هناك من يعتبرون أن الربيع العربي صناعة أمريكية وصهيونية، ناسين أو متناسين الحادثة الأولى التي أشعلت شرارة الثورات في مختلف البلدان العربية وهي حادثة إشعال البوعزيزي النار في جسده وطرد الرئيس من قبل الشعب احتجاجا على تدهور الأحوال الاقتصادية وسرعان ما قفزت دول كبرى وأذنابها لتسرق الثورات من أصحابها الحقيقيين وهم الشعوب الذين لا يطالبون بالدين بل بالخبز وتسلمها للإسلاميين في جميع بلدان الربيع. وكان ذلك انطلاقا من خبرتها السابقة في فوز أحزاب وطنية في أية دولة وتعطي الأولوية للوطن والشعب وتحاسب تلك اتلدول ومن بينها الولايات المتحدة على استثماراتها الدخيلة وتقاسمها أرباحها، بل وربما تطردها من بلادها.&

للولايات المتحدة تاريخ طويل بالتدخل في الثورات الوطنية الصادقة لتجيرها إلى أحزاب دينية كما فعلت من قبل مع إيران وغيرها من دول العالم التي انتهى الأمر بمعظمها إلى الانقسام. وقد صودرت ثورة الشباب الايرانيين وتحولت الى الاسلاميين الذين لازالوا يحكمون ايران.

لماذا لا يريد العرب الاعتراف أن الحركات الدينية هي مجرد أدوات في يد الدول الإمبريالية التي تذكي الحروب بين الطوائف المتناحرة وتبيع الأسلحة للجميع؟ إنهم يجادلون ويجادلون أن الغرب ليس له علاقة بالتطرف لو لم يكن الإسلام ديانة متطرفة. وفي الواقع أن جميع الأديان متطرفة وجميعها تنشر كراهية الآخر وجميعها تبيح دماء أصحاب الديانات الأخرى، فقد شن المسلمون الغزوات لفتح الدول المسيحية ثم شن المسيحيون حروبا شرسة ضد المسلمين فيما عرف بالحروب الصليبية، ثم جاءت مأساة القرون كلها في احتلال فلسطين من قبل اليهود. وبعد كل ذلك، يأتي من يدافع عن الأحزاب الدينية ويدعو إلى استلامها للحكم في بلاد المسلمين.&

لو أن العرب يدركون الحقائق، لتركوا المشاحنات الدينية وتركوا المجال للربيع العربي أن يكتمل ويثمر، ولولا التركيز على استلام الأحزاب الدينية لأنظمة الحكم، والله ثم والله أن سوريا لم تكن لتشهد هذه المجازر التي لم يشهد مثلها التاريخ. لقد كان هناك فعلاً أمل بتصحيح أوضاع العرب والتخلص من أنظمة الحكم السلطوية والشمولية، إلى أن أخطئوا وانتخبوا أحزاب إسلامية، فسلط الله بأسهم فيما بينهم، وجعلهم يقتلون أنفسهم ويشردون بعضهم ويجلبون الأجنبي الحاقد والطامع ليعيش بين ظهرانيهم معززا مكرما وهم يخدمونه كالعبيد، ويتيحون له سرقة البلاد وكل ما فيها من موارد.&

لو كان بين العرب رجل رشيد، لقطع لسان من ينادي بالحكم الديني لكي ينقذ شعبه من الموت وبلاده من الدمار. أنظروا أيها العرب إلى ما وصلنا إليه من دمار بدأ بالعراق بحكمه الطائفي وامتد إلى سوريا واليمن وليبيا، تلك البلاد التي يجري حرقها بالكامل واحتلالها من قبل ميليشيات طائفية حاقدة على العرب وتريد أن تمحقهم من الوجود. إلى متى يظل شلال الدم العربي يتدفق، والعرب يظنون أن الله فرح ومسرور من عباده الذين يقتتلون لأجله، لا بل ستدخلون جهنم بإذن الله تعالى.&

&