بتاريخ 16 يوليو/ تموز 2015 نشر الكاتب السوري براء موسى مقال في صحيفة الحياة بعنوان (حلب... بعد النظام وقبل (؟) «داعش») حاول فيه التركيز على المُسببات التي أودت بحلب المدينة الاقتصادية إلى هذا الحال، وهذا التوزع التقسيمي للسيطرة، من احياء تحت سيطرة نظام الاسد إلى اخرى بأيدي المعارضة الإسلامية (المعتدلة) وثالثة بيد جبهة النصرة (فرع القاعدة) وتنظيم الدولة (داعش) الإرهابيتين. ويسرد الكاتب في مقاله كذلك محنة المدينة وأهلها. وكتشريح للحالة المتشكلة يحاول الكاتب بصورة متسلسلة التحدث عن مسيرة المدينة ضمن الحدث السوري، ويبدأ بإظهار الأسباب الرئيسية التي كانت السبب في تأخر المدينة الكبير عن ركب الثورة السورية، والتي اسندها الى عاملين رئيسين وهما كما يصف:
"....الأوّل هو القمع الاستباقي المشدّد من قبل النظام ...، والثاني هو الرهاب الكامن ... منذ أحداث الثمانينات" .
اما بالنسبة للمسبب الأول فيُعتبر& من المسلمات بالنسبة للتعامل مع كل& الخارطة السورية من حيث القمع الوحشي لنظام متوحش، ومن حيث الجمود الخياراتي للأنظمة التسلطية أمام الحراكات المضادة، واختزال الحل في الاعتقال والقتل. واما بالنسبة للمسبب الثاني ففيه الكثير من اللا توازن من كون ان الحدث الذي يتحدث عنه لم يقتصر على مدينة حلب فقط، بل كان تمركز القمع في تلك الفترة في مدينة حماة، التي تحولت الى ركام. والتي شهدت رغم تلك الذاكرة اكبر مظاهرة شعبية ضد نظام الاسد في أيام الثورة السلمية في تحد واضح مع تلك الذاكرة من (الرهاب) الشعبي الذي يتحدث عنه الكاتب، رغم محاولته التبرير لنشاط حماة مقابل حلب بقوله: " وقد ساهمت مجزرة حماة المُريعة في شباط (فبراير) 1982 في تهميش مجازر النظام في حلب ....".
اما عن الهيكلية المجتمعية في مدينة الحراك الاقتصادي والصناعي السوري، يسرد الكاتب مستنداً على المعرفة الجيدة بتاريخ المدينة وتشكيلاتها عن كون تجار المدينة& تحالفوا باسم تكتل رأس المال مع النظام، وبالتالي تحالف مالي جشع مع قوى الفساد السلطوي. وهؤلاء الاثنين منعا حلب من الانخراط في التظاهرات خلال اول عام من الثورة / الحرب السورية، وبالتالي اضطرار النشطاء للاستنجاد بالريف لتحريك الصراع (الثورة) مستفيدين من الاختلاف المفرط في البيئة والطبيعة المجتمعية بين الاثنين، وينسى الكاتب في كل محتوى المقال رغم غناه التحليلي الداخلي ان مدينة حلب بالتحديد كانت ضمن نيران الاقتصاد من دول الجوار منذ ماقبل الثورة، والتي كانت (دول الجوار) في منافسة على الحيز الاقتصادي مع تجارة المدينة، رغم فساد عوالمها (اقصد رأس المال المدينة)، وبشاعة الجشع المتحكم، والانهيار المفاهيمي لقواها المالية، من حيث استلاب كل مايمت من حقوق الطبقة التي تعيش تحت وطأة معامل الرأس المال المحلي، والمقونن بسلطة النظام، والمظللة بتبريكات بعض شيوخها، والذي لازال نموذج منهم (أحمد بدرالدين حسون) يقبع في دار الإفتاء لحكومة الاسد ويروج له رغم السنين الخمس للثورة. وبالتالي يُهمش الكاتب تأثير القوى الإقليمية، والمجاورة للشمال السوري بالذات في تدمير المدينة، وعدم تداركها من التخريب، وعدم سعيها لحماية البسيط الجيد من تلك القوى الانتاجية في مدينة عريقة وكبيرة مجاورة لحدودها، ومتخمة بالعنصر البشري (اهالي ونازحين). فان كان حديث تلك القوى الاقليمية الذي يتكرر عن معاناتها امام النزوح الخيالي من البشر الى داخلها ذات مصداقية، ولم يكن جزء منه من مخططها، وحلب التي هي احدى خزاناتها (على سبيل المثال) لما تسببت بهذا الانهيار الممنهج للمدينة الوادعة، والتي يبدو بحسب صمت الشهور الاولى من الثورة انها قد اختارت تفادي التدخل بالاحتدام العام المحيط ، كونها مثقلة بضجيج الآلات في المعامل.& لذا يكون السوال المطروح عن دور الجوار في محنة المدينة واضح المعالم ان تذكرنا ماقاله& داوود اوغلو وزير الخارجية التركي عن ان المنطقة الآمنة (التي نتحدث عنها) يقصد (الدولة التركية) لن تغيب حلب عنها؟& .
&صحيح ان العلاقة القائمة بين تلك القوى المالية مع النظام كانت حقيقة، وهي آلية للدفاع لدى عوالم رأس المال في الأنظمة المغلقة. ولكن الصحيح الأكثر ان عملية تحريك الصراع الى داخل حلب تم بشكل ممنهج، وكان هدفه المرسوم هو تدمير كل ماتملكه تلك الكتلة من مقومات الإنتاجية، وكانت العملية اكبر من مصدات النظام المتوحش، والقوى العلائقية لأصحاب المصانع، واكبر بكثير من صوت النشطاء وأصحاب الشعارات البراقة. والصحيح ايضاً ان القوى المجتمعية المنهكة لم تكن لترضى بمآلات الحال في حلب رغم سوداوية القوى التي كانت تجحد جهودها دائماً، فكيف لها ان تقبل كون احدى العوائل في محور النظام، والاخرى في محور المعارضة، وثالثة تحت ظلال التطرف، وغير اخيرة في انزواء في دول الجوار المسبب الرئيس النظير للنظام في محنة المدينة . وبالتالي يحق للمتسائل لمعرفة احدى مرتكزات المحنة الحلبية السؤال التالي:
(أين تقطن تلك المعامل والمصانع الوجه العام للرأسمال الحلبي الان، واين تتركز عمالتها؟).

كاتب كردي سوري&&
&