لأن تونس دائماً تسبق مصر بخطوة، في مسلسل "الخريف العربي"، فإن الجميع توقع أن أحداث وسيناريوهات تونس الأخيرة، سوف تطول أو تتكرر في مصر، خاصة مع حلول ذكرى 25 يناير، التي تحولت خلال السنوات الأخيرة، إلى كابوس يهدد الوطن والمصريين بالفوضى والخراب..
لكن وعي الشعب المصري، هو من ساهم في أن تمر هذه الذكرى دون خسائر، ولم يعكر صفوها سوى بعض المناوشات التي تزعمتها بضعة عشرات من الإخوان في حي المطرية بالقاهرة، ممن وصلهم تمويل مشبوه لكي يقوموا بتأجير بعض المرتزقة من البلطجية والعاطلين، ليتظاهروا ويحدثوا نوعاً من الفوضى، ليمنحوا الفرصة لبعض "القنوات المأجورة" التي تكن العداء لمصر وشعبها، لتنقل على الشاشة مسيرة خجلى، وتزعم أنها سلسلة بشرية من آلاف الإخوان تتظاهر ضد النظام.. لتواصل مسلسل خداعها للمشاهدين..
رغم دعوات عدد من الشباب المحبط، ومعهم بعض "نشطاء السبوبة" على مواقع التواصل، خاصة "تويتر" و"فيسبوك"، للنزول والتظاهر، إلا أن الشعب خيب ظنهم، حتى الذين نزلوا إلى ميدان التحرير، لم ينزلوا للتظاهر وإحداث الفوضى، بل ليحتفلوا بذكرى الثورة على أنغام الموسيقى ورقصات الفلكلور المصري الشهيرة.. الأمر الذي أصاب الحاقدين في مقتل، بعد أن فشلوا في حشد الجماهير لتخريب وتدمير الوطن، لعل وعسى يعود بعض النشطاء للمشهد من جديد، ويبدأ "صنبور" الدولارات في التدفق عليهم من جديد، ليسهموا في الفوضى التي تستهدف إسقاط الوطن، كما يتمنى أعداؤه..
لا شك أن هناك شباباً يعاني من الإحباط واليأس، بعد أن شارك في الثورة، واخذ يحلم بوطن جديد، والسير على طريق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. لكن من سوء حظ الثوار، أن الإخوان نجحوا في اختطاف الثورة وركبوها، بل نجحوا في الوصول إلى رأس السلطة، وهنا بدأت مسيرة الوطن نحو الهلاك، نتيجة غباء الإخوان السياسي، الذين خططوا لسرقة الوطن، وإقصاء جميع الفصائل الأخرى من المعارضة عن المشهد، بهدف أخونة الدولة..
في هذه اللحظة، شعر كل مصري شريف بأن الوطن في خطر، وأن الإخوان يسيرون به نحو الهاوية، وكانت النتيجة اندلاع ثورة 30 يونيو، التي أقصت الإخوان عن السلطة، بعد أن ساند الجيش الشعب، وحقق رغبته في التخلص من هذا الفصيل القائم على أفكار هدامة لحسن البنا وسيد قطب ويوسف القرضاوي وغيرهم من قيادات الجماعة الذين يكفّرون المجتمع، ويعادون أي مواطن لا ينتمي للجماعة.. وكأن الإخوان وصلوا للسلطة ليحكموا الجماعة وليس مصر..!
هنا، التف الشعب حول الرئيس عبد الفتاح السيسي، لينقذ الوطن من أفكار شاذة لجماعات وتنظيمات ظهرت مثل تنظيم داعش وغيره، والتي خططت لاختطاف وإسقاط أوطان عربية بإغراقها في الفوضى وبحر من الدماء، وبالفعل نجحوا في تخريب دول صديقة مثل اليمن والعراق وسوريا وليبيا.. واستمراراً لهذا المخطط أدخلت دول ومخابرات غربية إرهابيين من جنسيات مختلفة خلال العام الذي حكم فيه الإخوان مصر إلى سيناء في محاولة للإجهاز على جيشنا، وهؤلاء اليوم هم الذين يقتلون جنودنا ويروّعون أهالي وقبائل سيناء، لإشاعة الفوضى والإرهاب وضرب السياحة للتأثير على الإقتصاد المصري..!
وعندما اكتشف أعداء الوطن، أن مصر تسير نحو الاستقرار والنجاح في الخروج من عنق الزجاجة، والإفلات من فخ الإرهاب الذي نصبه أعداؤها لها، حاولوا التآمر عليها من جديد، حيث يستغلون كل فرصة لمهاجمة النظام، والنيل من مقدرات الوطن، والتقليل من أي إنجاز يحدث على أرض الواقع، لتشويه أي شيء جميل، ليتسرب اليأس إلى نفوس فئات الشعب المختلفة، لعل وعسى تثور على الأوضاع وتعود الفوضى مرة أخرى إلى الشارع المصري..
لا أحد يقول أن الأوضاع في مصر وردية، أو أننا من أفضل الأوطان على خريطة العالم، لكننا نجحنا في الحفاظ على الوطن وحمايته من السقوط... نعم ينقصنا الكثير لكي نصل إلى مستوى الشعوب المتقدمة، لكن لابد من الصبر لنصعد سلم الحرية درجة درجة.. لأن القفزات السياسية المفاجئة لن تخلو من الكبوات، ولن تحقق الهدف المنشود منها..&
علينا الانتماء للوطن، والولاء للأرض التي نعيش من خيراتها، بعيداً عن الأصوات التي تتآمر لهدمه، والمنتفعين من "عبدة الدولار" الذين لا يترددون لحظة في بيع وطنهم مقابل المال.. علينا احترام حضارتنا وتاريخنا، بالحفاظ على مصر من المتربصين بها، دون شعارات براقة، أو تجارة رخيصة تنال من أمن الوطن واستقراره.. مع أهمية احترام الشباب من الثوار والحالمين بمستقبل أفضل، حتى لا نخطئ ونضع الوطنيين الحقيقيين، والمتاجرين بالوطن، في "سلة واحدة"..!

** كلمة ونص:
هناك فرق بين الثورة لتصحيح أوضاع خاطئة، وبين الثورة لإسقاط وطن،،،!
&
كاتب مصري
&