يبدو أن الذي قال بأن المصائب لا تأتي فرادى لم يكن مجافياً للحقيقة، وبالرغم من أن القول المأثور تم صياغته من قِبل أكثر من ملة وذلك بما يتلاءم مع واقع كل واحدةٍ منها، وهي متطابقة تماماً مع ما قاله وليم شكسبير ربما بكلماتٍ أقل أو أزود قليلاً عما قاله هو، وهذا ما يحصل للسوريين بحذافيره منذ أكثر من أربع سنوات، إذ فمعروف أن الشعب السوري كان يحاول بداية أن يزيح الطاغوت عن صدره، وأن يجد له مخرجاً يخلصه من استبداد وجور النظام الآثم، فابتلي فوقها بالفصائل المتطرفة بعد تسليح الثورة وامتداد المحنة على الخارطة السورية كلها، ومنها تحديداً تنظيم داعش الذي ابتلى به السوريون ربما نيابة عن عشرات الدول التي تصدر إرهابييها الى سوريا للتخلص منهم هناك، فبالنسبة لهم لا بأس إن كان على حساب الشعب السوري، باعتبار أن السياسية لديهم متجاوزة مفهوم الجمعيات الخيرية حسب قول أحد السياسيين الغربيين، فبناء على عدة معطيات تحولت مرابع سوريا الى فصول جحيمية متتالية أولاً بفضل القابع في قاسيون والمتحالفين معه من جهة وكذلك بفضل التغاضي الغربي عما يحدث هناك، وكذلك تدفق المتطرفين من كل دول العالم الى سوريا لتفريغ شحناتهم العنفية على ترابها، باعتبارها أي سوريا غدت حقل تجارب لكل راديكاليي العالم، والأنكى أنه حتى في دول الشتات التي نزح إليها السوريون لم تنتهي مصائبهم فيها، بل وكأن اللعنة صارت جزءً من حياتهم وهي تلاحقهم أينما حطوا رحالهم، فمن لم يمت ببراميل وقذائف النظام لاحقته سكاكين وحِراب المتطرفين، ومن سلم من الجهتين مات غرقاً في عرض البحار بعد أن رسم في مخيلتهم مهربو البشرِ بأن العبور باتجاه الجنة يمر حصرياً من وسط البحار، ومن لم يجازف لعدم قدرته على السباحة وتأمين السيولة الكافية لحجز مقعدٍ له في المراكب المتجهة الى الفردوس المأمول، وبقي في دول الجوار السوري لا حقته المِحن أيضاً، وهذا ما يحصل لبعضهم الآن في فترة الترويج للانتخابات البرلمانية في تركيا، فمنذ أن أعلن زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كليجدار أوغلو، عن أنه سيقوم بترحيل جميع اللاجئين السوريين من تركيا في حال وصل حزبه إلى الحكم، وذلك في كلمةٍ ألقاها أمام نواب حزبه في البرلمان التركي في وقتٍ سابق، والذي أظهر بوضوح استياءه من وجود اللاجئين السوريين من كورد وعرب في تركيا، والذي قال بأنه في حال إذا فاز حزبه في الانتخابات البرلمانية سيقول لللاجئين السوريين اذهبوا إلى دياركم، وسيخاطبهم قائلاً حسب حزبه: سنقدم لكم كل أنواع المساعدات فقط عودا إلى دياركم، مستكملاً لقد أنفقنا عليكم حتى الآن 5.5 مليار دولار وهي حلال عليكم ولكن كفى، وأمام هذه المستجدات السياسية في تركيا فلعل نتائج هذه الانتخابات التي لم تحصل بعد هي كارثية على بعض السوريين حتى قبل حدوث الانتخابات برمتها، وكيف سيكون الحال عليه إذا ما ربح حزب الشعب الجمهوري في تلك الانتخابات؟ وكأنه ومنذ الآن جاء من يأخذ بمضمون ما أعلنه كليجلار، بل وزادوا عليه حين تم التعامل من قبل الشباب الترك بالعنف المفرط مع بعض السوريين في اليومين الأخيرين، ولعل أحداث حي (بيرم تبه) خير دليل على ذلك، إذ تم الاعتداء على محال السوريين منذ ثلاثة أيام وتم حرق منازل البعض منهم من قبل الشباب الأتراك، ولا يزال الكثير من السوريين لا يتجرؤون على الخروج من منازلهم في ذلك الحي مخافة أن يتم الاعتداء عليهم، هذا عدا عن أن هنالك العشرات ممن زج بهم في السجون منذ بدء الإشكالية، وربما سيتم ترحيل جلهم الى خارج تركيا ليواجهوا محنة أخرى فوق ما كانوا يعانونه، عموماً ما حدث لا يزالُ غيضٌ من فيضِ الانتخابات التركية التي لم تجر بعد، أما ماهي النتائج الكارثية على السوريين فيما إذا فاز حزب كليجدار أوغلو في الانتخابات، فهذا ما ستظهره الأيام الحُبلى بالمفاجآت للسوريين على امتداد الأراضي التركية.