شئنا أم أبينا صار الاتفاق النووي بين إيران والغرب حقيقة، على العرب التعامل معه بشيء من الحكمة، تبعات هذا الاتفاق قد يقلب التوازنات في المنطقة رأسا على عقب ، ثمة تغيير قادم، على العرب الاستعداد له، وحتى يأتي شهر يونيو 2015 موعد إبرام الاتفاق النهائي يبقى السؤال ماذا نحن فاعلون ؟ وكيف سيكون سلوك إيران إزاء دول المنطقة؟ هل ستواصل إيران تحقيق حلمها في إعادة الامبراطورية الفارسية خاصة أن أحد قادتها قال إن بلاده أصبحت إمبراطورية تتحكم في عواصم أربع دول عربية.

بداية يجب الأعتراف بأن الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في افغانستان والعراق ثم ما تلاها من موجات ما سمي الربيع العربي كانت إيران المستفيد الأكبر منها فضلا عن إسرائيل وتركيا، كان نظام الملالي في إيران يراقب ما يحدث في المنطقة ، ويتدخل عند اللزوم ، ويلعب بكل الأوراق التي تخدم مصالحه، وتثقل ميزانه في التفاوض حول برنامجه النووي ، وهو يثق أنه سينتصر في النهاية، حاول أوباما أن يخفف من حدة قلق دول الخليج، ودعا قادة دول الخليج العربي إلى كامب ديفيد للتشاور حول الاتفاق النووي، وبعث برسالة طمأنة لإسرائيل، فالرئيس الأميركى مسئول بالدرجة الأولى عن أمن دولة إسرائيل قبل أن يكون ملتزماً بأمن الشعب الاميركي الذى أوصله إلى سدة الرئاسة.

هذه الرسائل الأميركية لا تنفي إحتمالات أن يشعل الاتفاق النووي سباق تسلح نووى في المنطقة حيث تسعى دول المنطقة إلى امتلاك برنامج نووي سلمي، قد يتحول فيما بعد إلى برنامج لامتلاك سلاح نووي وهو ما قد يدخل المنطقة في حسابات معقدة قد يكون لها تأثير على العلاقات العربية مع واشنطن والغرب، وقد يؤجج الصراع الطائفي التي بدت ملامحه في العراق والبحرين واليمن، هذا يؤكد أننا أمام تغيير دراماتيكى، لقد خرج المارد من القمقم ، ولا ندري في أي وجهة سيسير، وكنا بالأمس القريب منزعجين وهو لم يخرج من محبسه بعد.

&

هنا تبرز مسألتان:

الأولى : إن اتفاق إيران مع الغرب يشكل انتصاراً لنظام الملالي على أعدائه في الداخل والخارج وهي مسألة أقرب إلى الصواب.

والثانية : قد يكون الاتفاق رضوخا لمطالب الغرب وبالتالي فهو وصمة عار في جبين طهران لأنه في هذه الحالة سيكون أشبه بوثيقة استسلام.

إدارة أوباما تقول أن الاتفاق يمنع إيران من إنتاج قنبلة نووية، ويضع كل منشأتها النووية تحت الرقابة الدولية، وهذا قول يداري به أوباما عجز إدارته عن اتخاذ قرار بالعمل العسكري ضد إيران، هو يريد أن يحفظ ماء وجههه قبل أن تنتهي فترة ولايته الثانية ليقول للعالم إن هذا النهج أتبعه رؤساء سابقون مثل الرئيس ريتشارد نيكسون مع الصين ، ورونالد ريجان مع الاتحاد السوفيتي السابق.

في يقيني أن إيران لن تجمد مشروعها النووي بل ستواصل تخصيب اليورانيوم، وهي في طريقها إن لم تكن قاب قوسين أو ادنى من إنتاج القنبلة النووية، وستعلن طهران&قريبا إنضمامها إلى النادي النووي، لتفرض واقعا جديدا وتعود قوة إقليمية كبرى، إيران لن تكون دولة مسالمة مثل مصر والسعودية، فهي لها إيديولجية تريد نشرها في العالم العربي، إسرائيل لا يهمها الايديولوجية ، إنها تخشى من الجانب النووى العسكري ، وهى ترى أن الاتفاق لن يحرم إيران من بناء قنبلتها النووية.

إيران باتت خارج الحبس الانفرادي الذي فرضه عليها الغرب لنحو ثلاثة عقود ، تسستطيع شراء أحدث انواع الاسلحة ، يمكنها إعادة هيكلة انتاجها النفطي لتنتج يوميا عشرة ملايين برميل من النفط أو اكثر، الغرب سيخطب ودها وسيرضخ للغة المصالح، نفوذ الحرس الثوري يتزايد في سوريا والعراق واليمن وهي لم تخرج من عقالها بعد ، والواضح أن هناك اتفاقا وتفاهما بين واشنطن وطهران حول سوريا ولبنان والعراق واليمن الأمر الذي يجعل القادم غاية في السوء، والأيام والأسابيع والشهور المقبلة مملؤة بالمفاجآت.