كان موقف القيادة السعودية من حادثة القطيف جيدا ووطنيا الى حده الأقصى.
تعزية الملك سلمان، ومتابعة الأمير محمد بن نايف، وإدانة الكتاب في السعودية، وإدانة الشعب السعودي نفسه، كل ذلك عكس درجة راقية من الوطنية.
إذا.. لا يوجد أحد في السعودية اليوم يوافق على ما حدث في القطيف. الجميع تعاطف، والجميع أدان.
التعاطف والإدانة، يعنيان أن الأمر مرفوض. لكن يجب ان يكون الرفض ليس لأن داعش من تبنى العملية، بل لأن العملية قد مست أبناء الوطن. بمعنى آخر أن يكون هناك رفض لما يمس من نصفهم ب"الروافض" قبل ان يكون هناك رفض ل"داعش".
"الروافض" كلمة يعرفها كل سعودي، وهي تعني الشيعة بشكل أساسي.
كلمة استخدمت، ولا تزال في كثير من تعليقات السعوديين الذي كانوا هم انفسهم من تعاطف مع قتلى جامع الإمام علي في القديح.
لا أعرف لماذا لا يزال بعض السعوديون، النخبة منهم والبسطاء، يصمون الشيعة بالروافض. وهي كلمة مثيرة في حد ذاتها تجعل من الطفل الصغير يتسائل ان كان هؤلاء "الروافض" جزء من الوطن ام ضده، ولماذا هم "روافض" ومن ذاك الذي رفضوه؟!
أهل القطيف هم سعوديون بالدرجة الأولى ولو كانوا شيعة. ولائهم لوطنهم.. حسنا.. إن كانوا هم كذلك، فلماذا ما نزال نسمع من يصمهم ب"الروافض" ولو كان وراء الكواليس؟
إن كان لبعض أهلنا الشيعة في السعودية من تطلع لإيران، فليس حبا بها بل هو احتماء من إحساس الرفض لهم في مجتمع سني سعودي. ونحن لو تخطينا الأمر، فمن ذاك الذي سيرى منهم أملا في إيران؟
ليكن حادث القديح فرصة لإعادة النظر في الكثير من& مناهجنا التعليمية، والإعلامية، والشعبية أيضا حول أهل القطيف الذين ان اختلفوا عنا في المعتقد، فهم في النهاية مسلمون، والأهم انهم مواطنون سعوديون.
ولأنهم كذلك، وجب ان يكونوا جزءا من أساسيات البناء في المجتمع، ومن القرار، ولو كان على مستوى القطيف. ما وجب ان تفعله السعودية ليس محاسبة داعش، بل الأهم من ذلك، والأهم بكثير، هو ان تعيد وصل ما انقطع أو اهترأ مع الشيعة السعوديين الذين ابتعدوا عنا او ابتعدنا نحن عنهم بحكم المتغيرات السياسية في المنطقة. إن كانت من حماية يحتاجها الشيعة في السعودية فليس من داعش، بل من النظرة السلبية تجاههم والتي سادت المجتمع السعودي لفترة ليست بالقصيرة.
كلمة أخيرة: على السعودية ان تثبت انها دولة موحدة بكل طوائفها، سنة وشيعة وغيرهما ان وجد. ليس من أجل العالم، بل من أجل استمرار قوتها كقبلة دينية وسياسية في وقت يتكالب عليها الخصوم. والأهم من ذلك أن تؤمن، قيادة وشعبا، ان الشيعة على أرضها هم مواطنون من الدرجة الأولى.. والأولى دائما لا "روافض" من الدرجة العاشرة.


[email protected]

&