أقسم أن خطيب صلاة الجمعة في الجامع المجاور لبيته تكفيري يحرض على التطرف والعنف، وأنه أبلغ عنه أربع مرات متتالية، ومع ذلك لا يزال هذا الشيخ يواصل تحريضه، وأضاف أنه يعرف على الأقل عشرة يتبعون تنظيم الاخوان الارهابي في منطقته وفي العمل، يتحركون دون أن يمسهم سوء، وقال أن قواعد التنظيم لا تزال تعمل بكامل طاقتها في أمان تام وأن من يتم القبض عليهم مجرد متعاطفين سذج دفعهم إلى التظاهر أو ارتكاب جرائم تردي أحوالهم المعيشية وضيق ذات اليد واستمرار الشرطة المصرية على نهجها من التعامل بـ "غشم" و"غباء" و"عنجهية" مع المواطن.
كان الرجل يتحدث بمرارة غضبا وحانقا على التقصير الأمني ممثلا في أجهزة وزارة الداخلية التي يرى أنها تفتقد الحد الأدنى من المعلومات الاستخباراتية الصحيحة عن قواعد التنظيم الاخواني الارهابي، ويؤكد أن تقصيرها وراء استمرار العمليات الارهابية التي يروح ضحيتها أبناءنا يوميا، ويقول "انظر الكمائن التي تضعها الداخلية على الطرق، أشبه بنزهة يمارس فيها ضابط الشرطة أو المباحث أو الأمين أو الجندي أسوأ أنواع السخافة دون عمل معلوماتي و تفتيش جدي، مجرد أن يعطل المرور أو يبتز هذا أو ذاك أو يقتل الوقت، لا هدف حقيقي، كذا انظر ماكينات كشف المعادن التي تم وضعها في مداخل مترو الأنفاق، عبط واستهتار، ملايين الجنيهات دفعت لأجل هذه المكينات ليتم اهمالها لمدة أكثر من شهرين وعندما بدأت تعمل في بعض المحطات وجدنا من يقف عليها مجرد فرد أمن بلا خبرة من شركات الأمن الخاصة، يضحك عليه البعض ويتعامل معه البعض الآخر بلا مبالاة، وكثير من المحطات متروكة لمجند توضع أمامه طاولة يفتش عليها يدويا وفي أغلب الوقت هو نائمة عليها".&&
كان الرجل الذي تعرفت عليه للتو على أحد المقاهي بوسط القاهرة، يتحدث فيما تنقل إحدى القنوات الفضائية اعتصام أمناء الشرطة ومحاولات الوزارة لفض الاعتصام، وخبر انفجار عبوة ناسفة في أتوبيس يقل أفراد شرطة في محافظة البحيرة، ومن ثم وجدها فرصة ليفضفض عما بداخله، ويسرد وقائع وأحداث كان شاهدا عليها. قال "إن الخطيب الذي أبلغت عنه أربع مرات، قال في ذكرى فض اعتصام رابعة أن الاعتصام كان أشبه بغزوة أحد، وأن المسلمين هزموا يوم أحد بمعصية واحد منهم، ورغم أن فيهم رسول الله، ولقد هزمنا يوم رابعة لأننا لم نكن على منهاج الحق، فينا من الذنوب ما يلزمنا الالتزام و التشديد على النفس أكثر حتي ننتصر".&&&
وأضاف "أنت مدرك معنى هذا الكلام، إن معناه أننا نحن كفار جيشا وشرطة وشعبا، وأنهم هم من على الحق، وهذه أفكار داعش وأمثالها.. والمصيبة أن عندك وزير أوقاف ليل نهار مصدع دماغنا بكلام فارغ وانجازات فارغة.. يقول لك التبليغ ضد الارهابيين ومعاونيهم ومسانديهم واجب شرعي، يا رجل أين دور أجهزة الأمن والمخابرات، هل هم ينتظرون أن نبلغ عن جيراننا وأهلنا وذوينا، لن يحدث ذلك لأنك الشرطة عندنا تفضح المبلغ لا المبلغ عنه، ثم إنك لا تزال تترك شيوخ التكفير فوق المنابر، ابدأ بنفسك وطهر المنابر والمساجد من دعاة التكفير ثم تحدث".
حال الرجل وكلامه لم يكن فريدا ولا جديدا، حيث يردده الكثيرون خوفا أو قلقا، فكوادر التنظيم الإخواني الارهابي لا تزال في مأمن لم يمسسها سوء، تتبع في ذلك نظام التقية في مواجهة المجتمع الرافض لها، وتدير رأسمال التنظيم ـ مال أو أفراد ـ وفقا لقواعد التنظيم وتنفق حتى اللحظة على كل أعمال الارهاب والتخريب والتظاهرات وتحرض عليها، فأجهزة الأمن اكتفت بكبار رجال المال والأعمال المدرجة أسماءهم في كشوفهم التي لم تتجدد ربما منذ 40 عاما، دون أن تلتفت أن التنظيم جند أضعاف أضعاف ما كان موجودا منذ 40 عاما ولا يزال يجند حتى الساعة، وأن هؤلاء هم من يديرون الرأسمال الارهابي ويشكلون الخلايا ويخططون للعمليات القذرة من خلال شبكات تمتد على مستوى المحافظات والمدن والقرى المصرية.
إن شعورا عاما ينتاب الشارع المصري بأن هناك تقصيرا أمنيا ليس فقط في القبض على من يحركون التنظيم ويمنحونه القدرة على الحياة والاستمرار في مخططه لضرب الاستقرار، ولكن أيضا في القبض على اللصوص والبلطجية وقطاع الطرق الذين يهددون أمن المواطن في تحركاته، وأن هذا التقصير نابع بالأساس من اللامبالاة التي حطت على أجهزة الأمن عقب ثورة 25 يناير 2011، فأقسام الشرطة والكمائن وغيرها مما يتبع أجهزة الأمن لم تعد تعمل أو لنقل صراحة أن ضباطها وأمناءها وجنودها لم تعد لديهم الرغبة في العمل أو يعملون فقط لمجرد إثبات الحضور وتمضية الوقت، حيث لم يعد هناك اهتمام حقيقي للبحث والتقصي كما لم تعد هناك خدمة حقيقة داخل هذه الأقسام، بالطبع ليس الأمر على إطلاقه، لكن الأغلبية هكذا، والأخطر من ذلك هم هؤلاء الضباط والأمناء الذي يتعاملون بفظاظة وغلظة دون تفرقة تذكر بين مواطن ملتزم ومواطن تخريبي.
&ويبقى أن نؤكد أن قلقا بدأ ينتاب المواطن المصري من أجهزته الأمنية: ماذا يفعل هؤلاء؟&
&