الذكرى السنوية الأولى للمجزرة التي ارتكبت في شنكال بحق الكرد الإيزيديين:&

أصدق الناس في كلامهم و مشاعرهم هم الأطفال:&

عندما رأيت اللوحات التي رسمها اطفال الايزيديين والتي تتحدث عن المجازر والانتهاكات ومحاولات الابادة والتذويب والقتل والتشريد والاسترفاق على يد عصابات داعش, تذكرت كلمات ورسومات واحاديث الصديقة الكاتبة والفنانة التشكيلية ( اولا ريترباند ) الناجية من بشاعة النازيين في معسكر( اوشفيتز) (1) للتعذيب والموت والذي قضى فيه اكثر من مليون ومائة ألف شخص نحبهم فيه تسعون بالمائة منهم من اليهود الذين لاقوا حتفهم في غرف الغاز.&

&رسمت زميلتي الكاتبة ( ريتربارد ) عن (معسكر اوشفيتز) عندما كانت معتقلة مع عائلتها في عام (1944) وكانت دائمأ تحدثت لنا عن تلك الجرائم البشعة التي تعرض لها مع عائلتها وعوائل كثيرة اخرى قضوا نحبهم في معسكرات الابادة الجماعية النازية وفي افران الغاز التي استخدمها هتلر في( اوشفيتز ) ضد الابرياء.

وعلى الرغم من كبر سنها , إلا أنها كانت تتصف بذاكرة قوية وقدرة خارقة في استذكار ايام شبابها، الماساوية التي قضاها في غرف الموت وفي ساحات التعذيب والقتل والاهانة... وهي في اوج وريعان شبابها.

وثقت الكاتبة الصديقة ( ريتربارد )قبل رحيلها الابدي كتابها بالعديد من الرسومات التي توضح جرائم النازيين وكتبت في مقدمة كتابها المعنون (Will to survive ) : ( تعرضت الى الاهانة والترهيب والتعذيب والعزلة والتنكيل والجوع والعطش في مخيم اوشفيتز , مع وصولنا الى مخيم الموت ( اوشفيتز ) اجبرنا ان نخلع ثيابنا امام الجميع وبقينا لساعات في الساحة الخارجية والمطر يسقط علينا والبرد القارص التهم أجسادنا, وثم حلقوا شعرنا واصبحنا لانميز بعضنا البعض..., لقد قتلوا جميع افراد عائلتي في غرف الغاز , نجوت من الموت الحقيقي باعجوبة بعد ان نقلوني الى مخيم اخر , لم اشعر بالفرحة عندما اطلقت سراحي في عام 1945 لاني فقدت كل شيء في ( اوشفيتز ) , نعم فقدت كل شيء.&

ورغم مرور كل هذه السنوات الطويلة الا ان ذكريات السجن لم تفارقني يوما و لاتزال تلاحقني كظلي....).

الكاتبة (ريتربارد ) والفنانة الايزيدية (سروين ):&

ان جرائم داعش بحق الإيزيديين والمسيحيين والشبك والكاكائيين والتركمان تعتبر واحدة من أبشع جرائم العصر و هي مشابهة تماما لما حصل مع اليهود والشيوعيين والاقليات و التجمعات الاخرى من قبل حكومة ألمانيا النازية وبعض من حلفائها لغرض الاضطهاد والتصفية العرقية أثناء الحرب العالمية الثانية والتي اعتبرهم هلتر وحزبه النازي مصدر خطر امني وتهديد حقيقي لهم......&

ان قصة زميلتي الكاتبة ( ريتربارد ) ضحية ( اوشفيتز ) ورسومها شبيهة بقصة ورسومات الفنانة (سروين خيرو قاسم ) وهي طفلة ايزيدية رسمت لوحاتها ببراءة طفولية وعبرت بصدق عن بشاعة وقسوة وفاشية داعش والأساليب التي مارسها ضد الايزيديين و الأقليات غير المسلمة الاخرى و التي تتنافى مع كل المواثيق، والأعراف الانسانية والنصوص الدولية.&

رسمت الطفلة ( سروين) ببراءة طفولية لوحاتها المعبرة عن الجرائم التي تعرض لها اهلها وطائفتها على يد جماعات ارهابية من التحالف البعثي الوهابي التكفيري , ضمن خطة شاملة ممنهجة لابادتهم وقلعهم من جذورهم.

تكشف الطفلة الايزيدية (سروين) برسوماتها بشاعة المجازر والابادة التي تتعرض لها طائفتها وهي تخاطب الضمير العربي والاسلامي والعالمي( النائم ) برسوماتها المعبرة والتي تحمل في طياتها "ماساة شعبها " وتناشد اصحاب الضمائر الحية ومناصري العدالة في العالم بالتدخل العاجل والفوري لإيقاف هذه المجازر الوحشية التي ترتكبها قوات داعش ضد اهلها في بلدة شنكال والقرى تابعة لها....

وثقت الفنانة (سروين) مع عددٍ من صديقاتها جرائم خلافة داعش وسلطوا الضوء ببراتهم الطفولية الى ما تعرضوا لها من جرائم القتل والسبي وجز الرؤوس والابادة الجماعية والاسترقاق في معتقلات داعش....

تسأل سروين في لوحة من لوحاتها والتي وتعكس رؤاها وأفكارها وصدقها وتقول : كيف للعالم أن يتحدثون عن حقوق الإنسان وهم ينظرون إلى مجازر في حق الأطفال والشيوخ من الرجال والنساء وهم يغرقون في دمائهم بل يموتون في الشوارع وتحت الأنقاض، ولا يجدون من ينتشل جثثهم.....؟

وفي لوحة اخرى تسأل الطفله المسكينه ( سروين ) بحزن ولوعة وبراءة طفولية : أين أمي...أين أبي...كيف استطيع ان اعيش بدونهم؟ نعم لقد فقدت سروين , الأب والأخ والام ,وفقد ت الدار والجار والأهل والأحباب والمدرسة والاصحاب , وفقدت طفولتها واحلامها وخيالها , لا لشيء الا لانها طفلة ايزيدية من شنكال....!

معتقلات داعش أسوأ من زنازين ومعتقلات النازية:&

ان النساء والفتيات الأيزيديات اللواتي تمكن من الهرب من معتقلات داعش عانين وضعا لا يمكن لإنسان أن يتصوره لفظاعته، فالظروف في سجون داعش أسوء من سجون النازيين.

أثناء زيارتنا لناجيات من معتقلات داعش، استمعنا إلى قصص تشبه قصص الناجيين من معسكر( اوشفيتز) حيث تم عزل البنات عن النساء بعد ان اعدموا الرجال والشباب امام اعين عوائلهم , تعرضت النساء والفتيات الى التعذيب و الاغتصاب الجماعي باعتبارهن (سبايا حرب) بعد ان تم بيعهن في الرقة السورية واسواق الموصل كجاريات وكغنائم حرب.

التقينا باحدى الناجيات التي تسكن مع شقيقها الناجي من مجزرة (قرية كوجو) وقد سجلنا الكثير من تفاصيل قصصها المؤلمة، على رغم تعذر عرضها هنا، لأسباب أمنية تتعلق بسلامة من بقي من عائلتها في أيدي وحوش داعش وقالت : ( لم تكن لأي منا القدرة على المقاومة، كانوا يضربوننا بأعقاب البنادق او بأرجلهم حتى ننصاع، ونغادر مع الوحش الذي اشترانا بمبلغ زهيد......, كان زبائن سوق النخاسة من الجنسيات العربية والاجنبية... , وحتى الاطفال لم ينجون من التعذيب والاغتصاب والاسترقاق واصبحوا ضحايا المرضى النفسيين والساديين (البيدوفيل) , حيث مارست وحوش داعش الجنس على قاصرات ايضأ وامام اعين الجميع وثم كانوا يقدموهم كهدايا لأمرائهم ومقاتليهم.....ومن المؤلم أن كل هذه الجرائم تمت امام اعين وصمت العالم ).

نعم.....ان سوق الاسترقاق والرق وسوق النخاسة واستعباد االنساء والاطفال وجردهم من إنسانيتهم، وحريتهم سيكون لطخة عار جديدة في تاريخ البشرية، وفي جبين تلك الدول التي صنعت داعش واخواتها في (مصانعهم ومختبراتهم لقتل الابرياء وتدمير الحضارات. وتفكيك الدول وابادة شعوبها )(2) , طبعأ هذا لا ينفي ايضأ وجود المناخ المناسب والأرضية الخصبة في الدول الاسلامية والعربية لنمو افكار داعش واخواتها المتطرفة والنابعة من الأيديولوجية الفاشية.

ان الشهادات المروعة التي رواها الناجون من ( الاطفال والنساء والفتيات والشيوخ من قبضة داعش)(3) كشفت للعالم بشاعة الجرائم الناجمة عن الشعور بالعظمة وعن الكراهية العرقية التي تمارسها داعش ضد الايزيديين والأقليات غير المسلمة الاخرى في معسكرات الابادة الجماعية , بالاضافة الى انها تضعنا إمام تحديات كبيرة وتلقي على عاتقنا مسؤوليه لا يمكن الهروب منها من اجل تشكيل( لجنة لتقصي الحقائق من الخبراء والمعنيين والمختصيين) لغرض التحقيق وجمع التقارير والصور والادلة والافلام التي نشرها و تنشرها داعش يوميأ عن تدمير المراقد الدينية والكنائس ودور العبادة و القتل الجماعي و جرائم الإسترقاق , والتهجير القسري والتعذيب والسجن والإغتصاب والإستبعاد الجنسي والحمل القسري والجرائم اللاإنسانية الأخرى التي ارتكبتها داعش لغرض إخضاع الضحايا لظروف معيشية يراد بها تدميرهم أو إجبارهم على ترك بيوتهم والهجرة قسرا بعد ترويعهم والتنكيل بهم , بالاضافة الى جمع الإفادات والأدلة من الشهود العيان الذين تعرضوا لحملة الابادة المنظمة من قبل داعش من قبل (لجنة مهنية ومختصة) بهذا العمل، لغرض إعداد سجل بهدف الإعتراف الدولي بجرائم التي تعرض لها (الايزيديين وجميع الطوائف والمذاهب والاديان الاخرى التي تعرضت ولاتزال تتعرض للإبادة المنظمة وإدراجها ضمن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، والتي أقدمت عليها ما تسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش )على أساس الإختلاف الديني والمذهبي والقومي. والدفع نحو الاستفادة من تجارب الدول والشعوب التي مرّت بتجارب مشابهة وعانت من الاوضاع المماثلة التي مررنا ونمر بها اليوم في العراق عامة واقليم كردستان خاصة.&

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1 ) أوشفيتز أكبر مركز للإبادة والقتل الجماعي فى بولندا تم تأسيسه في العهد النازي. تضمن المركز ثلاثة محتشدات رئيسية تم زج المعتقلين فيها و إرغامهم على العمل الإجباري. كما تم تخصيص أحد هذه المحتشدات لفترة طويلة كأحد مراكز القتل , بلغت التقديرات بأن القوات الخاصة(SS) والشرطة قامت بترحيل 1.3 مليون شخص إلى مجمع "أوشفيتز" كحد أدنى في الفترة من 1940 وحتى 1945. ومن بين هؤلاء، قامت سلطات المحتشد بقتل 1.1 مليون شخص.

(2 ) كشف ( تشالز شويبردج ) الضابط السابق في المخابرات البريطانية عن ان وكالة المخابرات الاميركية والاستخبارت البريطانية دفعتا دولا خليجية لتمويل وتسليح تنظيمات مسلحة سلفية في مقدمتها ( داعش) , وقال( شويبردج ) في تصريحاته لفضائية ( روسيا اليوم ) , ان الإستخبارات البريطانية والاميركية تقفان وراء كل الاحداث التي تعصف بدول الشرق الاوسط مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن...واضاف قائلا : (هكذا ضنعنا داعش وهكذا نقرع طبول الحرب ضدها )....!!

( 3 ) كشفت إحصائية رسمية لمديرية العامة لشؤون الايزيدية في 26 ابريل 2015 , ان العدد الكلي للناجين من سجون داعش هو (1628) ايزدي منهم ( 311 رجل ) و( 765 امرأة ) و( 552 طفل ).&

&

أربيل&