دعا رئيس إقليم كردستان في رسالة موجه الى برلمان وحكومة الإقليم والادعاء العام الى تنفيذ واجباتهم اللازمة ضد ما سماه بالتيار(اللا وطني والخطير) الذي يسعى لاشعال فتيل الحرب الاهلية ، كما طلب منهم ان ينتهجوا طريقا قانونيا ورسميا للحد من نشر( الاراء) التي تستهدف وحدة الوطن واستقراره وتدعو الى حرب اهلية داخلية واعادة سياسة الادارتين...

ودعا السيد مسعود بارزاني في رسالته المقتضبة جميع الاحزاب والتوجهات السياسية في الإقليم الى بذل جهودهم في سبيل الحد من ظهور هذه الاصوات والتوجهات التي وصفها باللاوطنية.

وجاءت رسالة بارزاني هذه أثر تصاعد خلافات داخلية خطيرة بين الحزبين ( الاتحاد والديمقراطي ) ،حيث يصر حزب طالباني على ضرورة انتخاب رئيس الإقليم من قبل البرلمان (الانتخاب غير المباشر ) ، عكس رغبة حزب بارزاني الذي يصر على ضرورة انتخاب مباشر لرئيس الاقليم بحجة ان الانتخاب المباشر هو الاقرب للديمقراطية ، حيث يتيح للمواطنين اختيار رئيسهم بأنفسهم ويرفع شعورهم بالمسؤولية ، ويؤدي إلى تنمية وعيهم السياسي.&

ويرى مراقبون للشأن الكردي بان من أهم مزايا الانتخاب غير المباشر وخاصة في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الاقليم هي: التخفيف من حدة مساوئ الاقتراع العام ، لأنه يجعل اختيار الرئيس في أيدي فئة مختارة من المندوبين تكون أكثر إدراكا للمسؤولية وأوسع خبرة بالشؤون السياسية ، ويقلل من حدة المعارك الانتخابية و وطأة الأحزاب السياسية.... بالاضافة الى ان مبدأ الاقتراع العام قد أصبح أساسا ثابتا من أسس النظم السياسية الحديثة...&

رسالة قديمة جديدة:&

سعت حركة التغيير للسيطرة على محافظة السليمانية إداريا بعد فوزها الساحق في الانتخابات البرلمانية الاخيرة 2013 ،حيث تحولت من القوة الثالثة الى الثانية على مستوى الإقليم،والأولى على مستوى محافظة السليمانية ٬ وفي ظل هذا التغيير الذي حصل، طالبت حركة التغيير بمنح محافظة السليمانية بالصلاحيات الادارية والمالية الواسعة، بما يمكنها من ادارة شؤونها على وفق مبدأ (اللامركزية الادارية) وخاصة أن الدستور العراقي يجيز ذلك بنص واضح لا جدال فيه ( راجع ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 120 من الدستور العراقي )&

وعليه وجه رئيس الاقليم رسالة الى الرأي العام بعد طرح جرى تداوله في وسائل الاعلام الكردية لفك ارتباط السليمانية باقليم كردستان ، وقال بارزاني في رسالته: ان وسائل الإعلام الكردية تناقلت منذ فترة أحاديث عن وحدة إقليم كردستان وثروات شعبه بشكل لا يتلاءم مع مصالح شعبنا وان هذه الأخبار تندرج في إطار محاولة إثارة الفتن لانفصال السليمانية عن إقليم كردستان...&

مشاكل قديمة جديدة تطفو على السطح:&

كتب ازاد جندياني القيادي في الاتحاد الوطني في مقال له نشر في وسائل اعلام الاتحاد الوطني الكردستاني يقول: بعد نتائج الانتخابات المحلية في عام 2009 وظهور حركة التغيير( كوران ) بزعامة السياسي الكردي نوشيروان مصطفى ظهرت في العلن نقاشات بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني عن طريق وسائل الاعلام وهي نقاشات سياسية ، ولا ارى ضرورة عدم الاعتراف بهذه النقاشات لانه لانستطيع اخفاؤها بعد الان خلف الستار ، وان علاقات الاتحاد والديمقراطي مع وجود الاتفاقية الاستراتيجية تمر بمرحلة حساسة...

نعم... تصاعدت الخلافات بين الحزبين وخرجت ايضأ الى الطور العراقي وبالاخص خلال الازمة السياسية التي مرت بها العراق في عهد المالكي ، وعودة الوزراء الكرد في الحكومة العراقية للاقليم للتشاور والتباحث في مسألة سحبهم من حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي.

ومن الجدير بالذكر ان ابقاء القيادة الكردية ابواب التشاور مفتوحة مع المركز وعدم اتخاذ قرار حاسم بهذا الشأن يعود اسبابه في الاصل الى الخلافات الخفية بين قيادة حزبي طالباني وبارزاني ، حيث ان حزب طالباني لم يكن مع سحب الوزراء الكرد من حكومة المالكي ، بالاضافة الى الاتهامات التي وجهت الى الاتحاد الوطني الكردستاني من قبل الديمقراطي منها: اتهامه بالسعي لقطع رواتب موظفي الإقليم بالاتفاق مع الحكومة الاتحادية ،ومن جهته اتهم الاتحاد الوطني الكردستاني حليفه الديمقراطي بالتفرد في تشكيل الادارات المحلية في اربيل ودهوك ومطالبته بحكومة محلية ذات قاعدة موسعة في السليمانية....؟!&

بالاضافة الى تبادل الاتهامات بين الاطراف الكردية التي بلغت في حالات كثيرة التطاول على قضايا شخصية غير سياسية تمس العناصر المتحاورة ولا تعالج البرامج والقضايا التي تطرحها الجهات السياسية حول القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للأقليم.

&ولاننسى دور تركيا في اثارة الاحداث والمشاكل في اقليم كردستان لزعزعة استقراره الامني وخاصة بعد سيطرة مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا على مقاطعة كوباني ومدن اخرى في سوريا و تخوفها من تكرار سيناريو اقليم كوردستان العراق ،وان رفضها في المشاركة في الحملة الدولية الحالية على الارهاب ضد داعش ورفض استخدام قاعدة انجرليك لرفد الجهد العسكري ضد داعش الارهابي من جهة ،ومن جهة اخرى تورطها حسب التقارير المحلية والدولية في دعم التنظيمات الارهابية في المنطقة خير دليل على ذالك.

&كل هذه الاسباب، وأسباب كثيرة اخرى جعلت مشاكل قديمة جديدة بين القوى الكردية وخاصة بين ( الاتحاد والديمقراطي ) تظهر وتطفوعلى سطح علاقاتهم وتحالفهم الاستراتيجي....

الى متى ستبقى معركة مسودة الدستور مستمرة؟:&

&تم في بداية عام 2002 تشكيل لجنة خاصة من قبل برلمان اقليم كردستان بهدف صياغة مشروع دستور لاقليم كردستان العراق وقد انجزت اللجنة مهمتها في نفس العام وصادق المجلس الوطني لكوردستان العراق آنذاك على المشروع المعد بقراره المرقم (26) في 7/11/2002.&

وبعد سقوط النظام العراقي وكتابة الدستور العراقي الدائم وإقراره في الاستفتاء العام بتاريخ 15/10/2005، جعل من إعادة النظر في مشروع دستور اقليم كردستان امراً ضرورياً لكي ينسجم مع احكام دستور العراق من جهة وينسجمً مع النظام السياسي الجديد في العراق من ناحية أخرى ، لذا إنتخب برلمان كردستان لجنة خاصة لاعادة النظر في المشروع المعد وإعادة صياغته على ضوء هذه المستجدات، حيث تم تشكيل لجنة بموجب قرار برلمان كردستان في 8/9/2005&

وباشرت اللجنة اعمالها في منتصف ايلول /سبتمبر 2005 واستمرت لغاية 22/8/2006، حيث انهت اعمالها بإضافة (82) مادة الى اصل المشروع المعد سنة 2002 المتكون في حينه من (78) مادة وكذلك اعادة صياغة العديد من المواد، وبذلك وصل العدد النهائي لمواد هذه المسودة الى 160 مادة.

وقد تمت القراءة النهائية للمسودة في جلسة البرلمان ليوم 24/9/2006 بعد عرضها على كل من رئيس الجمهورية السابق جلال طالباني ورئيس الإقليم مسعود بارزاني..&

الا ان الاستفتاء على تلك المسودة جرى تاجيله بسبب الخلافات والتشاحنات والتناحرات والكولسات والانفعالات بين الاحزاب الكردستانية ، و حسب ما يبدو فإن كل طرف أراد أن يضع بصماته على المسودة ، وعليه غرقت المسودة في الجزئيات وخضعت لإرادة أطراف مختلفة فجاءت مرتبكة وهزيلة ،كما تناولت الكثير من التفاصيل غير الضرورية. وحتى القضايا التي تم الاتفاق عليها فإن لكل طرف تفسيراته الخاصة ، ولعله ينظر إليها من زاويته مما سيثير إشكالات لاحقا خصوصا في ظل تعاظم الاحتقان والتوتر والصراع والمنافسة الحزبية منها: النقاط الاسياسية المتعلقة بشكل نظام الحكم وصلاحيات رئيس الاقليم.&

&في حين كان لزاماً على الاحزاب الكردية ان يسعوا جاهدين لسن دستور حضاري لإقليم كردستان يحظى بموافقة الشعب في الاستفتاء ، دستور يلبي حاجات المواطنين ويفصل بين السلطات الثلاث ويبعد الهيمنة الحزبية عن الادارة ويمنع قيام ديكتاتورية جديدة.&

مالعمل:&

ان التصعيد الاعلامي والتراشقات الإعلامية المتبادلة بين الحزبيين ( الاتحاد والديمقراطي) نجم عن عوامل قديمة جديدة منها: الصراع على السلطة والنفوذ بين الحزبين ، وتدخلات الاطراف الاقليمة بالضد من مصالح الشعب في الإقليم ، وقد دلًلت تجربة السنوات الماضية ، مجددا وبقوة اكبر ، الترابط الوثيق بين النضال من اجل ترسيخ دعائم الديمقراطية الحقيقية وتمكين الشعب من ممارسة حقه بارداته الحرة ، واصبح واضحا ان الخروج من المازق الذي يعيشه الاقليم وانهاء معاناة شعبه لن يتحقق الا بالمباشرة في ارساء دعائم الإقليم الديمقراطي والاعتماد اساسأ على (العامل الداخلي) لحل المشكلات الإقليم وتخليصه مما يشوبه من نواقص وتغرات تتمثل في (نزعة الاستئثار والتهميش وسياسة المناصفة والهيمنة والسيطرة والتفرد بالقرارات واقصاء وتهميش الاخرين بحجج واهية ونبش التناقضات الثانوية وتفجيرها ، والزعامية واحادية القيادة واختكارية الحقوق والامتيازات والخ ).&

نعم ان اقليم كردستان يمر اليوم بمرحلة صعبه وحساسة جدا وعليه يتطلب من الجميع بدون استثاء التمسك بالقيم والمبادئ الديمقراطية، وضرورة تغليب المصالح العليا للشعب على المصالح الحزبية والشخصية الضيقة.وان مسالة صياغة الدستور ورئاسة اقليم كردستان يجب ان تمر عبر السياقات القانونية والتوافق بين الاحزاب والقوى السياسية، لذا علي الجميع عدم الانجرار وراء الفتن والتجاذبات السياسية والاقليمية التي تعود على الجميع بالخسارة....

وفي الختام نكرر ونقول: يواجه الإقليم أزمات وتحديات كثيرة، منها تأخر رواتب الموظفين وغلاء اسعار الوقود والمواد الغذائية والسلع الاساسية المستوردة وكثرة انقطاع التيار الكهربائي وتأثير التوتر الامني على الشارع الكردستاني ، بالاضافة الى الحرب التي فرضت من قبل داعش على شعب كردستان ، وعليه يجب على الاحزاب الكردستانية بدون استثناء اجراء حوار عقلاني ومنضبط بعيد عن التحزب والمصلحة الحزبية الضيقة والمهاترات الاعلامية ونبش الماضي والاحتراب والكولسات من اجل ايجاد حلول حقيقية للخروج من الازمة الحالية والتي تتعمق يوما بعد يوم وللاسف من دون بوادر حلول مقنعة و تعرقل مسيرتنا وتشغل البرلمان عن القيام بالدور الدستوري المناط به.

&نعم نقول وبصوت واضح: أن الطبطبة على أكتاف الكوادر الحزبية ومجاملتهم وطريقة اختيارهم وطول بقائهم في مناصبهم وعدم محاسبتهم على اخطائهم لا يمكن أن تسهم في تطوير أدائهم وقدراتهم الثقافية والسياسة والفكرية من اجل التواصل والتفاعل مع المجتمع والقضايا الوطنية الملحة وايجاد حلول مقنعة ومدروسة ترضى جميع الاطراف.....&

على رئيس الاقليم ان لايفسح المجال لكوادر حزبه لفرض الامر الواقع بالقوة والاستئثار بالسلطة والسيطرة على كل مفاتيح القوة في الاقليم بذريعة الاغلبية وبيع حلفاء الامس وتهميشهم وضربهم كما حصل مع النائب عن كتلة التغيير على حمه صالح في 25 اذار عندما رفض تمديد ولاية الرئيس بارزاني...وقال أنه ليس هناك منفذ قانوني لتجديد ولايته...!.

نعم... ان الذين ينتهجون طريق الاصلاح لا بد لهم ان يعترفوا بوجود الاخطاء ، والذين يفعلون ذلك هم الاقوياء وليس الضعفاء كما يتصور البعض ، لان الضعيف الحقيقي هو الذي يعتبر نفسه فوق النقد وفوق الخطأ وفوق القانون واعلى من الجميع...!!

نعم ان من صلب واجب رئيس الاقليم ان يتصرف كرئيس للجميع ولا يمكن او بالاحرى لايجوز له ان يتصرف كرئيس حزب ، لان واجبه يحتم عليه ان يصون مصالح الشعب كاملة.&

والسؤال يبدو منطقياً إلى حدّ بعيد: هل حقأ انتهى مفعول (التحالف الستراتيجي)(1 ) بين الاتحاد والديمقراطي الموقع في السابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 2007 و الذي كرس مبدأ توزيع السلطة بالمناصفة المقيتة ( الفيفتي فيفتي)بينهما وساهم أيضا بتهميش دور الأحزاب الأخرى في السلطة؟ هل هناك مخاطر تقسيم الإقليم الى ادارتين؟ و من هم الذين وصفهم رئيس الاقليم باللاوطنية؟ هل حقأ ليس هناك بديل اخر غير البارزاني لمنصب رئيس الاقليم؟ هل الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة من قبل قادة الحزبين مسعود بارزاني وجلال طالباني ،هي ضرورة حياتية بالنسبة لظروف اقليم كردستان ومتطلبات ما بعد تحرر العراق كما يدعي البعض ، وهل هي الضمانة الوحيدة لحماية منجزات شعب كردستان التي حصل عليها والدافاع عنها؟ لماذا يرى البعض ان بنود تلك الاتفاقية ألحقت ضررا بموقع الاتحاد الوطني الكردستاني ودوره ، خاصة داخل حكومة الإقليم والسلطة عموما؟&

نعم...نعم..ان سيطرة (الرأي الواحد ) تحتوي بالضرورة ، على افتقاد القدرة على التطور والتقدم والتفكير المتوازن مهما كانت نوايا الحزب طيبة وكفاءة وحنكة وتجربة قيادته مرموقة...!!

&اختتم مقالتي بمقولة الإمام علي بن ابي طالب في هذا الجانب قد تختصر كل المعاني وهي:&

من استبد بعقله هلك ، ومن استشار قومه امتلك عقولهم...!

ــــــــ

( * ) من اقوال الإمام علي بن ابي طالب.

( 1 ) اتفق الحزبان على التعاون المشترك وانهاء الخلافات وعلى توزيع المناصب (فيفتي فيفتي) بينهم ،ونص التحالف على تقاسم المناصب، والتناوب عليها، ، بحيث تؤول رئاسة جمهورية العراق إلى الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني، فيما تذهب رئاسة الإقليم إلى الديمقراطي بزعامة بارزاني. كما يتولى أحدهما منصب رئاسة الحكومة، فيما يشغل الآخر منصب رئيس برلمان كردستان، شرط أن يكون نائب كل مسؤول من حصة الحزب الآخر، ويتم تغيير المناصب كل عامين، عدا رئاستي الجمهورية والإقليم.