واحدة من اكثر حقائق التاريخ السياسي لدولة العراق وعبر كل مراحل الحكم والانظمة التي مرت عليها وبها، إن ما من احد عادى كوردستان وشعبها وحركتها التحررية إلا وخسر المعركة آجلا أم عاجلا، سواء بانهيار نظامه كاملا كما حصل لمعظم من تولوا حكم العراق، أو تمت تصفيته بانقلاب أو محاكمة كما حصل مؤخرا للرئيس الاسبق صدام حسين ورجال حكمه، بنهاية مثيرة ومخزية، وليس غريبا أن يصف الشيخ الجليل الدكتور احمد الكبيسي تلك الحقيقة قائلا:

" كلهم عادوا البارزاني وحركته وشعبه وكلهم ذهبوا وبقت كوردستان وشعبها وانتصرت وخسروا هم كل شيئ! "

والغريب إن البعض لم يفهم الدرس بعد، رغم بلاغته ووضحه وتواليه كمتوالية سياسية، متصورا بان حملات إعلامية مزركشة بأكاذيب وفبركات صحفية تشفي غليله وعقده المتراكمة إزاء نجاحات الكورد وساستهم في البناء الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لإقليمهم، متناسين ان اخطر اسلحة الدمار الشامل واخبث اساليب التمزيق النفسي والقيمي للمجتمعات لم تنفع قيد انملة واحدة لتحقيق ما يصبون اليه، تراهم اليوم ينبرون على شاشات التلفزة في إعلانات مدفوعة الثمن، من قبل أولئك الحرامية الذين سرقوا الف مليار دولار خلال اقل من عشر سنوات، وسلموا أكثر من ثلث العراق ومدنه الشامخة بيد عصابات الإرهاب، ظنا منهم في ضرب ثلاثة أهداف بحجر واحد، الكورد والسنة والشيعة!

ومراقبة سريعة لوسائل إعلام نوري المالكي ووعاظ سلطنته يدرك حقيقة إن البعض ما يزال يعاني من عقدة اسمها كوردستان، ولم يطلع ربما لعمى في بصره او بصيرته على مجريات الأحداث منذ تأسيس كيان المملكة العراقية في غفلة عن ساكنيها وحتى انزواء المالكي، انه إنما يقلد بشكل لا يدلل على ذكاء أو شطارة بل على العكس بأسلوب متهرئ عفى عنه الزمن، ولعل ما&تقوم به مجاميع من الثرثارين في ماكينة دعاية المالكي وعصبته التي ترقص على حبال الفتنة والحرب والخراب لتغطية واحدة من أبشع عمليات السرقة وتدمير البلاد، باستقدام كل مجرمي العالم وسادييه وشذاذ آفاقه ليحتلوا اعرق مدن العالم في نينوى والانبار وسنجار وتكريت ويستبيحوا الأرض والعرض، لا لسبب إلا لعقلية مريضة حاقدة موبوءة بمركبات النقص والإحباط والفشل ليؤدبوا السنة كما كانوا يتهامسوا في دهاليز حكمهم واجتماعاتهم أو يزرعوا خنجرا في خاصرة كوردستان.

انهم يستنسخون الصناعة التي مارسها وتخصص بها نظام البعث، وشهدنا جميعا كيف آلت والى أي نتيجة انتهت، انهم يعيدون الى الذاكرة تلك الافواج من خونة قومهم رعاع الزمن وشذاذ الافاق بوجوه جديدة واسماء محدثة، حيث تداولت وسائل الاعلام مصطلح دقيق في توصيفهم ( سنة المالكي وبعض المحسوبين على الكورد بالجنسية كما يقولون ) فهم وسائل دعايته ووجه القباحة التي يدفعونها الى مسرح التهريج الاعلامي في مسرحية بؤس التفكير والسلوك والغباء السياسي المطبق من هؤلاء الذين جاءوا في غفلة من الزمن السيئ وبيئة الخواء الفكري والنضج السياسي والحكم الرشيد، الذين يعادون شعبا ما بردت بارودته كما قال احد شيوخ شمر في وصفه للكورد وإصرارهم على حقوقهم، ويكرسوا الاحقاد والكراهية مع نسيج اجتماعي عملوا على تمزيقه، ومحاولة اقصاء مكوناته كما فعل اسلافهم عبر مائة عام من تأسيس الدولة، وما فعلوه هم من مخازي خلال عقد واحد فقط من مهزلة حكمهم الفاشل، ازاء ما فعله شعب كوردستان ومؤسساته وقواه السياسية خلال نفس الفترة، وصدق من قال شتان بين الثرى والثريا!

&

[email protected]