لن ألد يومًا، لكن رحمي ليس متيبّسًا، لن ألد طفلًا مثلي، أبحث له عن جنسية لأخرجه من مستوعبات نفاقكم، لن ألد طفلًا يمسك قلمًا يكتب حكاية عشق لقضية إنسانية فتُقرصَن مشاعره دون حسيب، لن ألد طفلًا يرث عني غبائي، فيؤمن بصداقة في «كاركم» الثقافي الرثّ،،
ولن ألد تلك الطفلة، التي وجهت إليها نداءً في مقال عن نشطاء بريطانيين هالهم أن يروا اسرائيل تسطو على فلسطين في إعلانات سياحية... بريطانيون تتهمونهم بجينات بلفور، أنتم الشياطين الخرس وأبناء وبنات الأفاعي..
... سألد في رحمي الحيّ خيبتي....
كنت دائمًا أقول لنفسي إن ما أفعله أقل واجب.. أن تمسك قلمًا وتقول الحقيقة...
وبعد أن كتبت وتعرفت على النشطاء الأجانب شعرت بصغري، بعجزي، بحقارة جواز سفري، وقلة حيلته، أو لربما قلة حيلتي أنا التي لم تمزّق لبنانيتها، الهبة الفرنسية، إربًا إربَ،،
لكنني أنا، الإنسانة العادية، اللاشيء بمفهومكم ولاإنسانيتكم، أتوجه إليكم اليوم يا هذا البعض، يا تجارًا باسم فلسطين، يا من ولدتم فيها أو من رحمها وحملتم هويتها ولم يحرك تراب أرضها فيكم شيئًا، يا من انبعث هواؤها في رئاتكم،،
وخرجتم تتاجرون باسمها في صروح عالمية أنيقة،
تسافرون وتستمتعون وتترفهون على حساب كسرة خبز يابس تتحجر في أمعاء طفل محاصر، وعلى حساب أم حُقِنت بالمورفين إلى أن ماتت، بعد أن أصرّت على منح جرعة الدم الوحيدة المتوفرة لابنها كي يعيش هو..
بجرأة وراحة ضمير أقول لكم:
أنا فلسطينية أكثر منكم، بلكنتي اللبنانية الرخوة، أقول لكم اليوم إنني بمصداقية حبي رغم ضعفي وانهزامي، وبنسرين أختي ووردتي الفلسطينية الجميلة، أكثر فلسطينية منكم، لا لأنني فعلت شيئًا يُذكر لفلسطين، بل لأنني لم أنافقها، أحببتها بضعفي وقلة حيلتي، لكن أحببتها بصدق..
وجّهت إليكم شكواي، دافعت عن ريتا وإياد بقدر ما دافعت عن مجد وحبّه، بالقوة نفسها، والعزم نفسه، لا لغاية في نفسي، وإلا كنت سقت قضيتهم إلى أروقة البرامج المبتذلة
أو إلى صفحات الجرائد التي طلبت مني أن أكتب أنا، لأن نقادها لا يجرؤون،{ {إستاذ أرسلت لك المواد على أساس أن تقول لي رأيك، شو بدك برأيي عم قلك اكتبي، استاذ انا مش ناقدة ثقافية، لهيك صرلي ايام ناطرة رأيك، شو بدك برأيي - بعد إصرار شديد - رأيي واضح عم قلك اكتبي؟!!}}
لن أربح ولن أخسر أكثر في حساباتكم التي لا تهمني، جلّ ما خسرت هو احترامي لكم،،، (..) ستخسر فلسطين، ستربح بوقًا جديدًا يمتص دماء لاجئيها من جديد..
وللمفارقة، بدموع الخيبة أكتب: ولدت في العشرين من سبتمبر للعام نفسه، أي في غضون أيام قليلة، بحيث عادت أمي بي طفلة في أحشائها من سوريا.. بعد الهزيمة الساحقة التي مني بها العدو الإسرائيلي في بيروت...
«ولدت هنا... ولدت هناك»
لكنني لن ألد أحدًا!! لا في هُناكُم ولا في هُناكِكُم..
سألد بعد الخيبة ومخاضها من رحمها نقمة.. وشرارةً..