اخترت هذا العنوان ليكون مشابها لمقال (اسلام سياسي وآخر سياسي) سبق وتكرمت ايلاف بنشره على ثلاث حلقات، لاعتقادي ان الغايات من خلط الأوراق ومهاجمة الاسلام والافتراء عليه لا تختلف كثيرا عن الأهداف من اطلاق مصطلح الشيعة الصفويين وغير الصفوين على مذهب التشيع والشيعة.

فكما انه ليس لدينا اسلامين ) اسلام سياسي وآخر غير سياسي( والاسلام واحد وإنما هناك مذاهب وقراءات متعددة للاسلام، كذلك ليس لدينا شيعة صفويين وغير صفويين، فالتشيع شأنه شأن كل المذاهب والفرق، هناك من يلتزم بكافة تعاليمه وهناك من يلتزم بجزء منها وهناك من لا يلتزم بتاتا بها ومع ذلك اذا سألته ما هو مذهبك سيقول انا شيعي.

هناك من يقسم الشيعة الى فرق وجماعات وهناك من يقول ان مذهب الشيعة لا يطلق الا على الامامية (وهم الذين يؤمنون بالائمة الاثني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام) أما سائر الفرق وفي طليعتها الزيدية والاسماعيلية والعلوية فلا يصنفهم بالشيعة، باعتبار ان هؤلاء لا يؤمنون بكل الائمة الاثني عشر وانما ببعض أئمة أهل البيت عليهم السلام، وهناك من يوسع الدائرة ولا يضم هذه الفرق للشيعة وحسب بل يضم البابوية والواقفية وحتى الدروز للشيعة.

بما أن الشيعة الامامية هم الأغلبية في مذهب التشيع وهم المعنيون بمصطلح الشيعة الصفويين لذا فاننا سنركز الحديث عنهم، ليتضح للقارئ الكريم مدى التعمية والتضليل الذي يمارسه بعض السياسيين والاعلاميين من خلال اطلاقهم هذا المصطلح.

وقبل أن نخوض في غمار الحديث ننوه الى أن الذين يطلقون مصطلح الشيعة الصفويين والعرب ينقسمون الى قسمين فهناك من يطلق المصطلح عن دراية ولتحقيق أهداف معينة وهناك من هو (أطرش بالزفة) و (ينعق مع كل ناعق) فتراه يلتقط ما يرميه الآخرون وينساق وراءه دون دراية وبصيرة، بل وحتى لا يعرف ما معناه بل يطلقه لمجرد أنه يسيء لهذه الجماعة أو تلك.

المقصود من الشيعة الصفويين هم الشيعة الذين يتبنون نهجا سياسيا متطابقا أو شبيها للنهج السياسي الايراني، فهؤلاء يعتبرون بنظر بعض السياسيين والاعلاميين صفويين حتى وان لم تربطهم بايران أية صلة، أما الذين يتبنون نهج الابتعاد عن السياسة أو الذين يهاجمون النهج الأول فهم الشيعة الأصلاء حتى لو كانوا ايرانيون ويعيشون في ايران.

وهنا تجدر الاشارة الى حقيقة هامة وهي ان انقسام الشيعة الى من يتبنى التحرك والنشاط السياسي ومن لا يتبنى ذلك، حقيقة لا يمكن لأي شيعي أن ينكرها، غير أن المغالطة تكمن في اطلاق صفة الصفويين على كل من يتبنى العمل والتحرك السياسي.

ويعود السبب الرئيسي وراء تبني الشيعي للنشاط السياسي وآخر نبذه الى قناعات كل انسان بالدرجة الأولى ومن ثم النهج الذي يسلكه كل مرجع شيعي، فكما هو واضح أنه يتوجب على كل شيعي ملتزم بتعاليم المذهب أن يقلد أحد مراجع الدين، وغالبا ما يسلك المقلد نهج مرجعه الديني فاذا كان هذا المرجع يدعو الى التحرك والعمل السياسي فنرى ان المقلد لديه نشاط سياسي، لا شك ان هذه ليست قاعدة ثابتة تطبق على الجميع بل هناك من يقلد مرجع لا يدعو للنشاط السياسي والتحرك ولكن بعض مقلديه لديهم نشاط سياسي وينتمون الى منظمات سياسية، وأبرز مثال على ذلك حزب الدعوة الاسلامية في العراق فهو حزب سياسي شيعي بينما أغلب أعضائه خاصة في مرحلة التأسيس في أواسط الستينات من القرن الماضي كانوا يقلدون السيد الخوئي، كما أن الكثير من أعضائه اليوم يقلدون السيد السيستاني، ومع ذلك ليس من المشهور ان السيدين الخوئي والسيستاني يشجعان على العمل السياسي.

ليس بالضرورة ان مراجع الدين الايرانيين يدعون الى التحرك السياسي لكي نصف كل شيعي لديه تحركا سياسيا بأنه صفوي بل على العكس نرى ان هناك مراجع دين أصولهم ايرانية كالسيد الخوئي والسيد السيستاني ولكنهما في نفس الوقت لم يتبنيا نهجا سياسيا رافضا لحكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، بينما الشهيدين محمد باقر الصدر ومحمد محمد صادق الصدر كان لديهما تحركا سياسيا رغم ان أصولهم عربية، من هنا يتضح لنا ان اطلاق صفة الصفويين ليس المراد منها شيعة ايران وانما كل شيعي يتبنى العمل السياسي، والغرض من هذا الاطلاق هو تشويه سمعتهم والايحاء بأنهم مرتبطون بالخارج.

ومن العبث أن يسعى بعض السياسيين والاعلاميين الى فرض عزلة وابعاد الشيعة عن ممارسة دور سياسي من خلال وصفهم بالصفويين أو أية صفة أخرى لأن عملية رفض الخطأ تجري في عروق الشيعة ولذلك سموهم بالرافضة، لذلك لا نستغرب اذا رأينا مرجعا شيعيا يعترض على مرجع شيعي آخر، فلا المعارض يخرج من دائرة التشيع والاسلام ولا المؤيد بل كل واحد منهم يعتقد انه يخدم الاسلام والتشيع باعتراضه أو بتأييده.

&