منذ ان رفضت تركيا سحب قواتها من معسكر بعشيقة الذي يقع شمال مدينة الموصل &بناء علي طلب الحكومة العراقية قبل اكثر من خمسة اسابيع ، والدلائل الملموسة تشير ان انقرة مصممة علي انتهاك سيادة الشعب العراقي تحت شعار كاذب ومضلل يدعي " شرعية تواجدها " الذي عززته مؤخراً بإرسال مزيد من القوات .. ويُعزز منه أيضاً تراخي الإدارة الأمريكية في مساندة بغداد في موقفها السيادي هذا ..&
يؤكد هذه الدلائل أربعة أمور وقعت متزامنة قبل نهاية شهر يناير الماضي ..&
الأول .. زيارة جون بايدن نائب الرئيس الأمريكي الأخيرة لأنقرة وعقده لقاءات مكثفة مع عسكريون وسياسيون أتراك ، بهدف تنسيق المواقف والجهود المشتركة تحت عنوان " التقارب الأمريكي / التركي هو مفتاح تحرير محافظة نينوي العراقية وفي قبلها الموصل " ..&
الثاني .. قول وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو أن العالم بات علي قناعة بصحة بقاء القوات التركية في معسكر بعشيقة ، ونصحيته لحكومة بغداد بأن تتوقف عن التنديد بسياسات بلاده وان تركز جهدها علي مكافحة تنظيم داعش في العراق ..&
الثالث .. تأكيد المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض جوش أرنست أن الإجتماع الذي ضمن مؤخراً كبار الضباط من الجانبين الأمريكي والعراقي ناقش مطلب زيادة المدربين ( الأمريكيون ) الذين يحتاج إليهم الجيش العراقي " كنوع من التحضير لمعركة الموصل " الذي يحتل مطلب تحريرها قائمة إهتمامات التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم داعش في العراق .. &&
الرابع .. ما أعلنه المتحدث باسم قوات التحالف الدولي ستيف وارن أن الولايات المتحدة بدأت في تدريب نحو 20 ألف من قوات الأمن العراقية تمهيداً لمعركة إستعادة مدينة الموصل التى وضع تنظيم داعش يده عليها منذ منتصف يونية 2014 ..&
لسنا في الحاجة لإلقاء الضوء علي نوعية العلاقية العضوية بين الجانبين التركي والأمركي في ضوء هذه الدلائل والمعطيات ، خاصة وأنها تتم وفق اللوائح التى تنظم العلاقات بين أعضاء حلف شمال الأطلنطي بالدرجة الأولي ..&
ولكننا في حاجة ماسة إلي كشف الخطط التركية الرامية إلي تنفيذ عملية تدخل عسكري في الشريط الحدودي الذي يفصلها عن شمال سوريا قبل أن يسقط الجزء الباقي منه في يد الوحدات الكردية وقوات الجيش النظامي السوري ، لأن هذا السقوط يعني خسارتها الكاملة لما بقي لها من نفوذ تحريضي في هذه المنطقة وبالتالي لما بقي لها من دور داعم لقوات معارضة علي مستوي الملف السوري ..&
ولعلنا لا نبتعد كثيراً عن الحقيقة عندما نقول أن ما قامت به طائرات تركيا العسكرية ليلة الجمعة الماضية (29 يناير ) من شن غارات عنيفة ضد مواقع مسلحي حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل وزراريان داخل المثلث الواقع بين أراضيها و حدود كل من العراق وإيران ، يبرهن علي إنتهازية أنقرة التى تواصل مخطط أخراس صوت مجموعة من أبناء الأقلية الكردية التى تشكل واحدا من أهم خيوط نسيجها الوطني ، لأنها تطالب بالإعتراف بحقوقها الوطنية المشروعة !! عبر تصوير المشهد علي أنه حرب ضد تنظيم داعش !! ..&
كما لا نبتعد كثيراً عندما نقول أن مخطط التدخل عسكرياً في الأراضي السورية الذي كان قاب قوسين أو أدني من التنفيذ قبل نزول القوات الروسية إلي ميدان المعركة منذ نحو ثلاثة أشهر ، أٌعيد النظر فيه في ظل ما شهدته المنطقة من تغيرات لكي يكون جاهزا للتنفيذ فور تلقي الضوء الأخضر من واشنطن تحت شعار التعاون بينهما الذي اشرنا إليه .. خاصة بعد الإحتياطيات الحربية التى أرسلت بها انقرة إلي نقطة حدودها مع القامشلي في نفس الوقت الذي عززت به قواتها في معسكر بعشيقة العراقية ..&
كتب المحلل السياسي لصحيفة الإندبندنت بعدد الأحد الماضي ( 31 يناير ) أن الخبير العسكري الفرنسي جيرار شايون يتوقع تدخلاً تركياً في سوريا " حتى لا يحقق الرئيس الأسد وحلفاؤه جائزة الفوز النهائي بعد تغير ميزان القوي فوق الارض علي أثر تدخل روسيا عسكرياً ، لأن تركيا هي القوة الوحيدة القادرة علي إحداث مثل هذا التغيير برغم حجم المخاطر التي ستنجم عنه وتنعكس آثراها بالجملة عليها " ..&
وبينما يري الخبير الفرنسي أن المقاتلات الروسية لن ترد علي التدخل التركي – الجوي والبري - إذا وقع ، إلا أن العديد من التحليلات التى تناولت ذات الموضوع في صحف بريطانية أخري لا تتوافق مع مثل هذه الرؤية ، لأنها ببساطة تري أن عدم الرد ستجعل من موسكو أضحوكة من جانب الشعب التركي الذي يعاني من ضغوطها السياسية والاقتصادية والتنموية ، وسيشجع قوي غربية علي مد يد المساعدة إلي أنقرة ..&
انقرة تدرك أن الإنجازات العسكرية التى تمت لصالح النظام السوري في ريف اللاذقية ، ليست في صالح توجهات علي مستوي الملف السوري بعامة .. وأنها ايضاً ليست في صالح سياساتها حيال الوحدات الكردية السورية التى أصبحت قادرة علي إجتياز منطقة غرب نهر الفرات ، الأمر الذي تعتبره النظرة العسكرية التركية " خط أحمر " لا تُسمح به مطلقاً تحت أي ظرف لأنه يخدم منظمة إرهابية تطلق علي نفسها حزب العمال الكردستاني !! ..&
الدولة التركية من حقها وفق دستورها أن تمنع أي دعاوي فئوية من جانب أقليات من مواطنيها للإستقلال عنها ، وان تقاوم أي تيارات تعمل علي هدم أركانها تحت أي شعار ، وأن تقف بكل حزم وقوة ضد أي جماعة تروج للإنسلاخ عنها وفق أي تربيطات داخلية او خارجية .. من أولي مسئوليات الدولة التركية مثلها في ذلك مثل كل الدول المستقلة ذات السيادة ، الحفاظ علي وحدة أراضيها ووحدة شعبها ووحدة تاريخها ..&
نناقش بعيون مفتوحة ..&
هل تعطي هذه الحقوق التى تتساوي فيها دول العالم صغيرها وكبيرها ، حكومة أنقرة الحق في أن تنتهك قواتها المسلحة سيادة كل من العراق وسوريا ؟؟ ..&
بمعني آخر .. هل يمنحها هدف القضاء علي حلم الإستقلال الكردي الذاتي علي مستوي مجتمعها الحق في إنتهاك السيادة السورية بشن غارات داخل اراضيها لمنع الجناحين الكرددين العراقي و السوري من أن يقدما المساندة للجناح الكردي التركي ؟؟ ..&
إذا قامت طائرات القوات العسكرية التركية بهجوم جوي علي مواقع داخل الأراضي السورية ، فسيكون محدود التوغل أي لن يقترب من الخطوط التى حددتها القيادة &العسكرية لنفوذها في الشمال السوري ، ومن المستبعد ان تقوم بعملية غزو بري واسعة في هذه المنطقة ولو لمسافة عشرات الكيلومترات المحددة سلفاً ..&
الأمر الذي نحن علي يقين منه أن كلتا الخطوتين ، الجوية والبرية ، ستكونان بتنسيق تام مع قيادات وزارة الدفاع الامريكية خاصة وأن نائب الرئيس الأمريكي قال خلال مؤتمره الصحفي مع وزير خارجيتها قبل عودته إلي واشنطن " نعلم أنه من الأفضل التوصل إلي حل سياسي للمشاكل العالقة بين دمشق وأنقرة ، ولكننا مستعدون للتنسيق عسكرياً معاً إن لم تحقق السياسية أهدافها " ..&
هذا اليقين مبني علي ..&
1 – عشرات المستشارين العسكريين الأمريكيون الذين يتوالي وصولهم إلي شمال شرق سوريا منذ بضعة أسابيع بذريعة دعم جهود الحرب علي داعش ..&
2 – ما أشيع حول قيام قيادة التحالف الامريكية بالتعاون مع عناصر امنية تابعة لمنظمات مناوئة للنظام السوري بتجهيز مطار الرميلان القريب من ريف الحسكة لكي يصبح قاعدة عسكرية جوية ..&
3 – التلميحات الرمزية التى ينشرها الاعلام الإسرائيلي تعبيراً عن مساندات الرأي العام لنيات أنقرة العدوانية الهادفة إلي القضاء علي خلايا داعش النائمة في سوريا قبل ان تفتح عينها في قلب اسرائيل او في محطة مترو أوربية او في مدرسة أمريكية " عاموس جلبوع / معاريف 26 يناير ) ..&
4 – الرؤية الغربية التى تؤكد أن العمليات العسكرية الروسية فوق الأرض السورية تعمل علي تقوية بعض التنظمات القتالية المتحالفة معها وفي مقدمتها أكراد تركيا ، بهدف زعزعة أمن وإستقرار المنطقة لصالح اهدافها المستقبلية التى لا تتوافق محصلتها النهائية مع مصالح أوربا وأمريكا وبعض القوي العربية ..&
&