إن الحديث عن القاعدة في اليمن يعني الحديث عن إمتدادا ألتنظيم المركزي في افغانستان، أن لم يكن بديلا له. وتأتي اهمية فرع اليمن من خلال قياداته ابرزها زعيمه ناصر الوحيشي الذي كان مقربا من بن لادن. أما وكالات الاستخبارات فقد كشفت عن اختيار ناصرالوحيشي من قبل مجلس الشورى نائبا للظواهري. هذه التسريبات جائت في اعقاب قرار إدارة اوباما بغلق سفاراتها في المنطقة شهر أوغست 2013 وأعتراض وكالة "ناسا" وكالة الامن القومي الاميركية ألى مكالمة مابين الظواهري وألوحيشي.

اقتحم مسلحو تنظيم قاعدة اليمن فجر يوم 2 ابريل 2015 السجن المركزي في مدينة "المكلا"، محافظة حضرموت اليمنية وقاموا بتحرير 300 سجينا، أحدهم "خالد باطرفي" احد قادة التنظيم والموقوف منذ أكثر من أربعة أعوام. إن هروب معتقلي القاعدة من المعتقلات اليمينة المركزية، لم تكن هي الاولى، فكانت هناك عمليات هروب وتهريب من سجن الامن السياسي المركزي وسط العاصمة صنعاء عام 2006 والتي تضمنت فواز الربيعي والريمي وغيرههم من القيادات. إن عمليات تحرير المعتقليين دائما تستهدف اخراج قيادات التنظيم وربما من الخط الاول وفق ماكشفته تحقيقات استخبارات الحكومة اليمنية.

هذه العملية تعيد للاذهان ايضا "غزوات كسر الاسوار"عام 2012عند تنظيم "الدولة الإسلامية" داعش.

&

القاعدة في اليمن هي الاخطر

يعتبر تنظيم القاعدة في اليمن هوالاخطر وينشط في محافظات "أبين وشبوة وحضرموت". مثل اليمن انطلاقة أول نشاط "جهادي" علني للقاعدة عام 1989 بقيادة أبو الحسن المحضار من جبال "حطاط" في "أبين" ذات الموقع الأستراتيجي. وتعتبر "ابين" مسقط رأس ناصر الوحيشي زعيم القاعدة في اليمن وكذلك انور العولقي الذي وصف ب"ملهم" القاعدة أما حضرموت شمالا فهي مسقط رأس بن لادن. القاعدة في اليمن قاتلت الجنوبيين في عدن عام 1990 ودخلت بعض قيادتها القصور الرئاسية. الجماعات المسلحة و"الجهادية" وبضمنها القاعدة، لم تكن بعيدة عن المتغيرات السياسية في اليمن، واستخدمت ورقة ضغط بين الاطراف السياسية. مايدعم هذه الفكرة هو ان اطراف سياسية في اليمن خلال التفاوض حول مخرجات الحوار الوطني عام 2013 دعت للتفاوض مع القاعدة. ومايميز القاعدة عن غيرها خصوصا في اليمن، إن شخوصها وقياداتها معروفين وتتحرك على الارض واحيانا تظهر داخل تجمعات شعبوية في الشارع اليمني. يقول الدكتور الباحث أكرم حجازي في دراسته بعنوان "قراءة في ذهنية القاعدة وحروبها" بأن هناك حرب أمنية للقاعدة لا تخلو من مخاطر وغموض طالما أنها تقع في مستويات استخبارية. إلا أن القاعدة أعدت لها رجالها وخبراءها ومختبراتها وأدواتها كما تتحدث مجلة Inspire. والعجيب أنها حرب مكشوفة لم تعد تخفي فيها القاعدة نواياها ولا تهديداتها ولا وسائلها، والأسوأ من هذا وذاك أنها حرب تتسم بالعناد وتنزع إلى التحدي".

&

اليمن أرض "مدد وجهاد"

تخضع اليمن مقاتلي القاعدة الى محاكم قضائية غير عسكرية لمن يقع بين ايديها وتمنحهم حق الدفاع في المحاكم. فألقاعدة في اليمن لها خصوصيتها من حيث التكوين والرمزية والبنية التنظيمية والولاء العقائدي. وهذه الاسباب مجتمعة كانت وراء انحسار تنظيم "الدولة الإسلامية" في اليمن وكان حضوره خجولا. فأعلن أنصار التنظيم في جزيرة العرب منتصف فبراير 2015، عن تشكيل كتائب مسلحة تتخصص في قتال خصومهم في صنعاء وذمار، وأضافوا أنهم يعلنون نقض البيعة من أيمن الظواهري، ومبايعة "إبراهيم بن عواد البغدادي" ولم يتسنى لموقع سايت الذي يتابع الجماعات "الجهادية" التحقق على الفور من صحة البيان. فأليمن كانت ارض "مدد" لكنها اليوم تحولت الى ارض "جهاد"، أما "ابين" فلها خصوصيتها. وتعتبر محافظة البيضاء إحدى البوابات الرئيسية لدخول المحافظات الجنوبية، وخصوصا "لحج وأبين وشبوة" ذات الطابع القبلي.

بات التنظيم حريص على التفاعل مع الشارع اليمني مستغلا الطيبعة الجغرافية والقبلية. ومن بين استثنائات القاعدة في اليمن انها قدمت اعتذارا الى اهل اليمن وضحايا عملية اقتحام مبنى وزارة الدفاع. العملية تضمنت مهاجمة القاعدة الى مجمع وزارة الدفاع في صنعاء، باب اليمن يوم 5 ديسمبر 2013 وأسفرت عن سقوط 56 قتيلا وعشرات الجرحى. نفذ التنظيم خلال شهرمايس 2012 ايضا عملية انتحارية ربما كانت الاعنف، عندما فجرإنتحاري نفسه وسط سرية من الجنود خلال تمارين لعرض عسكري في ميدان السبعين بوسط صنعاء ما أسفر عن مقتل 96 عسكريا واصابة حوالي 300 آخرين. نفذ العملية شاب يدعى "هيثم مفرح" وهو من سكان حي "مسيك" التابع لمديرية "شعوب" في العاصمة صنعاء، هذا الحي يعتبر حي "الجهاد" في صنعاء وغالبيته من الفقراء ولايترددون بأعلان ولائهم الى القاعدة في جلساتهم واحاديثهم.

صعدت القاعدة في اليمن من نشاطها خلال المرحلة الإنتقالية في اليمن مع إنعقاد جلسات الحوار الوطني في صنعاء 2013. فألقاعدة تستثمرالخلافات السياسية في اليمن وهي تترقب مايجري من تطورات سياسية ابرزها الحوارالوطني. القاعدة في اليمن هي الحاضر الغائب في المشهد اليمني. يعتبر فرع القاعدة في اليمن من اخطر فروع القاعدة وربما يمكن اعتباره البديل للتنظيم المركزي في افغانستان، بعد ان تعرض الى الانشقاق والتصدع. إن عملية تحرير سجناء "المكلا" حضرموت تبعث برسالة الى ان التنظيم مازال فاعلا ولم ينقرض، وانه قادر على تنفيذ عمليات أنتحارية في اليمن.

&

*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبار

&