&

عبوديّة الفقر أصعب من عبوديّة الحكّام. الفقراء يموتون بصمت، لا فرق بين رجل وامرأة في عالم الفقر.

أصبح الفقر اليوم سمة العصر الحاضر، أصبحنا نبتكر له رومانسيات تنسينا بطوننا الجائعة، الكثير من الغذاء الرّوحي يؤجل نوبات الجوع لدينا: الوطن، الدّفاع عن الإسلام، الدفاع عن شخص الرئيس، شخص الزعيم، وعن كلّ القيم الوهميّة لا نعرفها.&

الرّجل عبد الفقر، والمرأة أيضا.&

لو افترضنا أنّنا نعيش في جمهوريّة فاضلة لا فرق فيها بين رجل وامرأة.

السّؤال: ما هو حقّ المرأة العربيّة في تلك الجمهوريّة على سبيل المثال؟

ليس للمرأة العربية حقوق وفق القانون أو العرف إلا بقدر ما تملك من مال!

وكم هو عدد النّساء اللواتي يملكن المال؟

على المستوى الشّخصي. لم ألتق بواحدة منهنّ، كلّ اللواتي ألتقيهن يرغبن في العمل من أجل شراء ثوب جديد، أو محفظة، أو ربطة خبز.

لا يمكن للمرأة أن تكون إنساناً، وهي محكومة بغريزة الأمومة التي تدفعها للدّفاع عن حقّ أولادها في الحياة، ومكبّلة بهذا الحق. هي تقوم بدور البطولة في أغلب الأحيان، وفي جعبتي الكثير من الأمثلة عن نساء أبطال واجهن الحياة وأكملن مسيرة تربية الأطفال، ثم ذهب كلّ واحد في حال سبيله، وبقيت هي تصارع الموت وحيدة بينما اختار الزّوج الهروب من المسؤولية تحت حجج واهية، وأصبح له أسرة أخرى وزوجة ميسورة تنفق عليه!

&الحياة قاسية. إن لم يكن هناك قانون يحمي المرأة والرجل سيكون المستقبل برسم الشّارع أو التّسول مثلاً، أو الموت ذلاً.

لا يكفي أن يقتل البوعزيزي بيد الفقر لإنجاح ثورة، فملايين البوعزيزي يذبحون بيد أصحاب النّفوذ والمال، ولم يهتزّ ضمير العالم، نحن أغنام ليس إلا!

&لا نبحث عن الحرائر اللواتي خلقن من أجل إرضاء نزوات الرّجل، وعندما يشيخ حبّه معهنّ عليهن القبول بحبّ فتيّ له، هذا حقّه في كلّ القوانين العربية المكتوبة، والعرفيّة. الحرائر هن العبيد من النّساء ولسن الأحرار، هو تعبير يخصّ جسد المرأة، وليس فكرها.

نبحث عن النّساء الأحرار، اللواتي أردن تغيير القيم، وكما وقف الاستبداد والفقر في وجه الرّجل فأصبح بوعزيزياً، وقف الرّجل الذي يمثّل المال والاستبداد في وجه المرأة فأصبحت عبدّاً فارقت الحياة جسدها.

أغلب النّساء اللواتي يعلو صوتهن اليوم من العبيد للرجل، أو للسّلطة، أو المال. هذه المرأة تحظى بحبّ زوجها، فهي تجلب له المال، وتصحبه معها في رحلة النّجوميّة فيعبّ من رائحة عطور النّساء. نحن الأن في عصر الانحدار العربي، ولسنا أمام حركة نسائية يمكنها التّغيير كما جرى في أوروبا في القرن الماضي.

لو دخلنا غرف النّوم للنّاشطين، أو الإعلاميين، أو المفكرين العرب، لرأيناها باردة كالثلج، ليس فيها حبّ، أغلب الرّجال الذين نذروا أنفسهم للقضيّة أصابهم جنون العظمة، وأصبحوا يمتنّون لأنّفسهم على ذكائهم، وكيف حقّقوا الكثير، دون أن يدوروا أن بلاد العرب متخصّصة بتدمير الإنسان، وعندما يأتي دور الرّجل، وتحلّ اللحظة الحاسمة، يكتشف أنه كان موهوماً حول نفسه، يستفيق من سكره، يرى نفسه وحيداَ، فالحياة أقصر من أن تنتظر صحوة متأخرة.

&