التّقسيم الطائفي ليس حديثاً في سوريّة، لكنّه لم يكن واضحاً مثلما هو اليّوم، وكان مقصوراً على فئات متشدّدة لم تنل قسطها من التّعليم متمسكّة بالطّائفة كنوع من الحماية الاجتماعيّة، كان هناك تعامل مقبول على مستوى الأشخاص، لكن: لا تزاوج، لا صداقة عميقة، وسخرية من عقيدة الأخر وتكفيره ليس إلى حدّ القتل.&

الحالات الفرديّة التي تمّ فيها تزاوج بين أبناء الطّوائف لا تعبّر عن المحتوى العام للمجتمع، وربما عزل أفراد تلك الحالات عن مجتمعهم الأصلي قد تمّ حقيقة. ومع هذا لم تكن ظاهرة الحجاب أو الجلباب موجودة سوى في مناطق محدودة، فأغلب نساء جيل السبعينيات كنّ سافرات، وحتى أنه كان توجه لدى بعض الشّرائح الاجتماعية إلى تخطي الطوائف، وحتى تخطي قانون الأحوال الشخصية.&

بدأ إحياء الطّائفيّة منذ الإبادة الجماعيّة لمدينة حماه، والتي لم يكن أبناؤها مشاركين للإخوان، ولم يتضرّر الكثير من الإخوان، وقعت الكارثة على العزّل، وتم قصف المساكن دون رحمة.، وتمّت الإبادة الجماعيّة.

كما بدأ أسلوب الحجاب يتغيّر مع إرغام النساء على خلعه، وتمزيقه من قبل سرايا الدّفاع بأمر من رفعت الأسد الذي كان الحاكم الفعلي للشارع، كما أنه تم فيما بعد تشكيل ما يدعى" القبيسيّات" من قبل النّظام.

إضافة إلى أنّ أئمة الجوامع يجب أن يكونوا بعثيين، وزعماء الطّوائف أيضاً، وهذا ما جعل كلّ الطّوائف مشاركة للدكتاتوريّة عن طريق زعمائها، المعينون أو المنتخبون، فهناك لعبة تدار وقودها النّاس البسطاء. ترافق هذا مع تراجع التّعليم، وانتشار الأمية لأنّ القائمين على التّعليم لا يختارون وفق مصلحة العلم، بل من الذين يحظون بالواسطة سواء عن طريق الدفع أو النفوذ، وقد تخرجت أجيال لا تجيد القراءة والكتابة إلا من اعتنت به عائلته في المنزل.

الدكتاتورية في سوريّة ليست مختلفة عن دكتاتوريات العالم. أدخلت الطائفية إلى غرفة الإنعاش، وشجعت الجهاديين الذاهبين إلى العراق، كانت إيران هي المسؤولة عن هذا الملف. يأتون إلى لبنان ثم سوريّة فالعراق، وهم ما يدعى" الدّولة الاسلاميّة الأن".

ملف الدكتاتورية لا يمكن فصله، فقد أيّد حزب البعث هتلر في حرق اليهود، وهاهم الدكتاتوريون العرب يدعمون النّظام، ولأن الدكتاتوريّة العربية ضرورة اقتصاديّة للغرب، والمافيات التي تحكم العالم، وتدير الاقتصاد في العالم الغربي معنيّة باستمرار الدكتاتورية، كما أنّ الدكتاتوريّات العربية على علاقة وثيقة بتلك المافيات، وملفّ الطائفيّة المبتكر في الوطن العربي، من أجل ترويج تجارة السّلاح، والقضاء على الشّعوب التي تحمل خلفيّة حضارية، وهذا ما جعل سوريّة هي المكان الأسهل، عندما توفق أمريكا رأسين بالحلال" السّعودية، وإيران" يكون من تحاربوا تحت شعار الطوائف قد كانوا حطباً، فداعش هي مجرّد رواية مؤلفّها عربي غربي لم يفصح عن اسمه كي يتمكن من تجنيد الشّباب الضائع، وسوقه نحو القتل، ولا عجب أن نرى تلك الوحشية التي نراها. هي جزء ن ثمن ندفعه اليوم، فقد كنّا مشاركين إما بوجودنا ضمن مؤسّسات السّلطة، أو مروّجين لأفكارها، كان نصر الله على سبيل المثال هو البطل من قبل الفئات السّورية التي تتصدّر المشهد السياسي. نحن اليوم أمام مشهد عالمي على الأرض السوريّة تظهر فيه كلّ الأشياء المرعبة. هي الحرب العالمية الثالثة" حرب الطوائف".