في بغداد، عصابات من المليشيات، وفي كربلاء قوى الأمن، وفي البصرة و واسط ينفذون سلسلة هجمات بالقوة على المتظاهرين المطالبين بالخدمات ومحاربة الفساد وبإصلاحات حقيقية تؤدي الى تغيير مسار العملية السياسية الطائفية الى طريق يؤدي الى قيام دولة المواطن المدنية الديمقراطية ، وراحت الأحزاب الدينية الحاكمة تتسلل للمظاهرات بحجة المشاركة فيها ولكن لتحرفها عن أهدافها، وتحاول استبدال مطالبها المشروعة وذات الطابع المدني، بشعارات ذات طابع ديني زائف، كمحاربة الخمور، التي سبق وان استخدمت كذريعة لاضطهاد المسيحيين ، وللهجوم المسلح على مقر اتحاد الأدباء وغيره من مراكز المثقفين.. المالكي عاد من طهران بعد لقاء السيد المطاع خامنئي، وهو يتظاهر بالقوة وبهدد بالملفات (كالعادة) ويطالب بزعامة مليشيات الحشد الشعبي التابعة لقاسم سليماني.. ولاشك ان خامنئي أعطى رجل ايران زخماً من التظاهر بعدم الاكتراث وتهديد الآخرين، ولحشد قوى أنصاره لاستعادة الزمام ، ولو بالقوة.
ان قوى الردة الطائفية التي يقف خامنئي وسليماني من ورائها لا يمكن ان تسكت عن اية مساع ترمي الى إصلاحات جذرية، وسلمية في العراق، وتسوق للقضاء على الفاسدين ومن باعوا الموصل لداعش.
خطوات السيد العبادي تدل على نية وطنية نزيهة، ولكنها ناقصة وغير كافية، بل ولم نسمع حتى عن ملاحقة ومعاقبة المعتدين بالسلاح على المتظاهرين، ناهيكم عن معاقبة أعضاء المليشيات المتهمين بالتجاوزات والانتهاكات.. وكم أسفنا لرؤية السيد رئيس الوزراء وهو جالس مع أقطاب (التحالف الوطني) أي (البيت) السياسي الشيعي، الذي يحكم العراق منذ عشر سنوات، وذلك بدلاً من تقديم استقالته (ولو مؤقتاً) من حزب الدعوة والائتلاف، ليكون حراً تماماً في اتخاذ الإجراءات الايجابية ذات الفاعلية. اجل ، الأزمة العراقية معقدة ومتشابكة، والتغيير الإصلاحي لا يتم بين عشية وضحاها، والعبادي مطوق من كل الجهات، رغم ان المرجعية الشيعية تعلن تأيدها له.... الوضع خطير جداً، وقوى الردة بزعامة المالكي لن تقف مكتوفة اليدين... ومطلوب من المتظاهرين الواعيين ولاسيما النشطاء ان يعملوا على إبقاء الطابع السلمي للمظاهرات ، رغم الاعتداءات ، وان يفضحوا مناورات زج شعارات جانبية ذات طابع ديني زائف من جانب من استغلوا اسم الدين والمذهب للإثراء الحرام ونهب البلاد ، ولإيصال البلاد الى انهيار الخدمات وامن المواطنين، وثلم سيادة العراق ، ومخاطر برابرة داعش.
العراق في وضع عسير جداً، ونخشى ان نقول انه على حافة الهاوية... ولكن ايماننا بالشعب العراقي لا يلين، وفي النهاية لا يصح إلاّ الصحيح.
&
&