إذا استمرت الولايات المتحدة في إعادة تقسيم المنطقة، فإنها قد انجزت الدولة الإسلامية في الشمال والخطوة التالية هي إعلان دولة كردستان، وإعلان دولة العراق الشيعية، والخطوة الجارية الآن هي مكافأة إيران باقتطاع أراض عربية سكانها من الشيعة، وقد بدأت أعمال الفتنة الداخلية في شرق السعودية بهدف إشعال حرب طائفية، وتفجير أمس هو الثاني على هذا المسار. وإذا كانت الولايات المتحدة لم تتستر على الخريطة الجديدة بل وأعلنتها، فهذا لأنها لا تحتاج مع العرب إلى مناورات أو إخفاء للنوايا فقد أعلن منذ عام 2005 عن خريطة الشرق الأوسط الجديد.&

الذي كان صادما للجميع هو أداة التنفيذ لأن الناس بعد أحداث 11 سبتمبر، لم يتوقعوا أبدا ظهور جماعات متشددة بعد التنديد والشجب العالمي لمنفذي تلك الأحداث والحرج الذي شعرت به السعودية، ولولا أن تنظيم القاعدة كان صناعة الاستخبارات الأمريكية وبالتحديد زبغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي إبان رئاسة جيمي كارتر، لتم تلفيق تهم كبيرة للسعودية وضربها أسوة بأخواتها من الدول العربية التي قادت الولايات المتحدة تحالفا دوليا ضدها. نحن على شفير الهاوية بفضل الجماعات المتشددة التي لا نعلم من أين أتت وكيف اكتسبت هذا الزخم وكم من الوقت استغرق إعدادها ككلاب الصيد الماهرة.&

نعود ونقول أنه لولا الخطاب الديني الذي عشش في رؤوس الناس وجعلها تشبه التبن وليس الدماغ البشري، لما سهل على الولايات المتحدة تجهيزهم بهذا الشكل، فالولايات المتحدة لم تخترع أحاديث ولا أدبيات وخطابات دينية تكفر وتهدد بالجحيم وتحض الناس على قطع رؤوس بعضهم البعض، فهذا كله وجدته جاهزا وعلى أهبة الاستعداد، واستغلته ووظفته أفضل توظيف للقضاء على العرب. نعم، هل التي استغلته ومولته ودربته بمساعدة الدول العربية الثرية. نحن لا ننسى أن النساء في البلدان العربية وحتى الخليجية منها في فترة السيتنات والسبعينات ارتدين التنانير القصيرة (ميني جيب) وكن يخرجن سافرات، ويتابعن الأفلام المصرية والمطربين الكبار كعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وأم كلثوم وغيرهم، وفجأة ظهر ما يسمى بالصحوة الإسلامية وفرضت أدواتها على الناس. هل كان للنفط دور في ذلك التوجه؟ الله أعلم.&

ما من عربي لديه ذرة من انتماء إلى الوطن العربي إلا ويتملكه ذعر رهيب وأسئلة تدور في رأسه ليلا نهارا: هل سيؤسس الشيعة العرب دولا مستقلة لهم مرتبطة بإيران؟ هل ستكون مكافأة إيران المزيد من النفوذ والتوسع في الدول العربية؟ هل هناك أمل في عودة العراق إلى الصف العربي؟ هل ستقسم سوريا ويبقى الأسد حاكما على ما يتبقى من سوريا تحت الوصاية الإيرانية؟ هل صرف العرب والعالم النظر عن القضية الفلسطينية؟ هل ستقسم ليبيا؟ ماذا سيحل في اليمن والبحرين؟&

إذا بقينا ننتظر كما انتظرنا وقت احتلال العراق وجبُنَّا وتراجعنا وتركنا العراق لإيران، فإننا سنترك مناطق عربية أخرى لإيران. وهذا ليس مجرد مخاوف بل إنه يحدث حاليا على أرض الواقع. أين المجتمعات المدنية؟ أين المثقفون العرب لينشروا ثقافة السلام ومحاربة التطرف والطائفية ونشر العلمانية؟ هل سيظلون خائفين؟ على الأغلب أنهم خائفون، وكلنا ذاك الرجل، نفكر ونخاف أن ننفذ لأن هناك مخاطر أمنية كثيرة ولا أحد يضمن السلامة لمن يقود حملة لمحاربة الطائفية ونشر العلمانية وتوضيحها للناس ممن يعتقدون أن العلمانية هي مرادف للكفر. ولكن لا بد من قيام المجتمعات المدنية بتنفيذ حملات لمحاربة الطائفية ونشر العلمانية بكافة السبل، وإلا فإن إيران ستلتهم أرض العرب من ثغرة التفرقة الطائفية وتساعدها في ذلك الولايات المتحدة التي أتت بالدولة الإسلامية لكي تحشد الشيعة على التصرف المماثل، ولا ننسى أن المتحالفين مع إيران من العرب كثيرون وهم يتحدثون في بيوتهم اللغة الفارسية ويعلقون صورة الخميني.&

هناك ضرورة قصوى لمحاربة الطائفية ونشر العلمانية لأنها صمام الأمان وحماية للشباب من التغرير بهم. ولا بد من تظافر الجهود العربية للتعاون ليس فقط عسكريا ولكن مدنيا أيضا.&

&