ماذا على العراقيين أن يفعلوا بعد داعش؟. وهل نهاية المعركة المزيّفة هي بداية للمعارك الحقيقية؟.
داعش كان عنوانا للفوضى وللإرهاب والعدمية، ثمّ أصبح عنوانا لبيت مهجور تهرب من شبابيكه الأشباح لتستقبل من الباب أشباح أخرى بلباس الملائكة. تدخل بثياب وبأجندات وبمشاريع جديدة. وبخطط وبخرائط جديدة. فما بين "كان" و"أصبح"، ثمّة مسافة منسيّة وساقطة من بين سطور التاريخ وخطوط الجغرافيا. هل الفعلان فعلا "أخوات" في قواعد اللغة العربية؟. بينهما الكثير ممّا ينبغي أن يُقال وممّا ينبغي أن نصرخ بأعلى أصواتنا ونقول كفى.
الشكّ مرفوض ما دام التفكير عاطل. البكاء وحده هو المسموح به للضحايا. وله مواسم وتسعيرات وضبّاط إيقاع. البكاء يخفّف من الغضب. يؤجله ولا يُمحيه. الضحايا الباكية لم تعد تستحق الإحترام في عالم يتقدّم بأقدام ثقيلة صوب التوحّش. النظّارات الطبيّة لا تنفع في الغابة. الغضب المُعلن يقود للثورة على الراهن والغضب المكبوت يقود للإكتئاب. مذنبون كنّا أم غير مذنبين. ذنب الأفراد والجماعات لا يقلّ عن ذنب المكان والزمان.
حين تُذلّ وتُهان ولا تغضب أو تثور فإنّك حتما ترتضي الذلّ والهوان. أو تتواطؤ برضاك معهما. أسوأ أنواع الموت الأسود هو ذاك الذي تنتظره بإستمرار وببطء. وسيأتيك هو أيضا بصورة لطالما كنت تنتظرها.
&قريبا ستتبادل النخب الأنخاب في ما بينها. كؤوس أخرى من الدمّ والدموع على المائدة. قد يكون هو المشروب المُفضل تاريخيا ما بين الأقوياء. قُدامى كانوا أم جُدد.هنا على خشبة العراق، كان دوما لقاء الجبابرة والطغاة والمحتلّين على مرّ العصور. وهاهنا سيكون للباكين وللضاحكين أن يتبادلا الكذبة نفسها ويشربا عصير الإنتصار على الضعفاء في مسرح لامعقول. أن يصلا بالضحيّة للإدمان على الذلّ هي ذروة النشوة. الساديّة تُولّد الماسوشية إن رقدنا في ظلالها المُعتمة. حتّى لو حلمنا هناك بالرحمة الغائبة. هل سنبقى نطالب القتلة واللصوص والفاسدين بإصلاح أنفسهم؟. وهل سندعو الله أن يُهديهم يوما الى الطريق المستقيم؟. وهل أنّ الإصلاح سوف يتمّ على أيديهم وبيدهم وبوجودهم وبمساعدتهم؟.
الخشبة ضاقت بالمهرجين. والجمهور يتململ في مقاعده ولم يعد يتحمل المشهد القادم. سيعود الملقّن القديم للتحكّم بالإداء وبالحركة. الخطوط والمسارات تتقاطع أكثر وباتت معروفة الأهداف أكثر.
&ماذا لو أُصيب الملقّن بنوبة إغماء؟. أو بنوبة من الجنون أو التمرّد أو الرغبة في التكسير والتدمير وإنهيار سقف المعبد برمّته على رؤؤس العبيد والمصلّين والمرتّلين معا ؟. حينها كيف سيكون مشهد الأرتباك على المسرح القديم؟. أقسى مراتب الخسّة أن تتمعن في تعذيب الضحيّة المنهكة التي تدرك أنت تماما مدى ضعفها الإنساني. فقدان معنى الرحمة ومعنى القانون معا، هو التعبير العميق عن اليُتم الاجتماعي واليُتم السياسي. اللقاء التاريخي الذي يتجدّد بين الإمبراطور الحاكم وبين الجلّاد المحلّي السادي هو عنوان الفصل الأخير من فصول إنتقام الضحيّة من نفسها. هذا هو الجواب.
&
&
&