منذ عام 1999 والسيد عبدالله اوجلان مؤسس و زعيم حزب العمال الكوردستاني والمسؤول المباشر عن النقلة النوعية التي شهدتها حركة التحرر الوطني الكوردي في كوردستان الشمالية يعيش في سجن جزيرة اميرلي المحصن بعد ان القي القبض عليه نتيجة مؤامرة شاركت فيها عدة اطراف دولية واقليمية وتم تسليمه للحكومة التركية التي حكمت محاكمها عليه بالإعدام ثم تحول الى السجن مدى الحياة عام 2002.

اوجلان السجين طرح عام 2006 مشروعا للسلام مبني اساسا على الالتزام بمبادئ الديمقراطية وضرورة احترام حقوق الانسان وحق الشعب الكوردي في ممارسة حقوقه القومية الديمقراطية المشروعة هذا المشروع الذي استقبلته كل القوى الديمقراطية المحبة للحرية والعدالة والسلام بتأييد كبير واعتبرتها الطريق السليم والوحيد لبناء تركيا حديثة قوية ولضمان مستقبل مزدهر لشعوبها قائم على المساوات التامة في الحقوق والواجبات.

اوجلان السجين الذي يتمتع بشعبية كبيرة سواء في كوردستان او عند القوى الديمقراطية التركية استطاع من خلال حزب العمال الكوردستاني ان يوقف القتال الدائر مع قوات الحكومة التركية منذ عام 1984 ولم يكن ذلك بالأمر السهل واعلن الحزب من طرف واحد هدنة مشروطة باتخاذ حكومة اوردغان الخطوات الجدية اللازمة لحل المسألة الكوردية حلا عادلا يضمن وحدة تركيا الاختيارية وتجذير تجربتها الديمقراطية.

اوجلان السجين والذي اغلب الظن لا يملك حرية الحركة لأكثر من بضعة امتار استطاع من سجنه ان يفرض مشروعه للسلام وان يحرك مئات الالاف لا فقط من اعضاء حزبه وانما مئات الالاف من ابناء كوردستان الشمالية وايضا من ابناء القومية التركية وباقي القوميات ومن مختلف الاديان والطوائف من اجل مشروعه للسلام والتآخي والحقوق الديموقراطية ويتمتع بحرية اتخاذ القرار رغم كل الظروف التي تحيط به و حرمانه من الحرية على عكس السيد رجب طيب اوردغان رئيس جمهورية تركيا العتيد ورئيس وزرائها الحقيقي الذي يجد تحت تصرفه كل اقتصاد تركيا وخزنتها العامرة هذه الايام و اكثر من نصف مليون جندي ثاني اكبر قوة بشرية داخل حلف الناتو بما لديهم من امكانات غير محدودة ودعم دولي و الذي لا يزال يعيش سجين افكار الاتاتوركية والاستعلاء القومي وعدم الاعتراف بالآخر.

اوردغان الحر الذي يعيش في قصر بلغت تكاليف انشائه الستمائة مليون دولار لا يزال سجين معتقدات بالية وافكار عنصرية وطموحات لا تمت الى الواقع بشيء لا يملك الحرية والجرأة لمواصلة طريق السلام طريق الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي المشروعة طريق الحرية والعدالة الحقيقي ورغم الخطوات الخجولة التي اقدم عليها كالاعتراف باللغة الكوردية فهو يتقدم خطوة ويتراجع خطوات سجين تردده و مخاوفه من عملية السلام والاعتراف بالآخر وحقوقه و لذا يطرح بين فترة واخرى شروطا تعجيزية لا تمت الى خيار السلام باي حال من الاحوال كمطالبته الاخيرة باستسلام كافة مقاتلي حزب العمال الكوردستاني وتسليم ما لديهم من اسلحة وعتاد قبل ان يقدم ولو على خطوة اساسية واحدة على طريق حل القضية الكوردية.

اوجلان كان حرا وسيبقى حرا رغم القضبان الحديدية لسجنه في اميرلي واوردغان كان سجينا ولا يزال لأفكار ومعتقدات تجاوزها الزمن فهل سيتحرر منها و يعمل من اجل الحرية والعدالة والسلام كما يزعم ويؤسس لتركيا قوية موحدة اختياريا ام انه سيبقى سجينا رغم روعة القصر السلطاني الذي يعيش فيه وتبقى تركيا ترواح في مكانها ان لم تسير نحو الاسوء.

[email protected]