التقارير والتصريحات الرسمية في اقليم كردستان تشيران الى تواجد اكثر من مليون وثلاثة ارباع مليون نازح من المحافظات العراقية ديالى وبغداد وانبار ونينوى وصلاح الدين ومن سوريا ومن كردستان الغربية، علما ان بغداد لم تسمح بنزوح مواطني الفلوجة والانبار الى مناطقها، وكذلك مجلس محافظة كربلاء لم يسمح بتواجد واسكان النازحين الشيعة من الموصل في مناطقها، بينما السلطات في الاقليم سمحت وفتحت الباب على مصراعيها امام النازحين العراقيين والسوريين وهم بمئات الالوف لتستقر على اراضيها منتشرة داخل المدن الكبيرة والصغيرة وفي مجمعات اعدت من قبل منظمات دولية تابعة للامم المتحدة.
ولا شك ان تواجد ما يقارب من مليوني نازح في كردستان وبنسبة 40-45% مقارنة بسكانها تشكل ازمة استيطانية كبيرة من ناحية توفير اسباب الحياة والمستلزمات والحاجات الاساسية للمعيشة، ومما لا ريب فيه ان تواجد هذا العدد الهائل قد أصر سلبيا بشكل كبير على حياة المواطنين في الاقليم، وترتبت عنها مشاكل وازمات كبيرة سببت لسكان المدن واريافها ازمات معيشية كثيرة، ولكن اهم مشكلة كبيرة يتعرض لها الاقليم حسب ما يستقرأ من واقعه هي سياسة التغريب والتعريب التي تتعرض لها الكرد بتعمد واصرار من السلطة الفاسدة الحاكمة، وكأنها عملية استيطانية متقصدة لاستيطان النازحين على ارض الاقليم لاسباب محلية وعراقية واقليمية، وبهذه المناسبة يمكن حصر اهم انعكاسات وافرازات ومخاطر ومظاهر هذه السياسة الهادفة للقضاء على الهوية الكردية لاقليم كردستان بما يلي:
1.&زيادة خيالية في اسعار الشقق والبيوت والاراضي السكنية والزراعية، والسماح للنازجين العراقيين بتمليك الاراضي والبيون والعقارات في محافظات الاقليم، وهذا ما سبب اضطرابا ديموغرافيا وجغرافيا وسكانيا واجتماعيا وثقافيا في مكونات المجتمع الكردستاني وتولد عنه توجه حقيقي لتعريبه بتقصد وتعمد مبين، ومن باب تحمل المسؤولية فان الرئيس المنتهي ولايته ورئيس الحكومة يتحملان مسؤولية مباشرة لهذا التعريب المتقصد لاسباب انتخابية ومالية مرتبطة بالفساد المستشري في الاقليم.
2.&حمل اعباء معيشية وحياتية بنسبة خمسين بالمئة على كاهل المواطنين الكردستانيين وهم لا حول لهم ولا قوة، وهذا ما حدى بان تكةن الحياة عسيرة وصعبة وخاصة للشباب الكردستاني مما حمله على التغريب من الوطن والهجرة الى خارج البلاد بسبب سحق الموا\نة والانتماء والولاء من قبل السلطة الفاسدة في الاقليم.
3.&ارتفاع الاسعار وزيادة علاء المعيشة بالنسبة لمواطني الاقليم في اغلب المواد الغذائية والزراعية والحيوانية، والتسبب بارتفاع نسب التضخم وزيادة اعباء تكلفة المعيشة بالنسبة للاسرة الكردستانية.
4.&تعرض الاقليم الى موجة هجرة كبيرة موجهة الى اوربا لم يسبق لها منذ الحرب العالمية الثانية بسبب الاغتراب الناشيء من فقدان المقومات المعيشية والاقتصادية والسياسية والامنية والاجتماعية في الاقليم بسب تسلط سلطة حاكمة بالفساد والقمع السياسي في كردستان.
5.&استهزاء واستخفاف السلطة الفاسدة بمشاعر المواطنين ومنح اهتماما استثنائيا بمسألة كرسي الرئاسة وعقد الجلسات المتتالية للبحث في حلها وسهر الليالي من اجلها وعدم عقد وتخصيص الجلسات على مستوى البرلمان والحكومة والمكاتب السياسية للاحزاب لدراسة وبحث مشاكل وازمات الشعب حاصة على مستوى الازمات المالية والاقتصاددية والمعيشية والحياتية والسكانية والتشاور فيها لايجاد حلول واقعية وضرورية لها.
6.&ادخل مسألة الطاقة والنفط في دهاليز مظلمة لا يفهم منها لا بداية ولا نهاية ولا يبان منها الحقيقة المجردة ولا الشفافية النائمة في الزوايا المظلمة للسلطة بسبب فساد الرؤساء والوزراء والامراء والمسؤولين الحكوميين والحزبيين.
7.&دخول الشباب الكردستاني في ضياع تام ومخيف بسبب فقدان البرامج والخطط وغياب البنية التحتية للتنمية والعدالة والتخطيط السليم وعدم وجود بنيان للمستقبل من واقع الحياة ومن واقع القطاعات الحكومية والاهلية في الاقليم.
8.&تسلط طبقة فاسدة ومجرمة بكل معاني الكلمة ومجاميع مافوية على كل مفاصل الحياة التجارية والمالية والاقتصادية وتحويل الشعب الى مجرد اداة استهلاكية لتصريف السلع والمنتوجات المستوردة وكأن البلاد في ظل ضيعة تامة تحت خيمة السيد البرزاني وخاصة في سنوات العقد الماضي.
9.&ادخال ثقافة غريبة عن اطوار الحياة الاجتماعية والاقتصادية الكردية من خلال سيطرة مكونات وشارئح كبيرة من النازحين على مفاصل ووحدات ومكونات اسواق الاقليم، والاستهزاء بمشاعر الكرد من خلال التعمد بعدم تعلم اللغة الكردية، والطلب من الكردي بالتكلم بالعربية وهو صاحب الدار وفي بيته ووطنه بينما الاخر هو ضيف على الدار.
10.&تحول المطاعم والمحلات والفنادق والمناطق السياحية الى مستوطنات محتلة بثقافة ولغة غير كردية وكأن الاقليم محتل وليس للكرد مكان فيه وانما هي دار الملك للاشقاء العرب العراقيين ملكا صرفا ومنجة موهوبة من السيد البرزاني ورئيس حكومته.
11.&تحويل بعض دوائر الحكومة الى مشاريع معدة للتعريب من خلال فرض موظفيين عرب ومسيحيين لا يتكلمون ولا يتعلمون الكردية بتقصد، وكأننا نعيش على ارض مستعمرة غريبة الاطوار يجرد الكردي فيها من هويته القومية واللغوية والثقافية والاجتماعية.
12.&فرض ثقافة غريبة على الشباب الكردي في الاقليم من خلال العمالة غير الكردية المستخدمة وتفشي الاستحدام الواسع للـ "النيركيلة" والادوات المرادفة لها في الاسواق والاماكن الترفيهية.
من خلال هذا السرد السريع هكذا نجد ان الاقليم تحول الى مستعمرة غريبة خارجة عن الاطار الكردستاني من خلال فرض ثقافات مضطربة للنازحين العراقيين والسوريين ومن خلال السيطرة على العمالة المحلية وشراء العقارات والاراضي والبيوت السكنية والتجارة بها، والسبب كما يبدو هو السلطة الحاكمة الفاسدة المتمثلة برئاسة الاقليم والحكومة ورئاستها والبرلمان ورئاستها، ونتيجة لهذه السياسة الكردية القمعية الجديدة تحول المواطن في الاقليم الى مجرد اداة بيد السلطة ووسيلة للاستهلاك وكائن لا حول له ولا قوة ومؤجر لبيوت اصحابها نازجون او سواح بفعل الادارة اللاوطنية للرئاسات الثلاث في ظل الازمات والمشاكل الخانقة التي يعيشها الشعب الكردستاني.
وهنا لابد ان نوضح اننا لسنا ضد احتضان النازحين، ولكن استقبال هذا العدد الكبير بالملايين يخلق ازمات كبيرة واضطرابات اقتصادية واجتماعية وثقافية وامنية كثيرة، ونقول بصراحة اننا لا نريد ان نكون ملكية اكثر من ملكية بغداد او ملكية كربلاء تجاه النازحين من ابناء عمومتهم، ولكن من حقنا ان نطالب بحقوق مواطني الاقليم ونطالب بان لا يكون استقبال النازحين على حساب حياتهم وهويتهم وثقافتهم ومواردهم الاقتصادية، وان لا تكون عملية النزوح والهجرة المؤقتة سيناريو محكم لملء جيوب الفاسدين والمارقين لاثراء وتغذية التماسيح والحيتان الكبيرة من اهل السلطة الفاسدة في كردستان .

كاتب صحفي من اقليم كردستان
[email protected]
&