&

موقف رئيس اقليم كردستان"مسعودبارزاني"لا يحسد عليه ابدا، المشاكل تحيط به من كل مكان، فمن جانب تخوض ايران صراعا مريرا معه وتصر على اخضاعه لهيمنته، وهي تفعل كل شيء للوصول الى هذا الهدف، يبدو انها قد اقتربت من جني ثمار محاولاتها المستمرة لشق الصف الكردي والاطاحة ببارزاني وتكريس وجودها من خلال حلفائها داخل البيت الكردي في تصعيد خطير لمسألة تجديد الولاية الثالثة ل"بارزاني"، فالشطر الذي يسيطر عليه حزب بارزاني من الاقليم وهو"اربيل ودهوك"يمثل لها استراتيجية كبيرة من وجوه عدة توازي في اهميتها استراتيجية بغداد وربما اكثر، لانه يحادي دولتين تمثلان لها اهمية بالغة في المنطقة وهما الدولة التركية العدوة التاريخية اللدودة والقوة المنافسة لها في المنطقة والدولة السورية الحليفة التي لايمكن الاستغناء عنها باي حال من الاحوال وتحتاج الى طريق سالك لايصال الامدادات العسكرية والدعم اللوجستي لها في خضم صراعها الطائفي مع خصومها، والطريق السالك والسهل لسوريا يمر عبر"اربيل"التي يسيطر عليها"بارزاني"وهو يرفض رفضا قاطعا توريط الاقليم في حرب طائفية عبثية لا ناقة له فيها ولا جمل، وكذلك رفض" إعطاء الإيرانيين ممرا بريا «كاريدور» دائما عبر هذا الإقليم لربط إيران بسوريا وايضا رفض طلبا لرئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني بأن يزور"بارزاني"دمشق ويلتقي بشار الأسد"على حد قول الكاتب"صالح القلاب"، فانها قد بدأت بتحريك حلفائها لاحداث قلاقل وازمات في الاقليم الآمن والمستقر الذي يأوي اكثر من مليونين من النازحين العراقيين واللاجئين السوريين تمهيدا لتقويض اركان الحكم والاطاحة ب"بارزاني".
&
&وجاءت الازمة السياسية الحالية نتيجة اختلاف في وجهات نظر طرفين مشاركين في الحكم، طرف يدعو ويصر على تجديد الولاية الثالثة للرئيس"بارزاني"، وطرف آخر تمثله الاحزاب الاربعة المعارضة ترفض هذا الطلب ويعتبره غير قانوني وغير دستوري، وبالطبع لكلا الطرفين تبريرهما المقنع وحجتهما القوية في رفض املاءات الاخر، فالاول يرى ان المشكلة قابلة للحل عن طريق التوافق والحوار السياسي وان الظروف الاستثنائية التي يمر بها الاقليم والاوضاع الامنية المتفاقمة المحيطة به ستفرض احكاما وقوانين استثنائية واي تغيير في البنية الادارية والقيادية السياسية سوف يؤثر سلبا على الامن القومي الكردي ويهدد استقرار الاقليم، لذلك على الطرف الثاني المعارض ان يبحث عن حل توافقي عبر الجلوس الى طاولة المباحثات وليس عبر اطلاق التهديدات وفرض الامر الواقع، بينما يصر الطرف الثاني على المضي في طريقه الى آخر المشوار عبر طروحاته القانونية والدستورية المجردة دون النظر الى عواقب الامور !.. رغم ان الديمقراطية تعتبر من ارقى النظم السياسية والاجتماعية وهي نقطة النهاية في التطور الاجتماعي والثقافي للانسانية والشكل النهائي للحكومات بحسب فرانسيس فوكوياما، ولكن في حال تطبيقها، يجب النظر الى طبيعة المجتمعات الثقافية والسياسية والاجتماعية التي يراد غرس الديمقراطية فيها، فمن غير الممكن ان تكون الديمقراطية في بلد مثل الصومال او العراق او اقليم كردستان نقطة النهاية للتاريخ او لاي شيء لانها غير مؤهلة اصلا للديمقراطية!
&
&على القوى المعارضة الكردية ان تحل مشاكل الحكم في الاقليم بروية وهدوء وعبر الحوار والتنازل عن بعض شروطها الحدية القاسية، ولا تستعمل الديمقراطية والدستور كقميص عثمان لاثارة المجتمع، فالوضع الذي يمر به الاقليم دقيق وحساس وهو على كف عفريت، واي خطأ ستفلت الامور عن عقالها، وينحدر السلم الاهلي الى الهاوية، وسيكون الجميع خاسرا ولن ينجوا منه احد، واولهم اولئك الذين يبثون الاحقاد القديمة و يدقون طبول الحرب..وكذلك على"بارزاني"ان يتحلى باقصى درجات الصبر والهدوء ويعالج الامر بالحكمة ولا يصعد الموقف المتوتر اصلا، ويحاول ان يتوصل مع المعارضة الى حل مشترك، وان تنازل عن بعض حقوقه، لان تصعيد الموقف في هذا الظرف الاستثنائي ليس من الحكمة ابدا، وليس في صالح أحد.
&
&