بثت محطة سي ان ان الإخبارية الأميركية، الأحد الموافق 3 مايو آيار الحالي، مقتطفات جديدة من مقابلة الإعلامي فريد زكريا مع العاهل الأردني عبد الله الثاني، والتي أجراها آواخر شهر شباط الماضي، ركزت على رؤية جلالته فيما يتصل بالحرب ضد عصابة داعش الإرهابية.
&
وردا على سؤال يتعلق بكيفية نشوء داعش قال الملك هذا هو السؤال الجوهري. أعني أن هناك الكثير من نظريات المؤامرة تتردد هنا وهناك. لكن لا توجد إجابة واحدة محددة. من وجهة نظر الأردن، فقد رأينا عصابة داعش قبل عامين تقريبا تتشكل في الرقة، في شمال سوريا، والتي تعد مقرها الرئيسي. وما كان مثيرا للاهتمام أنه بينما كانت تتشكل وتقوى، لم يتعرض لها أحد، فالنظام كان يقصف الجميع إلا داعش، وهو الأمر الذي أثار الكثير من الاستغراب. لماذا كان يسمح لهم بتعزيز وجودهم؟ كان أحد التفسيرات بشكل واضح أنه بوجود إدانة دولية للنظام، فقد كان هناك سعي إلى إيجاد طرف أسوأ منه في منظوره، بحيث يميل الرأي العام إلى النظام، وقد نجحوا في ذلك.
&
علاقة داعش مع دمشق:
&
منذ ابريل 2013 تظهر أدلة يومية تؤكد ان هناك تنسيق وتعاون بين نظام دمشق وداعش.
&
بتاريخ 24 نيسان 2014 أشارت صحيفة التايمز في لندن لتورط اللواء علي مملوك، مسؤول أمني كبير سوري والعقيد حيدر حيدر في التنسيق مع داعش لتسهيل انضمام 2500 مقاتل عراقي إلى داعش في منطقة حلب.
&
ثم تناقلت وكالات الانباء بتاريخ 14 ايلول 2014 خبرا مفاده "أن ايران انضمت إلى جهود العرقلة التي تقودها كل من موسكو ونظام الأسد، لمنع تشكيل تحالف دولي يكلف بمواجهة التطرف والإرهاب الذي يمثله تنظيم داعش في كل من العراق وسوريا.
&
ويأتي الموقف الإيراني، بحسب ما نقلته وسائل الاعلام قبيل مؤتمر دولي تستضيفه العاصمة الفرنسية باريس، ويبحث تقاسم أدوار الدول المشاركة في الحرب المعلنة على التنظيم".
&
يحق لنا التساؤل لماذا تعارض دمشق وطهران وموسكو استعمال القوة العسكرية ضد داعش؟ وهناك تساؤلات كثيرة تعزز الشكوك ان داعش وايران ونظام دمشق في خندق واحد.
&
وثمة اسئلة أخرى، مثلا لماذا لا تهدد داعش ايران؟ لماذا لا تزحف داعش الى دمشق بدل استهداف قرى كردية وعراقية؟ لماذا لا تقاتل داعش جيش الأسد بدل مقاتلة الجيش السوري الحر؟ لماذا لا تسقط البراميل المتفجرة على داعش بدل من سقوطها على المدنيين؟
&
التهديدات السورية للأردن:
&
اتسم الموقف الأردني ازاء الوضع في سوريا بالحذر ورغم ذلك لا يزال الأردن يتعرض للتهديدات السورية المباشرة والمبطنة.
&
العلاقة الأردنية السورية لم تكن ممتازة فالتآمر السوري ضد الأردن موثق ومعروف ويعود لعقود من الزمان. تهديدات سوريا للأردن لم تتوقف وليست جديدة ورغم النفي والتنصل. كلنا نتذكر أن آصف شوكت رئيس الأركان السوري للشؤون الاستخباراتية وجه تهديدا في اكتوبر تشرين اول 2011 بتوجيه ضربة عسكرية للأردن قبل أن قضى في عملية تفجيرية استهدفت مبنى الأمن القومي في دمشق يوم 18 تموز 2012. وفي اواسط مارس آذار 2012 وأمام الموفد الدولي كوفي عنان هدد بشار الأسد الأردن والسعودية.
&
وكشف بشار الأسد نفسه عن طبيعة النظام السوري الشريرة والعدائية للجميع باستثناء اسرائيل عندما هدد قبل ثلاثة اعوام بأن الفوضى التي «ستدب» في بلده سوف تعم المنطقة كلها، وأن العنف الذي يعصف بهذا البلد سوف ينتقل إلى دول الجوار مثل لبنان والأردن وتركيا.
&
الأردن جار لسوريا جغرافيا وما يحدث في سوريا يهم الأردن استراتيجيا. والأرض الأردنية تبقى مفتوحة لاستقبال المزيد من السوريين الهاربين من عنف الدولة. كما استقبل الأردن مئات الأ لوف من العراقيين وقبلهم ملايين من الفلسطينيين. الأردن بلد منفتح كريم ومعطاء ورغم كل ذلك هناك جوقة لا تتوقف عن التشكيك في المواقف الاردنية لاغراض خاصة بها واجندات معادية للأردن.
&
عبدالله الثاني أول قائد عربي يطلب من بشار الأسد التنحي:
&
في اواسط نوفمبر تشرين الثاني 2011 طلب الملك عبدالله الثاني ملك الأردن من بشار الأسد التنحي من السلطة من اجل سوريا ومصلحة سوريا. الملك عبدالله الثاني كان اول زعيم عربي يتجرأ على توجيه النصيحة لبشار الأسد للتنحي من منصبه. ورغم ردود نظام دمشق الصبيانية بمهاجمة السفارة ثم الاعتذار مما يدل على تخبط الموقف السوري وفشله في ادارة الأزمة الا ان رسالة الملك واضحة أنه لا مستقبل للنظام الذي اجتاز نقطة اللاعودة. في مقابلته مع البي بي سي بتاريخ 14 نوفمبر 2011 وبلغة مسؤولة وبروح المحبة لسوريا والشعب السوري قال العاهل الأردني: لو كنت مكان بشار الأسد لتنحيت من اجل مصلحة سوريا. وما قاله الملك استحوذ على اهتمام اعلامي عالمي.
&
عندما يتكلم الملك عبدالله في المحافل الدولية العالم يصغي ويستمع لأن كلامه العقلاني لا يأتي من فراغ بل من قناعات مدروسة تعكس براغماتية وتقدير عميق للتغيرات الجيوسياسية وتسونامي التغيير الذي يعصف بالمنطقة.
&
على سبيل المثال تصدر نبأ ما قاله الملك المواقع الالكيترونية وعلى رأسها موقع ايلاف ومواقع اعلامية اخرى وصحف عربية وعالمية بارزة. وخصصت الصحف البريطانية مساحات واسعة لما قاله العاهل الأردني. خصصت الفايننشال تايمز البريطانية كلمة رئيس التحرير لهذا الموضوع. كما ظهرت تصريحات الملك كخبر بارز في صحف الاندبندنت والتايمز والديلي تلغراف البريطانية. وحتى في النيويورك تايمز ظهر مانشيت كبير يقول: "ملك الأردن اول زعيم عربي يقول للأسد عليك ان تذهب"
&
النظام السوري يترنح ويتخبط ويواجه هزيمة وسقوطه بات قريبا.
&
&
&
لندن