صرح الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطيHDP، صلاح الدين دميرتاش، إن حزب العمال الكردستاني تخلى عن فكرة الانفصال عن تركيا منذ 20 عاما، وذلك في رده على تصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول رفع الحصانة عن المسؤولين الحزبيين ومعاقبتهم، وأضاف ديمرتاش "نحن لم نرتكب أي جرم، ذنبنا الوحيد هو أننا حصلنا على 13% من الاصوات" في الانتخابات العامة في تركيا.

ويبدو أن فوز ذلك الحزب بثمانين مقعدا في البرلمان لم يرق لحزب العدالة والتنمية الحاكم، لذا فما عليهم لاستعادة تلك الأصوات إلا القيام بفعل شيء يكون قادراً على حسم الجولة القادمة من الانتخابات لصالحهم، وذلك من خلال تغيير موازين القوى على الارض، وبالتالي استعادة السيطرة على البرلمان لتشكيل حكومة الأغلبية التي استساغها حزب العدالة والتنمية طوال السنوات الماضية.&

ومن خلال تصريح السيد ديمرتاش يمكننا العودة أيضاً الى فترة الوفاق الداعشي التركي والعداوة الفجائية التي ظهرت بين الطرفين فور تفجير برسوس، مه انه لا يخفى على من يتابع حروب ومعارك داعش منذ سنتين معرفة أن الدولة الوحيدة التي سلمت من أذى تلك المنظمة الارهابية في المنطقة هي تركيا، إذن كيف أصبح تنظيم داعش عدواً بين ليلة وضحاها، ومعلوم ان داعش أعدم العشرات من الغربيين بدون ان ترف لهم جفن رغم اللجوء الى التفاوض السري معهم، بينما الدبلوماسيين الأتراك عادوا بسلامٍ وأمان الى تركيا، وداعش الذي لم يسلم من زحفهم البيوت والقبور والمتاحف والأضرحة والمقابر، بقي محافظأ على سلامة ضريح سلمان شاه الى أن تم نقله الى الحدود السورية التركية.

وكما هو معلوم لمراقبي الحرب في سوريا طوال أربع سنوات خلت من عمر الحرب، فإن الكثير من التقارير الاستخباراتية والصحافية تناولت مؤشرات ودلائل على تعاون تركي غامض ومثير مع تنظيم داعش الإرهابي على امتداد الحدود التركية – السورية، بل ذهبت بعض التقارير الحديثة إلى اتهام الرئيس التركي أردوغان ونجله بلال وابنته سمية بالتورط في دعم التنظيم، وهو ما نفته الحكومة التركية قبل أيام في بيان رسمي للرئاسة بثته وكالة الأناضول، معتبرة ذلك من قبيل الإشاعات التي يطلقها النظام السوري، مطالبة وسائل الإعلام بعدم الانسياق وراء الحملات التي تهدف إلى تشويه سمعة تركيا.

لذا ومن خلال قراءة الأحداث الماضية والجارية فيبدو بأن الهزيمة المعنوية التي مني بها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات النيابية كانت السبب الرئيس لاختلاق وافتعال الحرب على داعش، لتكون الذريعة الفعالة لملاحقة كل من ينتمي الى حزب الشعوب الديمقراطية بحجة البحث عن الدواعش، حيث بدأت حملة الاعتقالات في صفوف حزب الشعوب الديمقراطي ووصل عدد المعتقلين إلى ستة مائة وخمسة وثمانين حسب النشطاء الكرد في تركيا، مؤكدين بأن الامن التركي لم يعتقل حتى الآن أحد من الدواعش المتواجدين في تركيا، سوى مجموعة من الأجانب وقد قامت الاجهزة الامنية بإرسالهم إلى سورية من حدود كلس إلى بلدة عياش السورية وذلك من خلال التنسيق المباشر مع الاستخبارات التركية حسب المقربين من حزب الشعوب الديمقراطية.

ومن المؤكد بأنه لا يغيب عن بال المتابع للعداء التاريخي بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية إدراك أن هذا الحزب كان مسمار جحا الدائم للأجهزة الامنية والعسكر في تركيا، فمن خلال ذريعة ملاحقة أنصار ذلك الحزب، كان يتم زج النشطاء والمثقفين الكرد في السجون لعشرات السنين، كما تم قتل الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية في المناطق الكردية، هذا ناهيك عن تهجير ملايين الكرد من قراهم وتفريغ آلاف القرى من سكانها وكله طبعاً بحجة ملاحقة حزب العمال الكردستاني الذي تقول تركيا عنه بأنه انفصالي.

ويظهر جلياً بأنه لولا وجود هذا الحزب في الجبال لما استطاعت الحكومات التركية المتعاقبة تدمير المناطق الكردية، لذا فبالرغم من أن الحزب المذكور تخلى عن شعار التحرير والتوحيد وقَبِل الدخول الى معترك الحياة السياسية من خلال جناحه السياسي حزب الشعوب الديمقراطي، إلا أن تلك الخطوة على ما يبدو لم ترق لمن في نيته ومنذ سنوات القضاء على الهوية الكردية في تركيا وطمس كل معالمها، لذا ومن خلال القراءة فإنه يبدو للمراقبين بأن المستفيد الوحيد حتى الآن من تفجير برسوس هي الأجهزة الامنية في تركيا، التي بحجة ذلك التفجير ستحاول أولا اثبات حضورها أمام المجتمع الدولي على أساس أنها تحارب تنظيم داعش مع قوات التحالف الدولي ضد داعش، وأنها غدت جزءا من ذلك التحالف، وذلك من خلال التفجيرات التي يراها المعارضون لسياسة حزب العدالة والتنمية بأنها كانت مفتعلة، وثانياً القيام بسحب البساط من تحت حزب الشعوب الديمقراطية من خلال اتهامه بالأعمال الارهابية، التي ستجعل الناخبين لاحقاً ينكفؤون عن هذا الحزبِ، باعتبار أن المواطن التركي يرى بأن مصلحته الشخصية ستكون مضمونة أكثر في ظل الأمان الذي يحققه حزب العدالة والتنمية، وبذلك سيتسنى لهم الاستفراد بالحكم في تركيا لعدة سنوات اخرى.&