لطالما أشغلنا السؤال الأزلي الذي راود ابن آدم منذ بدء الخليقة، ما هو سبب وجودنا؟ لماذا خَلَقنا الله؟ وما هو سبب وجودنا كعرب تحديدا؟ و ماذا صنع العرب للانسانية اليوم؟ فاسهامات الأجداد صارت عتيقة و لا تحتمل الاتّكاء عليها.

أمّا ما صنعت الحضارة الغربية للانسانية فهو كثير كثير، ممّا نستطيع حصره و ممّا لا حصر له ممّا نعي و مما لا نعي ممّا نذكر ومما لانذكر مما نتخيّل و لا نتخيّل. فكل ما ننعم به اليوم من تقدم ورفاهيه وعلم وفن و صحة وتكنولوجيا و أجهزة حديثة و اختراعات هي انجازات غربيّة بحتة أوروبية او امريكية، بدأت من الغرب قبل ان يبدأ الشرق الأقصى بنهضته و لم يبدأ الشرق الاوسط صحوتَه من غفلته بعد.

نعم أنه نتاج بلاد الغرب التي يحلو للمشايخ تسميتها بـ "بلاد الكفّار". فماذا صنعنا نحن العرب للأنسانية؟ و ما هو دور بلاد المؤمنين؟ بالتأكيد أن لله في خلقه شؤون "ربّنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك". فسبحانه و تعالى قد أوجد لكل شئ سبباً و خلق كل شئ لسبب و كل كائن لدور مُحدّد يعلمه هو، قد نعلمه أو نجهله نحن. فهل يكون دورنا هو العبادة و الدعاء للبشرية جمعاء - على اعتبار غيرنا كفاراً و لا يجيدون العبادة - مثلما لا نصلح نحن للعمل و الاختراع. وكما أنهم يخلصون بعملهم في البحث والاختراع والتقدم العلمي، فمن واجبنا الاخلاص في العبادة، و كما أنهم يعملون و يجتهدون للبشرية جمعاء فعلينا اداء العبادة و الدعاء عن البشريّة جمعاء و للبشريّة جمعاء، فكما هو الغرب يجتهد في ايجاد حلول لأمراضنا نحن، علينا الدعاء لهم لا عليهم، كما يطيب لبعض المشايخ في أيّام الله و لياليه المُفترجة.&

أنا لا أحب سياسة الدول الغربية "فالسياسة لعبة مصالح ليس الشرف طرفا فيها" و لكن أحب مجتمعات الغرب، تحضّرها، انسانيتها و العدل فيها، فهي من أوجد حقوقا لكل شئ تقريبا، للبشر و الحيوان والشجر. أحب الانسان الغربي المتمدّن المحب المخلص لعمله و وطنه، الانسان الذي لا يكذب دونما سبب و لا يختلس من اقتصاد بلده لجشع في نفسه، أحب الانسان الغربي المؤمن بالحرية الشخصية والذي يتقن ممارسة الديمقراطية و يحترم الآخر. الانسان الذي أبهر بأخلاقه الشيخ "محمد عبده" 1849 – 1905 م - فقال بعد عودته من الدراسة في باريس مقولته الشهيرة "وجدت في أوروبا مسلمين بدون اسلام ووجدت في وطني اسلاما بدون مسلمين"، فلنخص بالدعاء للشعوب الغربية لا الحكومات.

اللّهم اهدهم فيمن هديت، و عافهم فيمن عافيت و تولّهم فيمن تولّيت و بارك لهم فيما أعطيت و أقضِ عنهم شرّ ما قضيت انك تقضي و لا يُقضى عليك، انّه لا يُذل من واليت و لا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت.

اللّهم اغفر لهم ذنوبهم وخطاياهم كما تغفر لنا. اللّهم اشف مرضاهم كما يشفون مرضانا، اللّهم من شفى مريضا منّا متعه و أهله بالصّحة و العافية ما استطعت وأطل عمر من ساعد في اطالة اعمارنا و اعمار ابنائنا باختراع التطعيمات و العقارات.&

اللّهم أسعدهم كما اسعدوا أبنائنا بالتسالي و الالعاب، و أقرّ عيونهم كما تقرّ عيوننا بالتواصل مع الأهل عبر المسافات و سماع اخبارهم و اصواتهم و الاستفسار عن احوالهم باستعمال التقنيات المتطورة، اللّهم لمّ شملهم كما جمعوا شملنا بأجهزة الاتصالات الحديثة و المواصلات السريعة.&

و الدعاء لهم لا ينتهي كما هي انجازاتهم التي تبهرنا كل يوم.

وهذا هو دعاء بظاهر الغيب، يُسخّر له سبحانه و تعالى مَلَكا من السماء يقول لصاحبه كلما دعا به "ولك مثل ذلك".&

فعسى أن يغيّر الله حال أمّتنا الى ما هو أفضل و ينفع بنا البشرية، فنكون قد أفدنا و استفدنا.

&

&

*معمارية و استاذة جامعية سابقة

&