&
يعاب على البعض خذلانهم لإخوانهم واتخاذ مواقف معيبة لهم ولمن والاهم، لكن هذ الخذلان حين يأتي من إنسان بلغ من سلم العلم والمعرفة درجة عليا، يقف المرء حائرا، ويحاول أن يفهم ويستعصي عليه الفهم السليم. والدكتور بشار الأسد منا وفينا، ويعربي كان يجب أن يشد أزر أمته، لا أن يدمر ما كان يمكن إصلاحه، وهو بدعوته لإيران إنما يخرب ما بقي من هذا المجتمع الحزين. ولو أنه تروى قليلا، لفكر بحل يحقن دماء الناس الأبرياء، ووجد حلولا أكثر منطقية وعقلانية أبسطها حمل حقائبه والتوجه إلى أي بلد عربي يأنس له، كما فعل زين العابدين الذي أثبت أنه يحب تونس أكثر من كرسي الحكم.&
ماذا لو فكر الدكتور بشار بحل يحقن دماء أمته، وحافظ على سوريا (وليس سوريا الأسد) بدلا من تسليم جوهرة البلدان العربية لإيران كي تنخر بقية البلدان العربية بحروب طائفية وتقسم الشعوب إلى طوائف متناحرة؟ ألم نتعلم الدرس من مصير الشهيد صدام حسين؟ ألم يصبح العراق مرتعا للفرس؟ هل يريد الدكتور بشار لسوريا أن تصبح مرتعا للفرس أيضا؟ أهذه هي "الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة"؟ هل ستبقى سوريا وجهة العرب والأمة التي رفعت رأسهم في أكتوبر 1973؟ هل لا يزال الدكتور بشار مقتنعا أن إيران ستواجه إسرائيل؟ وإذا كان بشار لديه استعداد أن يدخل إيران إلى سوريا، فلماذا لم يدعها من قبل لكي تضرب إسرائيل انطلاقا من الأرض السورية كما دعاها لتذبح السوريين على أرضهم؟ إذا كان بشار وإيران متفقين على عداوة إسرائيل، لماذا لم يخوضوا حربا مدمرة كهذه التي دمرت سوريا وشعبها عن بكرة أبيهم؟ هل اقتنع الآن بشار أن إيران تتاجر بالقضية الفلسطينية وليس لديها أدنى استعداد أن تخوض حربا مع إسرائيل؟&
هل في إيران اليوم لاجئون سوريون؟ ألم يذهب السوريون إلى البلدان العربية بل وأوروبا وليس إيران؟ وكيف يمكن للطبيب المختص في العيون ألا يرى ما هو واضح كالشمس؟ أليس جليا أمامه أن إيران كانت تنتظر هذه الفرصة لتلتف على المنطقة وتهيمن عليها وتجعل ثقافة الطوائف هي الثقافة السائدة؟ وما سر عداء سوريا للبلدان العربية؟ هل هو فعلا حول المقاومة والسلام؟ وإذا كان المعسكران لم يتجزا شيئا على أرض الواقع، فلماذا الخلاف ولماذا يحمل كل منهم السلاح في وجه الآخر؟ أهي حرب إعلام وكلام؟ إذا كان أي من المعسكرين قد أنجز شيئا فليظهره لنا. لم نر سوى صواريخ كرتونية تطلق بشكل عشوائي على إسرائيل ثم تأتي إسرائيل لتفترس خيرة الشباب وتنزع قلوب أمهاتهم. ولم نر سوى مفاوضات عقيمة للسلام لم تجلب لنا سوى "غزه وريحه" على رأي عادل إمام.&
لا أحد يحب أن يرى إيران في الشرق وفي الشمال ولا أحد يمكنه الوقوف متفرجا على المآسي التي ألمت بالبلدان العربية، ولا أحد لم يبك على العراق وعلى سوريا وبقية البلدان العربية. وهذا "الربيع العربي" دمر كل شيء وكلف المليارات، ولو أن تلك النقود استخدمت في سبيل استئصال الفقر وتحقيق التنمية والتربية الوطنية، لما بقي رجل واحد لديه استعداد أن يحمل السلاح في وجه أخيه.&
يحار التفكير في هذه المعضلة، ولكنني أتساءل ألا يمكن إرضاء بشار بما يريد على أن يخرج إيران من سوريا؟ ماذا لو أعيد بناء سوريا وأقيمت مشاريع تنموية في سوريا بإشراف وتمويل عربي، ألا يفكر الدكتور بشار بالحفاظ على سوريا والعودة إلى الصف العربي وإبعاد الخطر الفارسي الذي لن يتوانى عن التهام الأراضي العربية والصلح مع إسرائيل واقتسام الغنيمة معها؟&
&