شئنا أم أبينا فان الاسلام آخذ في التمدد والتوسع، والمفارقة ان أعدائه الذين يأبون تمدده يشعرون بتوسعه أكثر من المسلمين أنفسهم، ولذلك فانهم يفعلون المستحيل من أجل منع توسعه وتمدده، بينما بعض المسلمين يقعون ضحية مؤامرات أعدائهم سواء شعروا بذلك أو لم يشعروا.

الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الاسلام والمسلمين على كافة الصعد والمجالات ليست إلا دليلا واضحا على وجود مخطط كبير رُصدت له ميزانيات ضخمة من أجل عرقلة اتساع الاسلام وانتشاره، ولعل ظهور الجماعات المتطرفة بما فيها القاعدة وداعش وغيرها من التسميات إلا لتحقيق هذا الهدف.

ويسعى مخطط منع الاسلام من الانتشار الى تحقيق ثلاثة أمور..

الأولى: تشويه صورة الاسلام في اذهان غير المسلمين، من خلال عمليات القتل وقطع الرؤوس والتفجيرات وكل ما هو بشع وتشمئز منه الفطرة الانسانية، لكي لا يغيروا قناعاتهم بدينهم ويعتنقوا الاسلام، وإلا فمالداعي من الاصرار على قطع الرؤوس والحرق بالنار وسبي النساء.

الثانية: إلهاء المسلمين بأنفسهم من خلال الصراعات الداخلية أو عمليات التراشق والشد الطائفي أو القومي والعرقي.

ثالثا: هز ثقة المسلمين بأنفسهم من خلال المشاكل والأزمات والعقوبات التي تفرض عليهم.

والسؤال المطروح هو هل تحقق لواضعي ومنفذي هذه الخطط ما يريدون؟

لا شك ان هذه الخطط تعيق حركة توسع وانتشار الاسلام ولكن لن توقفه بتاتا، والدليل على ذلك هو استمرار الهجمة الشرسة ضد الاسلام والمسلمين، بل ان الهجمة تزداد ضراوة وكيدا وتفننا في استخدام الأساليب، ولو كانت قد نجحت لما استمر تنفيذ المخطط، ويعود فشل المخطط في ايقاف حركة انتشار الاسلام إلى اسباب عديدة من بينها:

1/ ان الهجمة الشرسة والاسلاموفوبيا شجعت الكثير من غير المسلمين على البحث عن حقيقة الاسلام، فلما عرفوا حقيقته اعتنقوه.

2/ بما ان الانسان مزيج من الميول والرغبات المادية والمعنوية، فان الغرب ربما سد حاجات الانسان المادية لكنه فشل في سد حاجاته المعنوية، لذلك قاده بحثه عن الجانب المعنوي الى التعرف على الاسلام واعتناقه.

3/ بما ان الغربيين وغير المسلمين يعيشون بالقرب من المسلمين وقاطبة هؤلاء من المعتدلين، لذلك لا يصدقون الحملة الشرسة والدعايات الكاذبة على الاسلام والمسلمين، لأنهم يرون واقع المسلمين الذين يعيشون الى جوارهم يتعارض ما تنقله وسائل الاعلام عنهم.

4/ بما ان أغلب الدول الاسلامية لا تطبق تعاليم الاسلام بحذافيره، لذلك فان المسلمين سيواصلون البحث عن الاسلام الحقيقي ومن المؤكد ان عملية البحث هذه تقود الى تنضيج التجارب وظهور تجربة بعد أخرى.

لو جئنا الى الهدف الرئيسي من منع انتشار الاسلام لراينا انه لا يعدو عن خشية واضعوا ومنفذوا هذه المخططات من أن يهدد الاسلام مصالحهم، بينما الواقع أفرز نتائج عكسية نتيجة استمرار الضغط على المسلمين، واذا استطاع الغرب أن يسيطر ويتحكم ببعض المسلمين المتطرفين، إن لم نقل هو الذي أوجدهم، فان استمرار الضغط سيولد جيلا من المتطرفين لا يخضع لسيطرة الغرب.

من هنا ليس هناك خيار آخر لغير المسلمين الا التعايش معهم والامتناع عن عرقلة تحرك المسلمين المعتدلين (وهم الأغلبية) خاصة تحركهم السياسي والضغط على الحكومات الحليفة للغرب بفسح المجال لتحركهم بل واشراكهم في السلطة، ولا يكفي أن يظهر الرئيس الأميركي أو الفرنسي أو أي مسؤول غربي على وسائل الاعلام ليقول ليس لدينا مشكلة مع المسلمين، وداعش والقاعدة لا يمثلون المسلمين، فاليوم أغلبية المسلمين ينظرون بعين الريبة والشك الى المسؤولين الغربيين، نتيجة كيل الغرب قضايا المسلمين بمكيالين.

لو ألقينا نظرة سريعة الى الدول الاسلامية لوجدنا أن أغلبها تعاني من المشاكل والأزمات، وصحيح ان المسؤول الأول عن مشاكل هذه الدول هي شعوبها وحكوماتها غير اننا شهدنا حراكا لتغيير الأوضاع نحو الأحسن في بعض الدول ولكن سرعان ما أجهضت هذه الحركات نتيجة العلاقة الوثيقة بين الحكومات والغرب، ربما أفرزت هذه التحركات عن ظهور التطرف، ولكن يمكن القضاء على سلبيات التحرك من خلال ترشيده وليس من خلال ممارسة الضغوط عليه.

لو أخذنا على سبيل المثال الأزمات والمشاكل التي يمر بها العراق في الوقت الراهن، لرأينا أن من بين مشاكله هي الخلافات بين القوى السياسية ويعود السبب الرئيسي في ظهور هذه المشكلة الى ان كل حزب يستقوي بالدول التي يتحالف معها وبدل ان يتم الضغط على هذه القوى لتساعد الحكومة في ادارة البلاد نرى ان الضغوط تمارس على الحكومة لتستجيب لطلبات هذه القوى.

&