المؤتمر الذي عُقِد ،في الثامن و التاسع من شباط ؛هذا الجاري ،تحت مسمى ؛" مؤتمر اربيل لإبادة الايريديين والمسيحيين " ، في اربيل، ورعاه الحزبان المتنفذان في العراق ،الحاكمان اقليمَ كردستان ،تصدى هو المؤتمر لمسألتين بارزتين: احداهما تتعلق بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي، والاخرى بمستقبل الايزيديين والمسيحيين في العراق، ويبدو من الاخبار التي ترشحت ،عن الاجواء والمداولات ،التي سادت المؤتمرين ، والمقاصد التي ارتفع دخانها،يعلو فضاءات القاعة الفاخرة، التي ضمتهم: ان الهدف المضمر من ابتداع مؤتمر كهذا ، كان حزبيا بامتياز ؛ بمعنى ان الحزبين الراعيين والمالكين الزمامَ ، رميا الى تأبط “قضية الايزيديين والمسيحيين” ، والسير من ثم بقضية الاقليات العراقية ، الى جنيف مقصوصةَ الجناحين ، وفق اجنداتٍ مُسبَّقة الصنع ، وضمان الكلام تاليا باسم تلك الأقليات ؛ سواء في جنيف ام سواها ، من المحافل الدولية او الاقليمية او العراقية ، بلا مُنازِع ، وقد دلَّ على ذلك:&

- ان تشكيلة اللجنة التحضيرية للمؤتمر ، وكذلك اغلبية المدعوين كانوا ؛ من منتسبي الحزبين ، ومن المحسوبين على الحزبين ، ثم تنوّعَ الباقون ، بين نازحين لاحول ولاقوة لهم ، وضيوف قادهم الموقف الإنساني النبيل ،فتضامنوا مع الأقليات ونكباتها بالحضور.

- عدم تجانس، بل تهاتر عناصر الغاية اوالهدف ، من المؤتمر وتنافرها في لوحة العرض؛ حيث ظهر واضحا ، ان فقرة البحث في جرائم الابادة ، كان مُسوِّغا ؛أي ذريعة ؛اي ورقة ضغط ، لدخول المؤتمرين ، الى قضية " مستقبل الاقليات" ، بصورة صارخة ، و رغم استثقال احدى هذه الفقرات للأخرى ،وعدم تطابقها لنواحي المضمون ، والآليات ، وتناسب زمن خلطها مع بعض ،هذا عدا عن مسألة التطاول ، على السلطات والصلاحيات ، بخاصة وان إيجاد ركن او توفير اركان جريمة / جرائم الإبادة والتطهير العرقي وما دار في إطارها، او تقفي معالهما وآثارها ومخلفاتها ، او البحث في ملابساتها وظروفها ، او توصيفها وهي محتوى الفقرة الاولى ،التي تداعى المؤتمرون لاجلها تدخل أساسا في وظيفة ومهام القضاء ، سواء كان محليا - داخليا ام دوليا ام مختلطا ، اوهي من صميم عمل منظمات حقوق الانسان الدولية - الاممية ،التي قد تستنجد، في اتمام عملها ببعض الاشخاص الاعتباريين ،او الطبيعيين ،المهنيين محليا، وعليه فايا كانت الجهة الخائضة ،او المتحرّية ، فان السعي يستلزم حقوقيين مُشبَّعين ، بالقوانين الدولية ، والتشريعات الداخلية - المحلية ؛إن معا او بصورة منفصلة، وتستدعي كذلك خبراء وعاملين ، في حقول جمع الادلة ،والتثبت من القرائن ،ومعرفة اصول التحري والتوثيق الجنائيين ، لا سياسيين وحزبيين ومن لف لفهم ، وإلا فان رائحة الطبخة السياسية تفوح وتعلِّم على الطباخين.

- تصريح عبر توضيح ،نُشر واسند الى " قوة حماية شنكال " الايزيدية ، بيّنَ الموقعون عليه: انهم حضروا المؤتمر وانسحبوا ،وتعللوا في موقفهم ب " طغيان الطابع الحزبي الضيق " ، و " تهميش دور المقاومة الايزيدية "، و" تهميش دور المجلس الروحاني الايزيدي الاعلى " ، و افتعال “ ما يمكن تسميته بالفتنة بين الايزيديين والمسيحيين " ، والسعي الى استخدام دور الايزيديين فيه - اي في المؤتمر -" ديكورا او واجهة براقة لتجميل صورة المؤتمر واهله ".

- تذمر مطران السريان ، في الموصل وكردستان ،من الواقع ،وهياجه على الحضور ،جرّاء الحال التي وصلت الاقليات العراقية اليها ،وقدحه ،على شكل مساءلة ، بل مطالبته كل المسؤولين ،في الدولة العراقية بالاستقالة، مادام انهم لايقوون ،على حماية مواطنيهم..ثم.. فالاسئلة الطافحة ههنا على عرض الحال بعد ما قُدِّم له من تدليل والتي يمكن ان يجادل بها أي الأسئلة احدنا المؤتمرين ،ومَنْ وراءهم ، الففرةَ الثانيةَ المتعلقةَ ،بمستقبل الايزيديين والمسيحيين..لِمَ لمْ يتم تداولُ حاضر الاقليات النازحة ،واتخاذ ذلك الحاضر نقطة هامة ومفصلية ،نحو مستقبلها ،على جدول اعمال المؤتمر..لِمَ تم القفز من فوق الحاضر الى المستقبل..ألم يكن ممكنا ،ادراج فقرة خاصة ،بحاضرهاتيك الاقليات المنكوبة ،بغية البحث في سبل تحسين ظروفهم المعيشية ،وتنشيط اسلوب التعاطي ، مع واقعهم الصحي والخدمي والإنساني ،البائس في ترديه ،ورفع توصية من ثم الى حكومتي الاقليم والعراق في بغداد، بضرورة التعجيل في تحرير الارض، التي توطنتها الاقليات ،مذ كان العراق؟!..ألمْ يستشعر المؤتمرون الناطقون باسم احزابهم والداعون اليه ،ان وضع الاقليات الطريدة ،الى زقاقات كردستان والعراق ؛ سواء آوتهم مخيمات قسرية ،مفتقدة الى الشروط الاساسية ، ام لا ، في تفاقم مطرد ،وان الحياة سئمتهم ،فآثر قسم لايستهان به منهم الفرارَ، كلاجئين الى دول غربية ؛حيث لاعودة ،وقسم آخر على شفا التهجير، ان لم يتم التعجيل في تحرير ارضهم..أيعرفون ذلك ،ام ان الحزبوية والشللية، قد اظلمت عنهم البصر والبصيرة؟!..أيعلمون ذلك، ام ان التفاوض على المستقبل والمصير ،مع نازحين اشبه بمعتقلين اواسرى في عراء وازقة كردستان، هو الأهم ؟ّ! ثم أيعلمون، ان الاكمة هتكت ماوراءها ،من مقاصد او تعّمد في تأخير تحريرالأرض ،والاحتفاظ باصحاب النزوح القسري ،من الأطفال والشيوخ والمرضى والثكالى ، كرهائن للتناوش الحزبي على مستقبل تلك الارض؟! أيعلمون ان شعارهم المضمر ؛“ تحديد المصير قبل التحرير” قد تكشّفَ؟! مِنْ ثم و في هذا المنحى ،منحى التناوش الحزبي على مستقبل الاقليات ،افاد " مراد قره يلان" ؛عضو منظومة المجتمع الكردستاني في حديث له متلفز عبر فضائية "روناهي تفي ": " ان على حكومة اقليم كردستان ان لا تهمش التنسبق مع قواتنا على الارض " واضاف: " واذا لم تغير القيادة الكردستانية موقفها فاننا سوف ندرس في القيادة خيار الانسحاب من جنوب كردستان " ويقصد بجنوب كردستان ،الاقليمَ.

هل رمى “قره يلان”، بطريقة غير مباشرة ،الى ما تدبره الغرف الخلفية ،لأحزاب إقليم كردستان للأقليات ؛وبخاصة للايزيديين في شنكال ،وادرك الرجل ان حزبه ؛ حزب العمال الكردستاني ،ورغم تضحيات قدمها مقاتلو الحزب كما أشار “قره يلان “ نفسه يُحضَّرله أي للحزب ان “ يخرج من المولد بلا حمص “ فزعقَ يعترض على الحرمان والجحود!.. أيا كان الموقف ،الذي غده لناظره قريب ،ورغم كل مايُدبَّر ويدار، فالسؤال الذي خلَّفه المؤتمر معلقا: أسيكون المؤتمر، بداية دخول الى فتنة ،كما ألمح الى ذلك بيان “قوة حماية شنكال” ام لا؟ بمعنى: أسوف تتفق الأحزاب الكردية المتنفذة ،فيما بينها على صيغة توافقية ،تخدم الواقع الإنساني ،ومصلحة وظروف الأقليات في العراق ،وتلزِم بالمتفق عليه المكونات العراقية، ام ان الصيّغ ستتعدد ،وفقا للانا الحزبية ،وستكون تاليا مدخلا الى شقاق كردي / كردي على الحصص والأسهم والانصبة ،بصورة مُستفحَلة يصعب معها تدارك الشقاق الناتج ،ويفتح الباب من ثم وبناء عليه ،على مصراعيه على دائرة صراعات مفتوحة أصلا: سنية / كردية ،كردية/ شيعية ، عربية / كردية ،اونزاعات بمسميات قد تجهَّز على ارض تلك الأقليات وبمناسبتها، بخاصة وان للجميع ذرائعَ في التدخل ،تضارع في إقناعها محاججة جحا بالمسمار.

يبدو ان داعش جاءت بنقم ،ولن تخرح الا بنقم ادهى ،لاسيما وان التركة ؛تركة داعش الثقيلة، تستدعي مُصفيّا وورثة وانصبة..من سيكون المصفي ومن الوريث وكم سيكون النصيب؟! التنازع لاح وهو ليس الا على الأدوار اذاً والحصص..التنازع طفا وداعش مايزال يمرح ويعبث ويقوى.

لايسع السرد هنا الا ان يختم بسخط نيافة المطران “داؤود شرف ”؛مطران السريان في الموصل وكردستان ،على قاعة المؤتمروالحضور والعالم و..العراق حسب تسريبات فيديو تناقلتها شبكات التواصل الاجتماعي الفيسبوك حيث تساءل نيافته قَرِفاً..”هل يوجد شرف في هذا العالم “ فأجاب هو نفسه و الإحباط يحاصره ب..” لا اعتقد “ ثم استعلمَ مملوءا بخيبة ظن.. “هل يوجد شرف للحكومات المتتالية في بغداد”.. فضفض المطران المُطارد عن معاناة الأقليات ثم ختم ب “عيب.. ما اقول غير عيب.. ويكفي بقى.. مهزلة صار هذا البلد مع الأسف..مهزلة “ واقتعد من يأسه وقلة الحيلة كرسيه يراقب.

أخيرا ليس للأقليات العراقية اذاً خلا ان يكرر ابناؤها حيال أصحاب الاجندات تقريعةَ “نيافة المطران “..”عيب..ويكفي بقى”!!.

&