تفيد التقارير التي تتابع قضية الشعب اليمني منذ بدأت عاصفة الحزم أن قوة تحالف علي عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي تعاني من تمزق وتراجع في الامكانيات والقدرات بسبب وخسارات المتتالية التى لا زالت تتعرض لها.. وتفيد أن الإنسحابات التى تقوم بها بعض كتائب وألوية القوات المسلحة اليمنية من دائرة هذا التحالف منتقلة إلي جانب الشرعية، تتواصل وتتسع.. وتفيد أيضا أن مبادرة السلام التى قدمتها طهران إلي سكرتير عام الأمم المتحدة لم تُقبل لا شكلاً ولا موضوعاً..&

علي الجانب الآخر تسير العمليات العسكرية بقيادة السعودية في مسارها المخطط له، وإن كان البعض يري أنها طالت أكثر من اللآزم.. إلا أنها تعمل علي تحقيق الهدف الأساسي الذي إنطلقت من أجله وهو دحر تحالف صالح / الحوثي ونزع سلاحه وقطع يده التي تسيطر علي العاصمة والعدد الأكبر من مؤسسات الدولة، ويبدو أن الرياض لم تتعب بعد ولم يصب قوات التحالف التي تقودها الوهن.. والأكثر من ذلك أن الجزء الأكبر من نتائج هذه العمليات إيجابي وحقيقي وادي إلي تغير ملحوظ علي موازين القوي فوق الأرض..&

لم يكن أحد يتوقع ان يوافق تحالف صالح / الحوثي علي قرار مجلس الأمن 2216 بتاريخ 14 من الشهر الجاري، لكن الأطراف التى خصها القرار بمواده حرصت علي أن تبدو ملتزمة به، خاصة باكستان وتركيا اللتين أعلنتا أنهما يقفان إلي جانبه حرصاً منهما علي أمن وسلامة أراضي المملكة العربية السعودية.. الجدير بالإشارة هنا أن هذا الرفض " الكامل والقاطع " للقرار جاء نتيجة للتعليقات التى أكدت أن المجتمع الدولي، بما في ذلك موسكو، لم يلق بالاً للمبادرة التى تقدمت بها طهران..&

هناك شبه إجماع أن النتائج التى أوضحناها، قاد إليها..&

قرار مجلس الأمن الذي أضفي شرعية علي عمليات التحالف السعودي / العربي العسكرية و فتح الباب لمجموعة من الإلتزامات الدولية لكي تُسفر عن توجهات سياسية تخدم العملية العسكرية التى قلنا أنها وإن طالت تسير في طريق إجبار تحالف صالح / الحوثي علي التسليم بالأمر الواقع والإعتراف بالهزيمة علي الجبهتين..&

الداخلية.. حيث واصلت القبائل اليمنية المقيمة في المحافظات الشرقية والجنوبية رفض الإصفاف معهم في جبهة واحدة!! وكذا الانشقاقات التى قامت بها علي الأقل خمسة ألوية كانت تخضع لهم!! بالاضافة إلي الضغوط التي يمارسها حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان يعتمد عليه علي عبد الله في مواصلة الحرب، بعد أن أدركت كوادره في الكثير من المحافظات أن الرئيس اليمني المخلوع مستعد للتضحية باليمن الدولة والتاريخ، بعد أن هدم المؤسسات..&

الخارجية.. تنامي تراجع التأييد الذي كان يحظي به الحوثي من خارج اليمن سياسياً وعسكرياً في ضوء تفعيل قرار مجلس الأمن بكل بنوده، مما أدي إلي تقليص موجات إمدادات السلاح التى كانت تصل إلي معسكره من الخارج، وأوقف ربما بشكل نهائي دفعات الثقيل منها علي وجه الخصوص، الأمر الذي حرمهم مصادر تعويض ما يوصلون فقدانه علي مدار الساعة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع..&

التقدم علي مستوي العمليات العسكرية في بداية الأسبوع الرابع علي مستوي صنعاء وتعز وصعدة، وما ينبأ عنه من قدرة علي تحقيق الأهداف الأساسية لعاصفة الحزم خلال أسابيع معدودة، وإعلان السعودية إستجابتها لتوصية الأمم المتحدة بتخصص 274 مليون دولار كمعونة أنسانية لليمينين.. قطع الطريق علي كافة المحاولات التى كانت تُخطط لإستغلال الحالة الانسانية شديدة الصعوبة ( التى يعيشها اليمنيون حتي من قبل أن تبدأ عمليات عاصفة الحزم ) للمتاجرة بها دفاعاً عن تحالف صالح / الحوثي قبل أن يسقط نهائياً..&

هناك من يقول..&

أن علي عبد الله صالح يسعي للتواصل مع الرياض للحصول علي منفذ ينقذ به ماء وجهه سياسياً علي المتسويين المحلي والإقليمي!! أو علي أقل تقدير يُبقيه طرفاً فاعلاً حول مائدة الحلول السياسية.. وهناك من يقول أنه علي إستعداد لفض عري التحالف بينه وبين عبد الملك الحوثي بشروط، يأتي في مقدمتها الخروج الآمن له ولأسرته وبعض كوادر الحزب المتحالفون معه، إن كانت مشاركته في الحوار السياسي القادم صعبة..&

ونقول أن هذه المشاركة تكاد تكون مستحيلة.. لماذا؟؟..&

أولاً.. لأن تجربة السعودية مع الرئيس اليمني المخلوع علي إمتداد الفترة الفاصلة بين قدومه لتلقي العلاج في مستشفياتها علي أثر محاولة التصفية الجسدية التى تعرض لها منذ أكثر من عامين واللحظة الراهنة، تتصف بنكران الجميل وبالإستعداد لنقل تحلفاته كلما وجد إلي ذلك سبيلاً، لآ لشئ ألا للرغبة في البقاء في الصدارة سواء كان منفرداً علي الكرسي او يشارك آخرين في الجلوس عليه..&

ثانياً.. لأن معظم المبادرات التى أقرها الحوثيون ووافقوا عليها وتعهدوا ىبتنفيذها بعد إبراهما مع سلطة البلاد الشرعية ثم أنقلبوا عليها، كانوا يقدمون علي ذلك وهم علي ثقة أنه يدعمهم ويقف في نفس الخندق معهم..&

ثالثاً.. لأن معظم التقارير أصبحت تميل إلي إستنباط أنه شجع، عن طريق تحالفاته القديمة وما تحت يده من أموال وما زرعه من ولاءات فردية لشخصه وعائلته، علي إنضمام العديد من قيادات القوات المسلحة اليمنية بما تحت يدها من قوات إلي معسكر تحالفه مع الحوثي..&

رابعاً.. لأن هذه المشاركة تتعارض مع تحالفه الحالي مع الحوثيين، بعد ما كان بينه وبينهم من إقتتال دموي دام لعدة سنوات قبل أن يخلعه الشعب، وتكشف الستار عن إمكانية أن يواصل تحالفه معهم في الخفاء من أجل مصالح شخصية بعيداً عن مصلحة اليمن العليا..&

خامساً.. لأن العديد من قادة الألوية العسكرية الذين إقتنعوا مؤخراً بأن ما قاموا به من تأييد له ولتحالفه مع الحوثي، كان ضد مصلحة البلاد وأشغل الحرب ضد تماسك نسيجها المجتمعي والوطني، سيرفضون مشاركة علي أي مستوي..&

إضافة إلي ذلك..

أميل إلي الإعتقاد أن الإدارة الأمريكية لم تعد راغبة في بقاءه أو مشاركته، للأسباب التالية..&

1 – لأنه إلي جانب الحوثي يمثل ورقة ضغط في يد إيران، لن تسمح لها واشنطن ان تستثمر علي اي مستوي لكي لا تتكسب طهران من ورائها نقطة تمثل ثقلا في ميزان جولاتها التفاوضية حول ملفها النووي قبل نهاية الشهر الحالي..&

2 – لأن التحالف الذي تقوده السعودية لن يرضي بأي حال من الأحوال أو وفق أي صيغة من الصيغ أن يعود " الرئيس المخلوع " إلي الواجهة مرة ثانية..&

3 – لأن حزبه – المؤتمر الشعبي العام – الذي يمثل الرئيس الشرعي عبد ربه المنصور، قادر علي الوصول معه إلي ترضية تبعده عن المشهد السياسي من ناحية وربما تضمن له ملجأ سياسي في سلطنة عمان او دولة قطر من ناحية ثانية..&

في المقابل..&

أزعم أن التحالف الذي تقوده السعودية عندما يبدأ في الترتيب لعقد جلسات التنسيق السياسي في الرياض برعاية دولية – إستجابة لرؤية الدول الكبري، سيسمح لكافة الأطراف بما فيهم الحوثيون بالمشاركة علي قدم المساواة، ولن يؤثر في ذلك غياب شخص علي عبد الله صالح عن المشهد!! بل هناك من يري ان عدم مشاركته قد تكون واحدأً من الاسباب التى تيسر السبل للوصول إلي اتفاق سلام وإلي مصالحة تقود لتشكيل حكومة وطنية إئتلافية قادرة علي قيادة سفينة اليمن في المرحلة القادمة..&

وأضيف ان نجاح العمليات العسكرية من جانب وجهود القبائل وزعماؤها وحكماء المجتمع اليمني ككل من جانب آخر، في إقناع الحوثيين بالمشاركة في جلسات التفاوض والمصالحة تلك بعد تسليم ما بقي لديهم من أسلحة، سيُهيأ مسرح هذه الجلسات لحجم أقل من الإختلاف والعناد وقدر أقل من تضارب المصالح وتعاظم الأنا، إذا لم يكن الرئيس اليمني المخلوع حاضرا أو حتي ممثلاً فيها..&

لأن البديل.. وأقصد هنا إصرار علي عبد الله صالح علي المشاركة ومواصلة رفض الحوثيون للإزعان لمطالب مصلحة اليمن كوطن ودولة، سيقود إلي تقسيم اليمن كما قالت صحيفة الإندبندنت يوم 17 من الشهر الحالي!! الأمر الذي ترفضه السعودية والدول العربية مجتمعة وكذا الدول الكبري، التى أعتقد جازما أنها ستضع كافة امكانياها لمنعه.. إلا أذا كانت تخطط لإشعال حرب إقليمية في المنطقة!!..&

* استشاري اعلامي مقيم في بريطانيا

[email protected]

&