عندما يأتي السياسي الشرقي الى سدة الحکم فهو يأتي ليبقى،، فيعمل جاهدا ومنذ اللحظات الاولى من حکمه على اعادة هيکلة وترتيب وصياغة الدولة ومۆسساتها وقوانينها بالطريقة التي تۆمن بقائه متربعا على عرش الحکم مدى الحياة، فيتحول في فترة قصيرة قياسية الى الزعيم الاوحد والقائد الضرورة والاب الحنون للامة، والذي من دونه تنزل لعنة السماوات، وتسود الفتنة، و تهلك البلاد وکذلك العباد، ولا حول ولا قوة الا باظهار الولاء المطلق لظله السامي.

ولن يشذ، بلا ادنى شك، رئيس اقليم کوردستان، مسعود البارزاني، عن هذه القاعدة. فهو رغم بقائه لفترتين متتاليتين مضافة اليها عامين من التمديد اي ٤-٤-٢ فهو لم يعطي اية اشارة، لغاية الان، الى انه يکتفي بهذا القدر، لابل ان کل المۆشرات والدلائل توحي بما لاشك فيه انه سيبذل المستحيل من اجل البقاء رئيسا للاقليم مرة ثالثة ورابعة وخامسة.

الکرة اذن هي اليوم في ملعب الاحزاب الکوردستانية المعارضة لاستمرار السيد مسعود البارزاني في منصبه. والسۆال الاصعب هو ما هو ابعد حد يمکن للمعارضة ان تذهب اليه في المواجهة؟ هل سيذهبون الى حد کسر العظم مثلا؟ وفي هکذا حال هل تستحق هکذا مواجهة ان تۆدي الى تکرار الحالة السورية في کوردستان.

صحيح ان الکورد في کوردستان وفي ظل تجربتهم الديمقراطية العلمانية على مدى العقدين المنصرمين باتوا اکثر وعيا ومسۆولية حول مصير تجربتهم ومستقبل کوردستانهم، لکن اتباع نهج غير مسۆول وغير ستراتيجي عند التعامل مع مسألة حاسمة وخطيرة کقضية الموقف من استمرار مسعود البازاني رئيسا قد يۆدي الى نتائج وخيمة على مجمل القضية الکوردستانية، لاسيما وان هناك العديد من المتربصين بها، من اللاعبين الاقليميين الجاهزين لانتهاز الفرصة للانقضاض علىها وتفتيتها.

نعم الکرة هي في ملعب احزاب المعارضة في کوردستان، طالما وکما اسلفنا بان الرئيس يصر على البقاء. والمسۆولية الکبرى تقع على عاتقها في تجنيب البلاد مما لا يحمد عقباه. لست من دعاة الاستسلام للامرالواقع والتنازل عن حق الحفاظ على استمرارية العملية الديمقراطية، لکنها ايضا مدعوة اليوم اکثر من اي وقت،

واکثر من الاخرين لابداء الحکمة والمسۆولية اللازمة لاعلاء شأن المصلحة العامة وما هو مصيري، والا ستتحمل بدورها ايضا قدر مماثل من مسٶولية تردي اوضاع کوردستان في حال عدم التوصل الى اتفاق.

لست بوارد التنظير لخيارات المعارضة تجاه هذا التحدي الکبير، لکني کمواطن کوردستاني ارى ان افضل الحلول يکمن في ان تدفع المعارضة باتجاه الوصول الى تسوية تاريخية مع رئيس الاقليم يتم فيه تحويل نظام الحکم في کوردستان الى نظام برلماني اکثر منه نظام رئاسي، يتم فيه نقل صلاحيات الرئاسة الى البرلمان، ويتحول منصب رئيس الاقليم الى منصب رمزي شرفي اعتباري. عندها يتم الاتفاق فيه على استمرار مسعود البارزاني رئيسا للبلاد، لکن شرط تخليه عن رئاسة الحزب الديمقراطي الکوردستاني حتى يصبح رئيسا يمثل کل الاطراف لا طرف واحد. وهذا ما سيليق به اکثر مما هو عليه الان.

ان التوصل لمثل هکذا تسوية بين الرئيس مسعود البارزاني وبين القوى المعارضة لە في کوردستان سوف لن يکون بالامر الهين، وسيمر حتما بمخاض عسير، لکنها ان حصلت، فان ذلك سيکون من شأنه ان يخرج البلاد من محنة خطيرة محتملة، وان يبقي الشعب موحدا وملتفا حول مۆسساته الدستورية. وستذکر الاجيال القادمة ذلك بکل فخر وامتنان

&

[email protected]