ابتداء احيل القارئ الكريم الى مقالتي ( جنون التدخل العسكري التركي ) المنشور في ايلاف الغراء بتأريخ الثاني من تموز الحالي والتوقع بانتهاء عملية السلام وحل المسألة الكوردية في تركيا وتفجر القتال وهو ما يحدث حاليا.....انها الحرب !
&
اعود لما نشرته صحيفة حريت التركية حول بنود الاتفاق الأمريكي التركي والذي نشرته صحيفة خبر24نت الالكترونية وجاء فيه انشاء منطقة امنة بمساحة 90 كم وعمق 50 كم وفرض حضر جوي فوقها والسماح للمقاتلات الامريكية و طائرات التحالف باستخدام قاعدة انجرليك والمجال الجوي التركي في الحرب التي تخوضها ضد الدولة الإسلامية
&
كل ما سبق جميل ولكن ما يثير التساؤل والقلق هو ما جاء في فقرة أخرى يبدوا انها مخصصة لضرب الحركة الوطنية الكوردستانية تحديدا اذ تقول حسب الصحيفة : الاتفاق لا يستهدف وحدات الحماية الكوردية السورية PYD بشكل مباشر؟ هل يعني هذا انه من الممكن استهداف هذه الوحدات بشكل غير مباشر ثم يقول البند : لكن في حالة اتخذت وحدات الحماية الكوردية موقفا معاديا لتركيا ( وما اسهل تصوير المواقف على انها عدائية ) او قامت بعمل ما يهدد امن المنطقة وامن تركيا ( أي عمل يمكن لتركيا ان تعتبره تهديدا ) كإحداث تغييرات ديموغرافية ( وهذا تثبيت اتهام باطل للحركة الوطنية الكوردية ومبرر مسبق للعدوان ) فان لتركيا الحق في التدخل !
&
هذا هو جوهر اتفاق أمريكا راعية حقوق الانسان في العالم كما تدعي مع تركيا منحها الضوء الأخضر لضرب الكورد لا في تركيا فحسب وانما في ارجاء كوردستان هدية سخية من الأخ الأكبر على حساب الام ودماء ومعاناة الشعب الكوردي ربما تعويضا عن الهدية التي منحتها الولايات المتحدة الامريكية لإيران بحجة الاتفاق النووي والذي اطلق يدها في منطقة الشرق الأوسط عموما وفي الدول العربية على وجه الخصوص
&
الاتفاق هذا يؤكد ما قالته وثيقة للمخابرات الامريكية ونشرها السيد هيكل في كتابه ( الحل والحرب ) تعود لعام 1974 وتنص على ( لا حليفتنا ايران ولا نحن نرغب في ان نرى المسألة الكوردية محلولة بطريقة او بأخرى ) وكل مواقف أمريكا طيلة نصف قرن لم تخرج عن هذا النص بما فيها اعتبار الحزبين الرئيسيين في كوردستان الديموقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني حزبيين إرهابيين ! ولم تخرج عن ما وصلت اليه اللجنة المختصة في الكونغرس الأمريكي حول أسباب انهيار الثورة الكوردية عام 1975 والذي عرف بتقرير بايك حيث يقول : لقد كانت سياستنا غير أخلاقية تجاه الكورد فلا نحن ساعدناهم ولا نحن تركناهم يحلون مشاكلهم بالمفاوضات مع الحكومة العراقية لقد حرضناهم ثم تخلينا عنهم
&
يبدو ان هذه المواقف (غير الأخلاقية ) مستمرة لدى إدارة الرئيس أوباما والا ماذا يعني منح الضوء الأخضر للحكومة التركية تحت يافطة محاربة الإرهاب لضرب المقاومة الكوردية الباسلة ضد بربرية الدولة الإسلامية وارهابها المستشري وهل هناك قوة متحضرة ديموقراطية وقفت في وجه الهمجية والتخلف
&
والإرهاب كما وقف الكورد سواء في إقليم كوردستان العراق او إقليم كوردستان سوريا القادم لا محالة فكما لم تستطع كل قوى الشر والعدوان ان تنهي حركة التحرر الوطني الكوردي بالقضاء على ثورة أيلول عام 1975 كذلك لن يكون لمثل هذه الاتفاقات المتناقضة مع روح العصر وحقوق الانسان وحرياته الأساسية أي تأثير يذكر واذا كان هناك من سبيل الى استقرار المنطقة والتخلص من سرطان الدولة الإسلامية فهو في الكف نهائيا عن تجاهل حقوق الأربعين مليون مواطن كوردي وفي قلب الشرق الأوسط الملتهب والمفتوح على كل الاحتمالات واللجوء الى الحوار والطرق السلمية الحضارية لحل المسألة الكوردية والتي ستساهم حقا في بناء أسس رصينة لحل عموم مشاكل المنطقة
&
لقد حاولت حكومات تركيا المتعاقبة بكل ما تملكه من جبروت وقوى عسكرية مدججة بأحدث الأسلحة طيلة أربعة عقود وأد الحركة الوطنية الديموقراطية الكوردستانية دون جدوى وكان ولا يزال امامها فرصة بناء تركيا حديثة ومستقرة وامنة لو انها تمسكت بالخيار السلمي والمصالحة الحقيقية مع الشعب الكوردي والحرب التي بدأتها حاليا ضد حزب العمال الكوردستاني والتي ستتوسع قريبا لتشمل وحدات حماية الشعب الكوردي في سوريا بذرائع ومبررات شتى وفق الاتفاق الأمريكي التركي ستكون وبالا على تركيا اذ ستنتشر كالنار في الهشيم فالحرب القادمة لن تكون فقط حرب عصابات في جبال معزولة وانما ستكون حرب مدن وشوارع وازقة و سيكون هناك بالتأكيد من يدعم هذه الحرب فهل يستفيق حكام انقرة ام انهم ماضون في غيهم بمباركة الأخ الأكبر أمريكا راعية حقوق الانسان في العالم التي تؤمن بانه لا أصدقاء ولا أعداء دائمين وانما مصالح دائمة. * [email protected]