحمل حلآ لكل المشاكل التي تواجهنا كأفراد. وحين روّج فقهاء الظلام للحظات معينة في التراث الديني بحيث بقينا أسرى لها ولم نستطيع بحثها أو نقدها. و إستمرأ رجال الدين إعادة إجترارها وتجميلها وتقديمها كنماذج مثالية وكأفضل الحلول لكل مشاكلنا حتى الإقتصادية منها، كما قدمها الداعية المليونير عمرو خالد كأحد حلول التنمية بالإيمان؟؟؟ وكما تقدمها بعض القنوات في صورة إعلان ودعاية للمشعوذين الذين يتخذون السحر والشعوذه وقبولها وتبريرها ووجودها دينيا، وسيلة للعيش مستغلين جهل ويأس المواطن الإنسان. وهلل العربي له ولكل رجال الدين!

تلازم وترابط الدين مع الثقافة العامة أدى إلى توسيع الهوة بين ما هو معقول ومؤكد عليه في الكتاب ومنه الإعتراف بالآخر وحقة في حرية المعتقد. وبين ما هو غير منطقي لرفض حقة في مواطنة كاملة ومتساوية بغض النظر عن الأغلبية. وحسب آيات أخرى كانت مناسبة في حقبة ماضية من التاريخ أعاد إحياؤها فقهاء الظلام؟؟&

إن التصعيد الممنهج، الذي عملت عليه الأنظمة ورجال الدين للقوانين التشريعية الدينية، مستندة إلى تأويلات وتفسيرات بشرية فقهية. سحبت من القوانين قيم الحق والعدل والخير والرحمة والتسامح والغفران. بحيث جعلتها تتعارض مع كل ما هو جميل وعادل. وغذّت قباحة الشر في نفوس ربما الأغلبية، بحيث طغت على كل مظاهر الحياة، تقف الآن كأكبر عقبة في طريق التنمية الإنسانية.&

خطاب التحريم في ثقافتنا وتلازمه مع لفلفة المرأة وحرمانها من الحقوق الطبيعية والذي لا ينطبق إلا على فقراء بلادنا وهم أغلبية في المجتمعات العربية، أسس وجذّر لهوية منغلقة ’تفضّل الإنعزال على الإندماج. وهو ما نراه بوضوح في الجاليات المسلمة المغتربة!&

لقد إستغلت الأنظمة الفاسدة بتواطىء تام بينها وبين رجال الدين تجهيل المواطن حين رضيت بجعل كتاب الله كتاب طب وكتاب علم، في ذات الوقت الذي ملأت فيه القنوات الفضائية بمشعوذين يملكون حلول لكل شيء، بإستعمال كتاب الله.. حين صرفت ببذخ على جوامعها بينما قلّصت من نسبة الصرف على البحوث العلمية! حين أولت إهتماما كبيرا بالعلوم الشرعية على حساب العلوم الطبيعية، لأن الكتاب يحمل كل العلم والعلوم. مما قلّص من التفكير المنطقي والعقلاني للظواهر الطبيعية. حين صرفت ببذخ على أفراحها وأتراحها بينما لم ’تعدّل مناهجها التعليمية بما يتوافق مع العصر ولا زالت العديد منها تتأرجح بين تطوير وتعديل المناهج والخوف من المسلمات الدينية؟؟ فتحت عدم المساس بالمسلمات الدينية يقبع فقه الذمة وفقة المرأة وفقه الولاء والبراء وفقه الجهاد. فكيف ستستطيع هذه الأنظمة مواجهة مواطنها بحقيقة المساواة وحقيقة العدالة وحقيقة المواطنة؟؟؟؟ الأنظمة تعلم بأن التربية الإسلامية تضع الدين فوق كل شيء وتربطه بكل شيء في حياة المسلمين. الأنظمة تعلم بأن الكتب المدرسية تعتمد التلقين والحفظ بحيث تنعدم قدرة الطالب على النقد أو البحث ثم الإبتكار. والنتيجة تأسيس ممنهج لقمع ودفن الحرية الفكرية!! ولن يجرؤ أي من هذه الدول على المطالبة بمراجعة هذه السياسات لأنها تتعارض مع مصالحها وبقائها في عروشها وتتعارض من ’حماتها من رجال الدين. وأيضا خوفا من المواطن الذي أعموا بصره وبصيرته على مدى قرون؟؟؟&

الشعوب بحاجة ماسة للقمة عيش، لإقتصاد متحرر من كل القيود وهذا يحتاج لوقت يسبقه تهيئة المواطن نفسيا وإجتماعيا وإنسانيا لقبول التعامل مع الآخر والخروج من فكرة الإستعمار الذي ولى ولن يعود. يسبقها برامج تنويرية ’تستلهم من إنسانيتنا المشتركة التي تعلو على كل دين. للدخول في فكرة ترابط المصالح الإقتصادية وعدم إستطاعة أي دولة العيش بمعزل عن العالم؟؟ وهي السدود التي روّج لها فقهاء الظلام بحيث بنت السدود وبأننا ضحية في كل شيء.عملية تبصير للمواطن الإنسان بأن من مصلحته الخروج من كل تلك الفقهيات المبرره للحدود والسدود، بإعادة الإعتبار للخالق الواحد. تماما كما خرجت اوروربا من التسلط الديني وفصلت الدين عن الدولة... وهو الطريق الوحيد للخروج من ظلمة النفوس وللحياة بكرامة.&

نعم أنا إبنة الشرق التعيس.. أنا إبنة فلسطين الجريحة التي ضيّع رئيسها العرفاتي حقوقها بإستخدامه العنف كوسيلة لإسترجاع الحقوق وإن نجح في الحصول على الإعتراف الدولي على مضاضه بعد أكثر من ستين عاما من الصراع. إعتراف لا يعدو أن يكون حبرا على ورق! أصبحت بفضل تجربتي في الغرب إبنة العالم وإبنة الأديان ولكني ولا زلت احمل في اعماقي الإنسان العربي والمنطقة العربية. لن يخيفني خفايش الظلام الذين يدّعون التّدين.. ما قد يخيفني ويؤرقني إن لم أكن صادقة "ضميري" الذي أؤمن بانه إرادة الله في توجيهي.أؤمن بأن الطريق الوحيد للخروج من الظلمة التي نمر بها.. العدالة للمرأة وللأقليات وإصلاح التعليم. نعم دستور جديد لا يستند إلى أي فقه أو أي تبرير بل إلى الحقوق العالمية للإنسان وللمرأة.. يؤكد سيادة وعدالة القانون فقط لا غير.&