لا يملك أحد أن ينسى الغدر الذي حل بالعراق حين وقف في وجه الطغيان الفارسي. ولا نريد للتاريخ أن يعيد نفسه، فالسعودية تقف اليوم في وجه الزحف الإيراني لتضع له حدا، محاطة بالدعم العربي والأجنبي، لكن القادم سيكون مشحونا بمشاعر العداء الإيراني والنقمة، وربما أساليب جديدة ومتجددة من الجانب الإيراني، ولا يمكن لأحد أن يطمئن للجانب الأمريكي الذي سبق وأن لدغ العديد من الدول العربية التي لم تكن تعطيها المبرر لعدوان شرس عليها لكنها تمكنت من انتزاع قرارات دولية مفبركة لتبرير هجماتها. والعاقل من يستقي من التاريخ العبر.&

ربما يكون أفضل قرار خرجت به القمة العربية هو تشكيل حلف عسكري مشترك، لأنه ما من دولة عربية إلا ولها نزاع مع طرف أجنبي، وهذا الحلف ربما يضعف شهية الطامعين. وربما أغفلت القمة العربية اتخاذ قرار بشأن التصدي إلى حملة النزعة الطائفية التي دفعت بعناصر داخلية في المنطقة إلى القيام بأعمال شغب من قبيل دعم إيران، ولا بد من الشجاعة للقيام بحملة مضادة تحبط اية توجهات لإذكاء العداء الطائفي وهذا الأمر يتطلب قرارا شجاعا وإرادة جريئة، لمنع تنامي مشاعر التعاطف مع إيران، أو اعتبارها حامية للطائفة الشيعية، والقبلة الروحية لأصحاب هذا المبدأ، ويجب ألا يغفل أحد عن حقيقة أن التشيع بالأصل كان عربيا وانطلق من جزيرة العرب. وخير الأمور هو الابتعاد عن الخطاب الديني لأنه أصبح ثغرة كبرى يدخل من خلالها الطامعون. ولا يمكن لأحد أن يستهين بخطورة الجماعات الدينية المسلحة وقدرتها على التخريب.&

إن الناظر إلى المشهد الإقليمي يتفاءل خيرا، ففي الشمال يوجد هجوم على الجماعات السنية المتشددة، وفي الجنوب يوجد هجوم على جماعة شيعية متشددة، لكن الحذر توجبه السوابق الأمريكية التي غدرت بحلفائها وسلمتهم لإيران، لذا فأي اتفاق عربي يجب أن يأتي على مستويات متعددة سياسيا وعسكريا وثقافيا. ولا بأس بالتغيير الثقافي التدريجي الذي يرفع مستوى الوعي الشعبي ويحول دون وقوع الشباب فريسة لخطط تدميرية. كما أن رفع القيود عن التأشيرات بين الدول العربية قد يذكي روح الحماس والرغبة الصادقة في البناء والانخراط في التنمية بدلا من التوجهات التدميرية. ولا ينبغي لأحد التقليل من فعالية التضامن وتوحيد الموقف، وإذا لمست الشعوب تغيرات إيجابية على أرض الواقع، فلا بد أنها ستكون سدا منيعا في وجه أي غدر يستهدفهم.&

&