تقضي خطة الشرق الأوسط الكبير بتقسيم السعودية ووضع مكة تحت الوصاية الدولية، وها قد بدأت الأطراف المتلهفة لهذا التقسيم بالعزف على وتر الحج وأحداثه المؤسفة. وبالطبع فلا يمكن لأي دولة أو جهة في العالم كله منع حدوث أحداث مؤسفة كتلك التي حدثت بصورة خارجة عن الإرادة، ولكن الحاقدين استغلوها للترويج لفكرة عزل مكة عن السعودية.

لا يوجد صمام أمان للسعودية غير الشعب السعودي العظيم، الذي لا يمكن التغرير به وجره لمصير العراق وسوريا واليمن وليبيا، فالسعوديون شعب أصيل ولشدة إخلاصه وغيرته، فهو يندفع بشكل عفوي قد يعود على وطنه سلبيا، لذا فالمطلوب من قادة المجتمع المدني التخطيط المنهجي والعلمي السليم لتوعية الشباب بما ينتظرهم، خاصة وأن الأمثلة حية أمامهم في العراق وسوريا اللذين دمرا بالكامل، ونهبت خيراتهما وتراثهما ودمرت كنوزهما التاريخية، وذلك من خلال وسائل عديدة وشاملة لكل جوانب الحياة، والتركيز على وحدة الوطن بجميع فئاته وطوائفه.

إن مصر العظيمة استطاعت الالتفاف على خطة تدميرها وإشعال حرب طائفية فيها من خلال الوعي الشعبي ونشاط المجتمع المدني وليس من خلال المواجهة المسلحة. إن الشعب الذي يقف بكليته أمام محاولات التدمير، ينقذ وطنه بشكل أكثر فعالية من السلاح، وعلى السعوديين اتباع خطى مصر والوقوف صفا واحدا في وجه محاولات التقسيم ونشر الفوضى. إن على قادة المجتمع المدني من علماء واقتصاديين وسياسيين ورجال دين وكتاب وأدباء توحيد الصفوف وإعداد البرامج الوثائقية والتثقيفية التي تقنع الشباب بضرورة التآزر والتضامن وعدم شق الصفوف كي يسلم وطنهم مما يحاك ضده.

إن مجريات الأحداث الأخيرة تدل على أن ما يحاك للعرب أمر لا يتصوره العقل، وقد مضت الخطة من دولة لأخرى وانساق الشعب وراء قوى التدمير، ولم يبرز بينهم رجل رشيد يدلهم على الطريق الصواب، وأخيرا تم الاتفاق بين إيران والدول العظمى وسوف تقفز إيران اقتصاديا مما سيتيح لها فرصة تحقيق أطماعها في المنطقة، وقد استغلت أحداث الحج لتدخل من هذا الباب لنشر الفوضى في السعودية، وقد بات على الجميع ألا ينتظروا حتى تتمكن من ذلك وتحشد في سبيله أفرادا من داخل السعودية وخارجها.

هذا هو دور المجتمع المدني السعودي والخليجي والعربي عموما، لوضع خطة متكاملة اقتصادية واجتماعية وثقافية وتشريعية وسياسية من شأنها توحيد الشعب السعودية ورفع مستوى وعيه بهدف عدم الانجرار وراء نافخي الكير ممن يطيب لهم رؤية العرب أكواما من الجثث، فلا بد إذن للشعب السعودي إثبات أنه على مستوى عظيم من الوعي وليس من السهل التغرير به ليشعل حربا طائفية وسخة، وذلك للحيلولة دون تنفيذ مشاريع دموية في المنطقة على حساب الشعوب المغلوبة على أمرها.

[email protected]