نماذج من عمليات الفساد ونهب ثروات الشعب

كثيرون يرون في عربدة نظام ولاية الفقيه حيال الدول العربية وخاصة الخليجية بأنها تأتي من موقع قوة وأن هذه التصرفات الرعناء مؤشرة لنزاهة هذا النظام ولسلامة مؤسساته بشكل نسبي. هذا الفهم يجب وصفه بالسذاجة على أقل تعبير إن لم يكن من منطلق سوء النية والمصالح النفعية الخاصة. لكن لدحض هذا الفهم يجب النظر إلى توغل هذا النظام في الفساد في مختلف وجوهها السياسي، والايديولوجي، والأخلاقي والمالي والاقتصادي. وهنا نقصد بشكل خاص الجانب الاقتصادي علماً بأنه لايمكن لأي نظام أيا كان إسمه ورسمه أن يكون قائماً على الفساد ونهب ثروات الشعب ونهب خيراته لمجموعات خاصة إلا و أن مثل هذا النظام معرّض للزوال والسقوط. من جهة أخرى إذا أردنا أن نعرف سبب الفقر والإدمان والبطالة والأمية وما شابهها من المآسي الاجتماعية فعلينا البحث عن الأسباب في مدى الفساد المالي.

ولا يمرّ يوم إلّا ويتم الكشف فيها عن حالات الفساد والسلب والنهب التي قام بها مسؤول نظام ولاية الفقيه، ويكفي أن نذكر بعض النماذج مما نقلتها صحف النظام. ولاشك أن هذه الحالات هي من المسموح ذكرها والتركيز عليها وإلا ليس هناك شكّ أن مركز الفساد المالي هو بيت خامنئي ومؤسسة ولاية الفقيه حيث أعلنت وكالة أنباء رويترز قبل فترة أن ممتلكات واحدة من المؤسسات التابعة لولاية الفقيه، وهي «مؤسسة تنفيذ أوامر الإمام»، تساوي 95 مليار دولار. وسنتطرق لهذا الموضوع في الحلقات القادمة إن شاء الله.

عودة إلى الأمثلة، ذكرت وكالة مهر للأنباء في 29 /9/2013 عن محسن افتخاري رئيس المحاكم الجزائية في محافظة طهران تصريحه بأن اثنين من نواب مجلس الشورى الإسلامي قد تمت إدانتهما بتهمة اختلاس ثلاثة آلاف مليار تومان (أي ما يعادل حوالي مليار دولار) من المصارف.

وعند ما يصل الأمر إلي المدعي العام للبلاد غلام حسين إيجئي فأنه يتكلم عن أرقام تفوق الخيال حيث نقلت عنه وكالة أنباء فارس بتاريخ 19 مايو 2014 قوله « أصبحت اليوم مبالغ كمئة ألف مليار تومان و80 ألف مليار تومان و60 ألف مليار تومان أمرا عاديا بالنسبة لنا... وتبين خلال دراسات أجريت عام 2012 أن ما يقارب 820 شخصا عليهم (ديون) إلى المصارف يبلغ مجموعها 45ألف مليار تومان ولكن تشير الدراسات وفي غاية الدهشة إلى أن عدد هؤلاء الأفراد بلغ 980 شخصا في عام 2013 بينما بلغ مجموع الديون 62 ألف مليار تومان...».

وإذا نظرنا أنه في الوقت الذي كان يتحدث فيه الملا ايجئي كان كل ثلاثة ألاف تومان يساوي دولاراً واحداً، فمعنا أنه يتكلم عن أكثر من ثلاثين مليار دولار او25 مليار او في الأقل عن 20 مليار دولار الذي كان تحت تصرف أقل من ألف شخص. من هم هؤلاء؟ أليسوا هم المنتمون إلى ألف عائلة المقربين من مركز نظام الحكم والقرار؟

وفي المجال نفسه كتبت وكالة مهر للأنباء في 2 أبريل 2014 أن بابك زنجاني أحد القريبين بأحمدي نجاد اعتقل في ديسمبر 2013 ونقل إلى سجن إيفين. وبعد فرض العقوبات على إيران منحت الشركة الوطنية الإيرانية للنفط جزءا من تصدير النفط لبابك زنجاني دون أن تؤخذ منه ضمانات ملزمة فلم تُعِد عوائد النفط المباع إلى هذه الشركة. وقيّمت المبالغ المترتبة على هذا الشخص بحدود ملياري و400 مليون يورو.

وصرّح إسحاق جهانكيري النائب الأول لحسن روحاني، بناءا على ما نقله عنه موقع «سحام نيوز» في 13 مايو 2014 مثالاً آخر من هذه الحالات حيث قال: «بحجة الالتفاف على العقوبات تم إيداع 700مليون دولار لشركة النحاس إلى حساب إيرانيين إثنين يحملان جواز السفر لبلد أوروبي... ومااتضح لحد الآن هو أنهما يستحوذان على ما يقارب مليارين و700مليون دولار... ولقد كان الفساد متفشياً بشكل واسع كون منظومة صناعة القرار لم تكن على صواب. على سبيل المثال عندما يتم اتخاذ قرار لمنح وتخصيص مشروع يبلغ 40 ألف مليار تومان ( حوال 12 مليار دولار) دون مناقصة فلا شك في أنه من المحتمل أن يجري التخصيص والمحسوبية.»

وبعد أسبوع من ذلك نقلت وكالة تسنيم للأنباء في 19 مايو 2014 عن «إيرج نديمي» عضو لجنة الاقتصاد في برلمان النظام الإيراني أنه يكاد أن ينتهي إعداد تقرير بشأن ملف الفوائد غير المشروعة التي تبلغ 650 مليون يورو في وزارة الصناعة.

ومجال أخر للسرقات ونهب الثروات والميزانية المخصصة هو المشاريع التي يتم تدشينها لكنها تبقى على حالها ولاتكتمل. وفي هذا الإطار نقلت تلفزيون شبكة الخبر في 18أغسطس 2014 عن علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي قوله: «لدينا مشاريع للإعمار دشّنّاها وتبلغ نفقاتها 400ألف مليار تومان. بينما لا تصل مخصّصاتنا في مجال الإعمار إلى 20ألف مليار. وإذا أضفنا ارتفاع نسبة التضخم نكون بحاجة إلى ما يتراوح بين 40 إلى 50عاما لإنجاز هذه المشاريع»!

كما نقلت صحيفة «شرق» في 19ديسمبر 2013 عن رفسنجاني قوله: «بقي علينا في الوقت الحالي إنجاز حوالي أربعة آلاف مشروع عمراني معلّق في الوقت الذي يمكننا فيه توفير ما ينجز 260 مشروعاً فقط»!

وهنا نذكر بعض النماذج الأخرى من الفساد المالي في هذا النظام:

الموقع الرسمي للدبلوماسية الإيرانية 20 أغسطس 2013: أكد نائب البرلمان ميركاظمي أن شخصاً يدعى ب ز[بابك زنجاني] لم يسدّد بعد مبلغ 8،2 مليار دولار ثمن المنتجات النفطية التي قام بتصديرها إلى خارج البلاد بالتواطؤ مع شركة نيكو وأشخاص آخرين داخل البلاد.

إذاعة اوروبا الحرة- 9 يوليو 2013: صرّح أحد مسؤولي دائرة التجارة للجمهورية الإسلامية أن مبلغ السلع المهربة إلى إيران يصل إلى 14 مليار دولار سنويا. ونقلت وكالة مهر للأنباء على لسان محمد صادق مفتح نائب وزير الصناعة والمعادن والتجارة الإيراني أن ما بين 80 و 90 بالمئة من موادّ التجميل تستورد عن طريق التهريب وأن إيران من أكثر بلدان العالم في تجارة السجائر.

إذاعة «صوت ألمانيا»- 9 أكتوبر2014: أعلنت دائرة الجنايات الاتحادية الألمانية أن الشرطة تمكنت من العثور على 330 كليوغرام من «الهيروين» المهرّب من إيران في حمولة من المخلّل (الطرشي). وتبلغ قيمة هذه الكمية حوالي 50 مليون يورو. وبحسب المفتشين فإن المواد التي تم العثور عليها تم إرسالها من إيران في 22 سبتمبر من العام الماضي. ولافت للنظر أن في ألمانيا تم العثور على 270 كيلوغرام فقط من مادة «الهيروين» طوال العام نفسه. وأعلنت الشرطة الألمانية أن هذه الكمية من الهيروئين كانت أكبر شحنة مهرّبة مكشوفة خلال عقود في هذا البلد.

قمة جبل الجليد!

&

لا حاجة إلى التأكيد مرة أخرى على أن ما تنقله وسائل أنباء النظام هو جزء ضئيل من الفساد الذي غارق النظام فيه. ويكفي أن نستشهد في ذلك بقول رفسنجاني الذي هو من أركان نظام ولاية الفقيه حيث نقل عنه موقع «كلمة» بتاريخ 16 ديسمبر 2014 انه دافع عن أسلوب تقديم التقارير من قبل الحكومة إلى الشعب وشرح المفاسد التي أدت إلى احتجاجات أبناء الشعب قائلاً: «ما يقال ليس سوى أجزاء من قمة جبل الجليد من بحور الفساد لكن يتم تفادي ذكر القضايا بهدف منع استغلال العدوّ منه».