تسود المجتمع الكوردستاني من أقصاه الى ادناه ومعهم كل محبي الحرية والسلام والعدالة موجة غضب عارمة وخيبة امل مريرة من الموقف التركي العدائي ضد الشعب الكوردي في كل أجزاء كوردستان فمن بين عشرات الطلعات الحربية للقوة الجوية التركية على سبيل المثال والمفروضة ان تكون ضد ارهابيي ما يسمى بالدولة الإسلامية وقواعدهم وتحركاتهم في سوريا كانت حصة الكورد والمقاومة الباسلة لقوات حماية الشعب و مقرات حزب العمال الكوردستاني هي حصة الأسد!

العدوان التركي وانهاء المفاوضات والحوار مع الجانب الكوردي لا يمكن تفسيره بأي منطق واي مبرر اللهم الا اذا كان الذين قرروا القيام به هو ضرب تركيا نفسها ونسف كل ما تم التوصل اليه من إنجازات اقتصادية وسياسية خلال العقد المنصرم بما فيها نسف عملية السلام والمصالحة مع الشعب الكوردي ثاني اكبر قومية رئيسة في البلاد وأيضا نسف أسس التعاون المثمر بين تركيا وإقليم كوردستان العراق اذ ان الحكومة الحالية او أي حكومة قادمة ستفكر الف مرة قبل ان تمد يد الصداقة والتعاون مع تركيا تحت ضغط الغضب والاستنكار الجماهيري المتصاعد.

الحرب العدوانية المفروضة على الشعب الكوردي لا تستند على أي مشروعية قانونية او إنسانية او دولية ولا تخرج عن اطار التعصب القومي الاعمى الذي فشل طيلة تأسيس الدولة التركية في القضاء على الكورد وصهرهم في بوتقته الكريهة والمتخلفة والتي كلفت تركيا والشعب الكوردي ثمنا فادحا وفي الوقت الذي كان الكورد ولا يزالون يحملون غصن الزيتون وكل هدنة وكل وقف لإطلاق النار خلال العشر سنوات الماضية كانت بمبادرة من حزب العمال الكوردستاني ومن طرف واحد و من موقع القوة عدا الهدنة غير المعلنة في عهد المرحوم تورغوت اوزال بتوسط وتأثير السيد جلال الطالباني سكرتير عام الاتحاد الوطني الكوردستاني ورئيس جمهورية العراق السابق وعملية السلام الأخيرة التي كانت بتدخل مباشر ووساطة السيد مسعود البارزاني رئيس الحزب الديموقراطي الكوردستاني ورئيس إقليم كوردستان حاليا.

يبقى ما قاله السيد مسعود بارزاني في رسالته الموجهة الى الشعب الكوردي و الذي يملك علاقات وثيقة سواء مع الحكومة التركية او مع حزب العمال الكوردستاني جوهر الحل الواقعي المتمثل بسنة حوار ولا ساعة حرب أي طريق السلام والمصالحة والمضي قدما في الحوار الحضاري رغم كل الصعوبات التي تعترض هذا الطريق وهو الامر الذي أكدته الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني اذ شددت على الأهمية الأساسية لمواصلة عملية السلام مع الكورد وعلى ان تسير في الطريق الصحيح بالإضافة الى ما صرح به المتحدث باسم مجلس الامن القومي الأمريكي اليستير باسكي الذي ايد الموقف التركي وهو امر لا يستطيع غيره بالنسبة لدولة عضوة في حلف الناتو حصلت على الضوء&الأخضر من الإدارة الامريكية نفسها ولكنه اكد أيضا (وفي الوقت ذاته ينبغي على الطرفين خفض حدة التوتر، والتمسك بمسيرة السلام الداخلي كسبيل لإحلال السلام الدائم في البلاد، لأن العنف لن يعود بالفائدة على المواطنين الأتراك، وسيلحق ضررًا بهم من ناحية الأمن والتنمية على المدى الطويل) ايلاف.

الكرة الان في ملعب السلطة التركية التي بدأت بالعدوان والحرب والبادئ اظلم فالكورد وحزب العمال الكوردستاني رغم المماطلة والتسويف والمراوغة التركية لم يبادروا بالقتال ولا بإنهاء الهدنة و على حكام تركيا ان يتخلصوا أخيرا من رهاب الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي ومن الغطرسة الفارغة على شعب مسالم اعزل والتوجه نحو بناء تركيا حديثة تحترم حقوق الانسان وحرياته الأساسية وتكسب ود وصداقة شعب كوردستان في أجزاء وطنه وهو امر في غاية الأهمية الان وفي المستقبل خاصة والعنصريون القدامى والجدد لم يستطيعوا ولن يستطيعوا تغير الجغرافية ولا تغير الجيران وعليهم أخيرا وقبل ان تغرق تركيا في مستنقع الفوضى الشاملة التي تسود منطقة الشرق الاوسط ان يستوعبوا حقيقة : سنة حوار ولا ساعة حرب.

[email protected]