وقعت القيادات الكردستانية العراقية أكثر من مرة في فخاخ صداقات مزيفة وملغومة، لا سيما من الجانب الإيراني، إن كان ذلك زمن الشاه أو اليوم. ودفع الشعب الكردي ولعراق اثمانا غالية لذلك. ولنذكر مثلا دور نظام الشاه في انزلاق الحركة الكردية المسلحة للصدام مع حكومة 14 تموز. إن حكام الدول المجاورة للعراق حيث يعيش الأكراد ليسوا من أنصار الحقوق الكردية بل هم أعداؤها سواء كانوا حكام تركيا أو سوريا أو إيران.

وفي هذا المقالة نركز على الدور الإيراني بمناسبة تدخلاتها في شؤون بعض الخلافات والمواقف الكردية في البرلمان وخارجه... أما صداقة اردوغان وبشار الأسد فلنا عودة إلى ذلك.

إنه يجب التفكير كيف ساهم أكراد إيران في الثورة على الشاه وكيف انقلب عليهم خميني بعد تسلم السلطة ووصفهم بأبناء الشيطان وقصف قراهم وأحرقها. وعلينا ألا ننسى أيضا الفخ الذي نصبه نظام الفقيه لزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني عبد الرحمن قاسملو الذي كان في فيينا وذلك تحت ستار مفاوضات، فأرسل له ولرفاقه فريق اغتيالات. فقتلوه مع رفاق له في فيينا.

ولحد يومنا لا يتمتع أكراد إيران بأي من حقوقهم حتى الأولية منها. وإذن كيف يمكن تصديق المراوغات الإيرانية الأخيرة في التدخل في شؤون وعلاقات الأحزاب الكردستانية بحجة وساطة النوايا الحسنة.

وفي الوقت الذي تتواتر فيه الأنباء عن مساعي إيران لتهيئة ظروف عودة المالكي بدلا من العبادي في الانتخابات القادمة فإن مناورات أعوان إيران العراقيين للتقرب من هذا الفريق الكردي أو ذاك يجب صدها هي الأخرى وعدم الوقوع في شباكها لأنه أعوان إيران ليسوا أصدقاء الشعب الكردي. ولا تزال تدوي صرخات المالكي وهو أمام جثة صحفي قتيل مخاطبا الأكراد "أنا ولي الدم" وكم من مرة تعمد فيها خلق أجواء وعوامل الأزمات مع إقليم كردستان.

إن أـكراد العراق ليسوا بحاجة إلى صداقات منافقة لا من إيران ولا من تركيا ولا من سوريا، وحالهم هو حال شيعة العراق الذين يحكم باسمهم أعوان إيران بينما تعيش الغالبية منهم في أوضاع حياتية مأساوية. كما لا يمكن نسيان ما عانه الشيعة الذين هجّرهم صدام من أكراد وعرب إلى إيران وما عانوه من أنواع التمييز العنصري ضدهم في إيران باستثناء من كان مواليا ويعمل واشيا وإرهابيا مع الحرس الثوري. إن

فتح المجال لإيران وأعوانهم لاستغلال أية خلافات كردية كردية يضر بالشعب الكردي ويخدم عودة المالكي الذي إن عاد فسوف تزداد الأوضاع سوءا على سوء.

أجل، في الإقليم ظواهر سلبية وشكاوى مشروعة عن أساليب الإدارة وبعض ممارسات الفساد والمحسوبيات ويجب حل هذه الظواهر والخلافات بهدوء وصبر وفي الأجواء أخوية بعيدا عن التدخلات الخارجية.

وأعيد هنا انتقادي لما سمي منذ سقوط النظام السابق "العلاقات الاستراتيجية بين التحالف الكردستاني والتحالف السياسي الشيعي"، وقد انتقدت ذلك أكثر من مرة في رسائل للأخ الغالي جلال الطالباني في حينه، فباسم هذه الاستراتيجية وافق الأكراد على نظام المحاصصة وعلى عودة المالكي إلى ولاية ثانية رغم خسارته في الانتخابات. وإن استمرا الأطراف الكردية بنظام المحاصصة يساهم في استمرار تدهور الأوضاع العراقية والاضرار بالشعب العراقي كله.

إن القيادات الحصيفة هي من تتعلم من التجارب المرة ومن الضروري على الأطراف الكردية معالجة أوضاعها وتعزيز العلاقات مع القوى الديمقراطية العراقية في السير معا نحو عراق ديمقراطي اتحادي. وإن وجود الديمقراطية في العراق خير ضمان لحقوق الشعب الكردي. ومن الضروري أيضا تجنب التنويه من وقت إلى آخر بحق الانفصال لاسيما والعراق كما قلنا محاط من كل جهة بأنظمة معادية للأكراد.