لا يكفي أن تهز جريمة قتل الطفل الفلسطينى الرضيع علي دوابشة، الضمير!! ولا يكفي أن توصف بأنها منافية للأخلاق ومبادئ الأديان السماوية وكذا الوضعية.&

ولا يكفي ان تسير من أجلها المسيرات ولا يعلن من اجلها الحزن العام.&

ولا يكفي فيها مطالبة الآخرين باعلان الشجب والإنكار، وإتخاذ مواقف الإدانة.&

إلي جانب ذلك، لا بد من تحرك فوري " اليوم وليس غداً " ناحية المحكمة الجنائية الدولية، فكيف لا تستفيد السلطة الوطنية الفلسطينية من قبولها عضواً بهذه الهيئة القانونية الدولية منذ أول شهر ابريل الماضي!! لكي تبادر بعرض قضية شعبها المحتل الذي تمارس دولة إسرائيل ضده جرائم الحرب في كل وقت، خاصة وان هذه الجريمة تعد من جرائم الإبادة البشرية التى تقع في صميم اختصاص المحكمة كما تؤكد اتفاقية روما لعام 1998 التى تأسست وفق بنودها؟؟.&

جريمة حرق الطفل أو قتل المدنيين لن تكون الأخيرة.&

وجريمة بناء المستوطنات لن تتوقف.&

وجريمة ابادة البشر في القطاع لن تنتهي.&

وجريمة العدوان علي المدنيين في الضفة والقطاع لن تصل إلي نهاية.&

كل هذه الجرائم تندرج تحت مسمي جرائم الحرب والإبادة والعنصرية.&

الجريمة الأخيرة وصفتها صحيفة الإندبندنت البريطانية في الأول من الشهر الحالي بانها نموذج واضح لإصرار إسرائيل علي إتباع سياس قتل " العزل " علي يد " إرهاب المستوطنين " ووصفت موقف حكومة نتنياهو حيالهم بـ " المتراخي " وأكدت أن الدولة " أصحبت غير قادرة علي كبح جماحهم ".&

وطالبت صحف أوربية متعددة بضرورة محاسبة " الحاخامات المتطرفين " الذين ينشرون خطاب التحريض العنصري ضد الفلسطينيين ويدعون للعنف ويروجون لمقولات تؤكد أن " الشريعة اليهودية " تسمح بقتل الأطفال غير اليهود " لأنهم يشكلون خطر مستقبلي علي الدولة اليهودية ".&

جرائم القتل والتشريد وجرائم الإبادة التى تقوم بها دولة الإحتلال العنصرية، مُجرمه ومعظمها موثق ومسجل في أوراق وشرائط وتقارير من الصعب الطعن في عدم صحتها، خاصة أنه يجري بشكل يومي أمام وسائل الاعلام الأجنبية.&

التقارير الدولية المحايدة تعترف ان هذه الجرائم.&

1- نتاج البيئة الإحتلالية التى تغذيها سياسات إسرائيل العنصرية.&

2- إنعكاس حقيقي لما توفره حكوماتها المتعاقبة من حصانة سياسية وتأييد مادي ودعم معنوي لمجالس إدارة المستعمرات.&

3- محصلة لما توفره لها الدولة علي أرض الواقع من قوات مسلحة وأمنية لحماية الإرهابيين، ولشرعنة ما يقومون به من جرائم ضد الانسانية.&

سمعنا في أعقاب قبول فلسطين كعضو في المحكمة الجنائية الدولية أن سلطتها الوطنية تنوي إعداد ملف بكل جرائم سلطات الإحتلال ضد الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع لعرضه علي المحكمة، وعزز ذلك البيان الذي أصدرته بعثتها في أمستردام بتاريخ 25 يونية الماضي مؤكدة بيقين انها قدمت للمحكمة ملف من شأنه أن يساهم في مجريات التحقيق الأولي حول حرب الإبادة التى شنتها إسرائيل ضد سكان القطاع في منتصف يونية عام 2014!! لكن لم يقع أي فعل إيجابي يخص هذه الأوراق حتى الآن.&

وسمعنا أنها تستعد لتقديم طلب لإحالة المشتبه فيهم من قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين الذين إرتكبوا جرائم حرب ضد ابناء الشعب الفلسطيني إلي المدعية العامة للمحكمة!! ولم يتقدم أحد بأي طلب.&

المحكمة لا تَمن علي الشعب الفلسطينى بشئ خارج إختصاصاتها.&

المحكمة تؤكد - لمن لا يعرف من قادة السلطة والمنظمات الفلسطينية المنقسمة علي نفسها - أن التقدم بطلبات إشتباه لا يتعارض مع قيام المحكمة بدارسة أولويات الوضع في الضفة وغزة من نواحي شتي، لكن إنقسام الصف الفلسطيني لم يَعي هذه الحقيقة وبقي حتى يومنا هذا أسير لما يسميه علماء النفس " صدمة ما لم يَكن متوقعاً ".&

فهل السلطة الوطنية الفلسطينية والمنظمات المناضلة بالكلام. لا زالوا غير مصدقين ان فلسطين أصبحت عضواً في المحكمةالجنائية الدولية؟؟ وأنهم في انتظار من يؤكد لهم هذه الحقيقة لكي يستفيقوا من ثُباتهم ويقوموا بأداء دورهم إستجابة ً للمطلب الشعبي الفلسطينيى الاستحقاقي الذي ينادي بتقديم المسئولين عن إبادة أبنائه في القطاع والضفة والقدس الشرقية إلي المحاكمة؟؟.

هذه الصدمة شلت إيديهم – السلطة والمنظات الفلسطينية - عن أن يستثمروا دبلوماسياً الهجوم الذي شنته العنصرية الإسرائيلية ضد المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا عندما طالبت في منتصف شهر مايو الماضي حكومة إسرائيل بـ " التعاون معها " لإستكمال التحقيق حول ما جري في قطاع غزة إبان عملياتها العسكرية / يونية 2014.&

واضح لكل ذي عينين أنهم لم يستفيدوا إعلامياً من أجواء الحملة الغوغائية التى عزفتها وسائل إعلام حكومة نتنياهو التى إتهمت المحكمة بأنها " غير مُخولة بالنظر في مثل هذه الملفات "، وحرضت الإدارة الأمريكية ضدها لأنها – أي المحكمة – تقوم باستغلال إختصاصاتها " بشكل سلبي للتحقيق في قضية ليس لها أساس قانوني ".&

لم نعرف عنهم أنهم استفاقوا.&

ونخشي أن لا نشاهد تحرك إيجابي حيال ما وقع في قرية دوما القريبة من مدينة نابلس شمال الضفة ( فجر الأول من أغسطس الحالي ) إستجابة لوعود من واشنطن!! أو رضوخاً لضغوط أوربية!! أو إنتظاراً لتلميحات كاذبة من جانب نتنياهو.&

نقول للسلطة الوطنية وللمنظمات الفلسطينية المناضلة.&

لم يعد التنديد مفيداً، حتى لو جاء تعليقاً علي وصف رئيس وزراء دولة الإحتلال للحادث الإجرامي بأنه إرهابي. لأن كلماته تحمل في طياتها تمهيد لتصوير الحادث علي أنه " عمل فردي " ومن ثم يحق للمحكمة ان ترأف بمن قام به!! وتعامله معاملة غير المسئولين عن تصرفاتهم، فتقضي في نهاية المطاف باحالته إلي مستشفي لرعاية المرضي النفسيون.&

لم يعد إنتظار الأخرين لكي يشجبوا ويرفضوا سياسات إسرائيل العنصرية، يُمثل حلاً أو يعكس تكتلاً إقليمياً ممكن البناء عليه في المحافل الدولية.&

ولم يعد الرفض الأمريكي والأوربي يمثل محركاً لقضية الشعب الفلسطيني لا علي مستوي المؤسسات الدولية ولا ضمن دعاوي التنظيمات الحقوقية.&

الموقف اليوم بين أيديكم جميعا.&

عليكم مسئولي السلطة الوطنية + المنظمات النضالية، ان تستغلوا حادثة حرق البيتين علي أيدي المستعمرين الصهاينة.&

للقيام بحملة منظمة لفضح سياسات دولة الإحتلال وعرض ممارستها العنصرية والإجرامية بكافة الوسائل علي شعوب العالم أجمع دون إستثناء.&

للعمل علي مخاطبة المجتمعات الديموقراطية في كل مكان يصل إليه صوتكم خاصة في الولايات الأمريكية والدول الأوربية، بلغة سهلة بسيطة ومُركزة.&

لفتح حوارات مع منظمات المجتمع المدني علي مستوي دول الإتحاد الأوربي حول ما يرتكب ضد الشعب الفلسطيني المحتل من جرائم حرب وإبادة.&

للتحرك عبر الجاليات الفلسطينية في كل مكان شرقاً غرباً لكي يصل الصوت الفلسطينى إلي السياسيين والإعلاميين والحقوقيين والناشطين علي مستوي المؤسسات الشعبية، شارحاً بكلمات مركزة ومباشرة مدي معاناة الشعب الفلسطيني تحت سياسات الإحتلال الصهيوني العنصري، ومدي ما يتعرض له المدنيون والأطفال والنساء والشيوخ من تعذيب وحرمان من ابسط الحقوق الإنسانية التى يتشدق بها الغرب وفي مقدمته أمريكا.&

هل تتذكرون ماذا فعلت آلة القمع الإسرائيلية الإحتلالية كرد فعل لإندلاع الإنتفاضة الفلسطينية المطالبة بالتحرر من نير الإستعمار عام 2000؟؟ هل يمكن أن تسترجعوا كيف كانت أبواق الدعاية العنصرية تصف المناضلين والشهداء من أجل الإستقلال؟؟ هل لازال لديكم قدرة علي إستنباط كيف كانت وسائل إعلام دولة الاحتلال تُصدر للعالم مستويات النضال والمقاومة المشروعة ضدها علي أنها قتل متعمد للمدنيين الإسرائيليين؟؟.&

هل تتذكرون كيف نجحت سلطة الأحتلال الإسرائيلي في إقناع أنظمة الحكم الغربية ووسائل علامها بأن ما يقوم به المناضلون الفلسطينيون من اجل تحرير ارضهم المحتلة من رجس الإستعمار، أنه إرهاب يقوم به قتلة ومجرمون؟؟&

لو تذكرتم.&

ستعرفون أن أنسب وأسرع السبل لفضح أساليب الإستعمار الصهيوني العنصري لآراضي الشعب الفلسطيني، وعرض جرائمه شبه اليومية ضد العزل والمدنيين، هو التوجه فوراً للمحكمة الجنائية الدولية دون إنتظار لمساندة من هنا أو من هناك.&

ونحن في الإنتظار ولن نمل من المطالبة والإلحاح.&

وعلي الله قصد السبيل.&

* استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]&