إن تصريحات ميركل المتعلقة بالمهاجرين السوريين جعلت العرب يبدون أقزاما أمام العالم، فقد قطع المهاجرون آلاف الأميال مجازفين بأرواحهم لكي يصلوا إلى بلاد قد تعترف بحقهم في الحياة، بدلا من الذل الذي يلاقونه على حدود اخوتهم العرب وغلقها عند إحدى الدول الشقيقة أو فتحها عن أخرى شريطة العيش في "حظائر" وقد تداولت شبكات التواصل الاجتماعي صورة معلم يصفع الأطفال السوريين في الطابور الصباحي الواحد تلو الآخر، وكأنه في حصانة إلهية ألا يصبح ابنه ذات يوم لاجئا عن الإخوة العرب ويأتي من يصفعه بنفس الطريقة. اطمئنوا، فالأيام قادمة وسنرى.&

ميركل استقبلت اللاجئين ودعت الدول الأوروبية أن تضطلع بدورها وتستقبل جزءا من اللاجئين، وهي بالطبع لا تعبر عن رأيها الشخصي بقدر ما تعكس رغبة فئة كبيرة من الألمان الذي خرجوا في تظاهرة استقبال وترحيب باللاجئين السوريين. كما ألغت ألمانيا قانون إعادة اللاجئين السوريين وشددت العقوبات ضد من يقوم بأعمال ضدهم، مما حدا ببعض اللاجئين السوريين إلى رفع لافتات تقول "منحبك يا ميركل". وبهذا الموقف، تثبت ألمانيا أنها ليست متفوقة في العلم والصناعة فقط، بل في المواقف النبيلة كذلك.&

ذات يوم انتشر في الفيسبوك رابط بعنوان "ميركل ترقص عارية في ملهى ليلي" وفتحته، فوجدت شابة ولا أعلم إذا كانت ميركل أم غيرها، ولكنها كانت جميلة وترقص جيدا شبه عارية، وقد تذكرت هذا في الأخبار الأخيرة حول موقف ميركل من اللاجئين، فأدهشني الذي لفت نظر العرب وهو أن دكتورة الفيزياء التي رفعت من مستوى النمو في الاقتصاد الألماني والتي ترحب باللاجئين، كانت ترقص شبه عارية في شبابها، وأظنها أتقى وأحب إلى الله من الجبة والعمة، لله در العرب، لا يضيرهم ذلهم وصغارهم، ويركزون على رقص ميركل. ألا يكفيهم موتهم بالملايين؟ ألا يكفيهم النفايات التي ستنشر الكوليرا قريبا؟ ألا يكفيهم شلال الدماء الذي يسبحون فيه؟ ألا يكفيهم أن نساءهم أصبحن سبايا في سوق النخاسة؟&

قالت ميركل "سنخبر أحفادنا أن اللاجئين السوريين قدموا إلينا مع أن مكة أقرب لهم"، وفي الواقع أن كل الدول العربية أقرب لهم، ولكن ما جاب الثرى للثريا؟ ألمانيا خاضت تجربة قاسية في الحرب العالمية الثانية وتعلمت منها، واشتغلت بالصناعة والعلوم والفلسفة والفن والرياضة، وحققت رفاها تاريخيا، وحين تشتري منتجا ألمانيا، تكون واثقا أنه سيدوم سنوات لديك لا يصيبه تلف أو خلل. وحين تدخل قسم الفلسفة في المكتبات، تجد أن كبار الفلاسفة هم ألمان، مثل كانط وهيجل وماركس وفيبر وإنجلز وهم من غير تاريخ الإنسانية ونمط تفكير الشعوب الأوروبية وأسلوب حياتهم، إذ لم يخوضوا في الغيب، بل خاضوا في طبيعة الحياة الدنيا وكيفية العيش فيها ودور السلطة ودور الشعوب، ونيتشه الذي أوصى أخته في مرضه قائلا "إذا مت فلا تدعي أحد القساوسة يتلو علي ترهاته". وكم نحن في أمس الحاجة إلى أن يعيش العرب في ألمانيا وينخرطوا في الحياة والثقافة الألمانية ويكفوا عن رطينهم الأجوف ويا ليت صدر ميركل يتسع لبقية العرب وتأخذنا هناك.&

&