أبدأ بما قاله الملك عبد الله الثاني في حوار مع محطة CNN أوائل شهر مارس آذار الماضي "داعش قد جنت على نفسها بالاقتراب من العرين الأردني، إذ أن ما اقترفته بحق البطل الشهيد معاذ قد حفز الأردنيين على الالتفاف حول رايتهم، والتمسك بوحدتهم والتصدي لأساليب هذه العصابة الدنيئة مضيفا أن داعش يحاول زوراً وبهتاناً خلق صلة بينه وبين دولة الخلافة، المرتبطة بتاريخنا الإسلامي، وخلافتهم المزعومة الكاذبة ليست لها علاقة بتاريخنا من قريب أو بعيد".

نقلت وكالة الانباء الاردنية قبل أيام قليلة عن الملك عبدالله تأكيده “خلال استعراضه للظروف والاوضاع السائدة في المنطقة، ان من الواجب علينا كدولة دعم العشائر في شرقي سوريا وغربي العراق”، وذلك خلال زيارة قام بها الاحد لشيوخ ووجهاء في البادية الشمالية.

واعتبر الملك ان “العالم يدرك اهمية دور الاردن في حل المشاكل في سوريا والعراق وضمان استقرار وامن المنطقة”.

رسالة أردنية لداعش خالية من أي غموض او التباس أن الأردن يقف بحزم ضد عصابات داعش المرتزقة التي تلتحف بغطاء الاسلام لتحقيق مآرب لا علاقة لها بالاسلام والمسلمين.

داعش تعلم أن ألاردن يشارك في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد التنظيم، والذي يشن ضربات جوية ضده في مناطق تواجده بسوريا والعراق.

وقبل عدة ايام استلمت دعوة لحضور ندوة في لندن تتعلق بداعش والخطر الذي يهدد المنطقة ولماذا لم تقترب داعش من الأردن؟

&

استنتاجات وقناعات توصلت لها الندوة:

داعش تحقق نجاحات فقط في مناطق التواطؤ والخيانة وتفشل أمام قوة عسكرية محترفة منضبطة. رغم تهديدات داعش الشفهية للأردن لم تجرؤ من الاقتراب من الحدود الأردنية. وما السبب؟ وهذا سؤال تم طرحه الاربعاء الموافق 17 حزيران الحالي في ندوة برعاية احد مراكز الابحاث المتخصصة بالشرق الأوسط. في لندن. لا يوجد مجال لسرد ما قال الباحثون والمتخصصون بالتفصيل ولكن كان هناك شبه اجماع ان داعش تحقق انتصارات عسكرية في المناطق التي يتواجد فيها تواطؤ وتقاعس من قبل السلطات. داعش تزدهر في المناطق التي يتواجد فيها المتوطئين في العراق وسوريا.

ظهر هذا جليا في الرقة وتدمر حيث أخلى نظام بشار الأسد المدينتين لداعش وانسحب دون مقاومة او قتال يستحق الذكر وحدث ايضا في الموصل في حزيران 2014 وبعد ذلك في الرمادي. بات واضحا أينما تواجد التواطؤ تنجح داعش عسكريا. فداعش ليست جيشا جرارا بل عصابات يمكن هزيمتها وابادتها اذا واجهت قوة عسكرية جاهزة لديها الارادة والتصميم على القتال والانتصار.

ورأينا كيف تمكن المقاتلون الأكراد وبالتعاون مع الجيش السوري الحر من دحر داعش في كوباني وتل ابيض. ولو كانت هذه المناطق تحت سيطرة النظام السوري لانتصرت داعش بسهولة وبدون قتال.

&

داعش في خدمة دمشق وطهران:

النقطة الأخرى التي نوقشت والتي اقنعت الغالبية الساحقة من المشاركين هي ان قوة داعش العسكرية مبالغ بها من قبل دمشق وبغداد وطهران لأسباب سياسية دعائية ميكافيلية.

حيث استفاد نظام بشار الأسد من داعش عندما حاول يائسا لفت انتباه العالم ان داعش هي البديل اذا سقط النظام وكذلك طهران تستفيد من الفوضى الداعشية في العراق لتشديد قبضتها على عراق ضعيف وممزق. نجحت داعش في هزيمة الجيش العراقي الطائفي والهزيل بسبب سياسات نوري المالكي الكارثية. نجاح داعش والفصائل السنية في العراق ضد جيش نوري المالكي ليس لأن داعش لديها قوات هائلة بل بسبب ركاكة وهزالة مؤسسة المالكي العسكرية والتواطؤ الايراني.

الاستنتناج الآخر الذي تم التوصل له في الندوة ان داعش عصابة مأجورة وقادتها مخترقين من قبل المخابرات العسكرية السورية والايرانية والتي تقوم بتوجيه تحركات داعش رغم ان المقاتلين الداعشيين الذين غسلت أدمغتهم يعتقدون انهم يقاتلون في سبيل الله من اجل الخلافة الاسلامية.

&

داعش والأردن:

ومن هذا المنطلق كان من السهل الاجابة على التساؤل لماذا لا تستهدف داعش الأردن. ويمكن تلخيص الجواب كالآتي:

ستفشل داعش في العثور على متواطئين ومتقاعسين وسيتم ضربها بقسوة من قبل جيش مهني محترف. اذا حاولت داعش ارتكاب حماقة بالتحرش بالأردن ستتفاجأ برد فعل عسكري قوي.

سوف لا تجد أي تواطؤ أو اخلاء للمناطق كما حصل في تدمر والرقة. الجيش الأردني جيش وطني محترف وليس جيشا طائفيا هشا، حيث يخدم في صفوفه الأردنيون من شتى الأصول والمنابت، متحدون بولاءهم لوطنهم ومليكهم. إن المجتمع الأردني مجتمع متماسك يقف خلف قيادة هاشمية واعية وحكيمة وصلبة، ويثق بأجهزته الأمنية والتي يقدر عاليا ما تقوم به من الحفاظ على الأمن والإستقرار.

لذلك من غير المتوقع ان تقترب داعش من الحدود الأردنية لأنها تدرك تماما العواقب الوخيمة لأي حماقة ترتكبها بحق الأردن.

لندن