تحول بعض المساجد في إقليم كردستان إلى بؤر لتغلغل الإرهاب، وبث النعرة التكفيرية والجهادية المتطرفة و التحريض على العنف بكل أنواعه واثارة الفتن والتناحر والكراهية بين المسلمين ونشر افكارهم المسمومة والتكفير والتشهير بالاخرين زورا وبهتانا، إذ لا يختلف إثنان في الإقليم اليوم على أن الكثير من المساجد تحولت إلى مكان للدعوة والتبليغ والتبشير والتنظير بعد أن سيطر عليها بعض الأحزاب الإسلامية الكردستانية واستخدموا عددا من اشباه الأئمة والخطباء من الذين لا يمتون بصلة للاختصاصات الدينية في المساجد لأغراض سياسية بحتة، فيما لم تقدر وزارة الاوقاف والشؤون الدينية عواقبها الوخيمة.

نعم... لقد عمل ولايزال يعمل بعض أشباه الأئمة والخطباء والدعاة المستولين على المساجد في الاقليم إلى نشر الفكر التكفيري باسم (الجهاد في سبيل الله), وان اعترافات الضالعين في التفجير الذي استهدف ناحية عنكاوا في 17/4/2015 خير دليل على ذالك، حيث اعترف المتهمون بانضمامهم إلى تنظيم داعش الارهابي وأنه تم تجنيدهم عن طريق المساجد التي يسيطر عليها أئمة متشددون يبثون خطابات تحريضية تكفيرية جهادية مقيتة، بالاضافة الى ان غالبية خريجي المعاهد والمدارس الإسلامية في الاقليم التحقوا بـ(داعش) ومنهم الارهابي( شوان صلاح محمد ) المعروف بـ(ملا شوان الكردي ) والذي كان خطيب جامع قصبة ( داره توو ) في اربيل التحق مع عائلته وعدد من طلابه بتنظيم الدولة الإسلامية ـ داعش ـ بعد ان سيطر على مدينة الموصل، وهو مخطط وقائد هجوم داعش الارهابي على كركوك والذي هدد في مقطع فيديو مصور باحتلال كركوك واربيل في ليل 29 على 30 من كانون الثاني الحالي معلنا أن مسلحي داعش سيدخلون كركوك في يوم الجمعة..&

لقد حذرنا الجهات المعنية في اقليم كردستان من خلال كتاباتنا وملاحظاتنا المتواضعة والنابعة من معايشتنا الميدانية لواقع مراكز الدعوة والإرشاد والدعاة والمساجد والمدارس الاسلامية وقلنا : إن أغلب المساجد في اقليم كردستان تمارس دورا سياسيا من خلال خطب أئمتها الموجهة والخطيرة، ولكن وللاسف أن الجهات المعنية في الاقليم ومنها وزارة الاوقاف والشؤون الدينية تساهلت مع منتحلي صفة إمام مسجد واقتصر الأمر على توبيخهم وإنذارهم وتحذيرهم فقط.

لقد حذرنا وقلنا بان الغول "الداعشي" الكردي نائم في الاقليم وسينهض في اللحظة المناسبة وعليه&إن المواجهة مع الإرهاب ينبغي أن لا تقتصر على استخدام السلاح ومقاتلة عناصره فقط، وانما لابد من حشد كل القدرات والامكانات المادية والمعنوية وفي مقدمتها وسائل الاعلام ( المرئية والمسموعة والمكتوبة ) لخلق رأي عام مناهض للإرهاب ومساندة قوات البيشمركة في معركتها المصيرية و توخي الدقة والمسؤلية الوطنية والاخلاقية والدينية في التغطيات الاعلامية وعدم الإنجرار إلى المهاترات أو أي شكل من أشكال التوظيف السياسي أو الحزبي أو المذهبي للأعمال الإجرامية التي يرتكبها الإرهابيون القتلة في اقليم كردستان ومناطق العراق الاخرى.

جيل يحمل في داخله بذور العنف والتطرف وعدم التسامح:&

أعلن اقليم كردستان عن إعتقال خلية ارهابية تنتمي إلى تنظيم داعش مكونة من ( 5 )ارهابيين، من منفذي تفجير عينكاوه الذي وقع أمام " كافتريا نيلي" قرب القنصلية الامريكية في مدينة اربيل قبل اسبوعين, وجاء في بيان صادر عن المديرية العامة للأمن ( الاسايش ) في إقليم كردستان أن أربعة من الإرهابيين هم من سكان اربيل والخامس من سكنة كركوك عربي القومية...

ومن الملفت للنظر إن أحد منفذي التفجير من مواليد 1990 اربيل،&خريج كلية الهندسة قسم الميكانيك في جامعة صلاح الدين.

وقال المتحدث السابق باسم وزارة الاوقاف في حكومة اقليم كردستان مريوان نقشبندي، حالياً مدير العلاقات العامة في الوزارة، قال إن كل الشباب الذين ينضمون للتنظيمات المتطرفة وخاصة داعش هم يلتحقون بإسم (الجهاد)، وان المساجد ليست مكان لتخريج المتشددين بل هي مكان (للقاءاتهم وتعارفهم).

وعليه حمّل مراقبون سياسيون وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مسؤولية إنتشار الأفكار المتطرفة، لعجزها عن مراقبة المساجد والمدارس الدينية التي تتم فيها لقاءات المتطرفين وإجتماعاتهم وإستغلالهم للشباب العاطلين.

كما حذر المراقبون والمحللون السياسيون من خطورة "نشوء جيل مفكك يسهل اختراقه بثقافات الانحراف والاجرام والتكفير والجهاد والغاء الاخر.... جيل يؤمن بالسلاح بدلا من الحوار والقتل بدل الحياة والحرب بدل السلام...جيل يحمل في داخله بذور العنف والتطرف وعدم التسامح.

ضرورة مراجعة المناهج الدراسية مراجعة حقيقية لمواجهة التطرف والارهاب:&

أن وضع قطاع التعليم في إقليم كردستان بشكل عام ( يقتضي إجراء وقفة موضوعية وجدية ومسؤولة، لتقييم المقررات الدراسية، والمناهج الدراسية المعتمدة في العملية التعليمية والتربوية، وتحديد أماكن الضعف والخلل، لان وبكل بساطة أن حكومة الإقليم سخرت الإمكانات والوسائل الضرورية للبرنامج الاستعجالي (برنامج لتطوير قطاع التعليم)، إلا أنها لم تبدأ في تنفيذه إلا في السنوات الثلاث الأخيرة وعليه أن المناهج التربوية في اقليم كردستان والطرق التي يعتمدها الُمدرسون في تلقين المعارف لُطلابهم لا تستجيب لتطوارت حقل المعرفة الحالية, بالاضافة الى ان هناك حاجةُ ملحة اليوم، بسبب التطور التقني والتكنولوجي الكبير في مجالات المعرفة الُمختلفة، لإدماج مفهوم التربية في العملية التعليمية، بحيث لم يعد الُطلاب بحاجة للمعارف الجاهزة لاستهلاكها، بل إلى تعلمُ طرق تحليل هذه المعارف وتمحيصها، وتمكينهم من مبادئهم (التعلم الذاتي).

وعليه من الضروري جدا أصدار قرار بتشكيل لجنة من الخبراء والمتخصصين لتطوير مناهج التعليم ووضع آليات لمراجعة مناهج التعليم الجامعي وما قبل الجامعي وخطة شاملة لتقييم هذه المناهج وتطويرها وتجديدها بما يتناسب مع كل مرحلة تعليمية لمواجهة المناهج، التى تحرض على ممارسة الارهاب والتطرف العنف.

كما يجب اعداد برامج تعمل على تحفيز القدرات الإبداعية للطلاب وتوسيع الخبرة ومساحة الرؤية التي تفعّل عملية التفكير لدى الطلاب وتساعد على تنمية ذكائهم وانفتاحهم على الثقافات الأخرى، بدلا من إرساء نموذج يكتفي بتلقينه المعارف عبر الحفظ دون فهم عميق لما يتلقونه من معلومات متضاربة تضر ولا تنفع، وتؤخر ولا تقدم...!!&

وعلى هذا نخلص إلى القول, بأن من الضروري إعادة النظر في أساليب وطرق التربية والتعليم وتطور الفكر التربوي من اجل غرس وتعزيز روح المواطنة وتعميق الولاء والانتماء للوطن والقيم الانسانية والإيمان بالأخوة الإنسانية الحقيقية والقائمة على الحق والعدل والمساواة وقبول الاخر، والتمسك (بحب أرض الوطن ) وكل ما عليها عند الطلبة بشكل خاص حتى لا يقعوا فريسة سهلة لمروجي الأفكار المنحرفة والمتطرفة ويشاركوا في بناء الوطن بدلا من ان يتم استخدامهم كادوات لهدمه كما يحصل الان وللاسف.

.ومن جهة اخرى يجب ان نكون صارمين جدا في وجه قوى التطرف، وحازمين جدا وجادين في مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف العفن وفق ما يقضي به القانون في اقليم كردستان وان نجعل من المساجد ومنابرها مواقع مواجهة وتصدي حقيقي للارهاب والارهابيين، وأن لا يكون بعضها منابع لهما كما يحصل الان في مساجد بعض المناطق والمدن في اقليم كردستان بالاضافة الى اصدار قانون يمنع ممارسة العمل الحزبي في المساجد ووضع خطط لتثقيف رجال الدين كي يلعبوا دوراً إيجابياً في نشر التسامح والتعايش السلمي بين مختلف المكونات العرقية والدينية والمذهبية, وضرورة تجهيز خطب موحدة ومعدة مسبقا للخطيب وكذلك محاور لمواضيع الخطب حتى يتحقق الهدف من الخطبة،كما هو معمول في كثير من الدول الاسلامية.