&
فلنتوقف قليلاً ونتأمل بهدوء مايرتبط به سراق المال العام في العراق مع بعضهم وما يتناقلوه من اخبار وإعترافات نراها ونسمعها وهي تمثل الصورة الأكثر رعباً وتمادياً في إنتشار اللصوص المطالبين بمحاسبة غيرهم من الفاسدين والمفسدين وعدم محاسبتهم كونهم إستغفروا الله في تراجع مهين للقيم الأخلاقية والأجتماعية والدينية والسياسية.
فقد نجد أمراً لا نلتفت إليه كثيرًا عما يتناقله السارق في تبرير سرقة المال العام ويظهر &في إعلام متلفز هزيل للكلام الأهوج عنه. كيف أصبحت نقاوة البعض من السرقة بالإعتراف بأنه سارق وتبريره " أنا أسرق لأن الكل يسرقون ". أنها النقاوة الفكرية &لهذا اليوم ونقاوة السرقة في الغد القريب دون أن تتساقط &قطرات الخجل والندم " واللهم أنك غفور وتجيب العفو بالرحمة على المذنب وبتعوذه الى الله من الشيطان الرجيم". &&
في برنامج ساعة حوار التلفزيوني يوضح &مشعان الجبوري عضو مجلس النواب الى المستمعين أن الطبقة السياسية في عراق المنطقة الخضراءهي سبب دمار وفساد البلد ويقول نصاً في سابقة تاريخية مذهلة (( كلنا نسرق، كلنا نأخذ رشوة وكل شخص في الحكومة مهما علا شأنه يسرق، بل أن رئيس مجلس النزاهة في حاجة الى نزاهة لأنه من رؤوس الفساد)). في إستطاعة القارئ الأستماع الى أقواله وإعترافاته وإستنتاجاته عن مجتمع الفساد والسرقة واللصوص على الرابط أدناه : &&
https://youtu.be/W639WV_qM54&
ولنتوقف قليلاً ونتدارس بدهشة وذهول مايجري في العراق، فليس جديداً كيف برّرَ الأسلاميون الجهاديون وشيوخهم على مدى التاريخ &تفسير الجلالة (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا &وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ) وبرروا لأنفسهم وأولادهم ونساءهم أفعال سرقة المال العام. وليس جديداً كيف غيّروا الزينة والبهجة وعطر الأحبة والعفة وجمال العمل الأنساني الى طاعون ودمار وعرّضوا وعرضوا العراق في عَرض للسلب &الخارجي والداخلي وحولوا أرض الرافدين الى غزو مغولي لعاصمة دولة عظيمة لتصبح بين عشية وضحاها عاصمة الدمار والفساد بأقوال زائفة &" إنما المال الجهاد وبيت المال للسطو والنفوذ والقتل والإستعباد وقتل والاطفال البنون وأمهاتهم. وحصدت أمراضهم أرواح الملايين من المسلمين".&
في كل الأديان يتم التدليل والتعريف والتعليم المجتمعي الخُلقي &بأن المال العام محرم. مع ذلك، فأنك تجد السرقة مُحللة ومقبولة لبعض شيوخ "الجيب واحد " بين ملوك وزعماء الأسلام &في سلوكية خزن الأموال لأستخدامهم الشخصي بلا قوانين مكتوبة للحد من السرقة. &
التفسير الذي يلجأ اليه بعض المحللين والمسؤولين في سرقة المذهب والمال يلقي الضوء على عدم إستقرار البلاد وفقرها وعدم ثبات عملتها النقدية قياساً &بالعملات الأجنبية كالدولار الأمريكي وإنعدام الرقابة المالية، وهي من الحوافز الأكثر قبولاً &للسرقة الشخصية والحكومية. ثم الحاجة الى سرقة المال العام &لتمويل عناصر الأرهاب الجالسين في خنادق الجهاد. أما العوامل المؤثرة الأخرى لدافع السرقة والتفنن في تهريب العملة فتعود الى سرقة أفكار ومخترعات التقنيات الحديثة التي تفرض وجودها على دول إنعدام الأستقرار السياسي وتبتكر لهم وسائل سريعة في نهب ونقل الملايين في دقائق وإخفائها.
عملية إدامة التوتر العسكري &وإبقاء جذوره في الأراضي العربية المحتلة هو الغرض الأول لسياسة الدول المساندة والمشاركة في عقلية إنغماس الفكر في تبرير السرقة، حتى أن أسرائيل تزخرفه للبعض وتشجع عليه, والتقلبات العسكرية والاقتصادية والأجتماعية التي أصابت العراق ودول عربية أخرى بتغير المتغيرات وما يتطابق وعالم اليوم من سرقة أفكار ومخترعات التقنيات الحديثة فرضت وجوداً طبيعياً مؤلماً أفقدت مؤسسات الدولة السيطرة على مواردها وأموال خزينتها،حيث يتم تسليط الضوء على ما يراد تبريره &وتزينه كل &وفق منهجه سواء كان قومياً عربياً &كردياً &طائفيا &مذهبيا &فئويا عقائديا طبقيا أو للمنفعة المادية الخاصة المنغمسة بضرورة سرقة المال العام. ورغم تواقيع شخصيات عراقية في إعلان وقف الفساد ودعوات هذه المناهج بأنها في خدمة الفقراء فأن ظاهرة الفقر تكشف كذب أدعاءات مؤسسة المنطقة الخضراء بأنها ستبادر لوقفه بالمحاسبة الشديدة.&
من كان يصدق أن المراجع الشيعية العليا &في العراق تتهم الحكومات التي تعاقبت على السلطة ومنذ عدة عقود وبعد سقوط النظام السابق بتبديد أموال البلاد بالسرقات وعدم تمكين مقومات الدولة اقتصادياً وماليًا ولم تعمل مؤسسات موظفيها وإداراتهم على تسخير خبراتهم لخدمة الشعب وتوفير الحياة الكريمة له وانما أهدروا معظم موارده المالية بالحروب وشراء الأسلحة والأعتدة وعمولات اللصوصية والنزوات الوقتية؟؟ &
عدم تصدير القدرة النفطية بشكل طبيعي، وعدم القدرة على امتصاص الأنخفاض الهائل في أسعار النفط &وهبوطه بأكثر من 45 في المئة منذ بدايةعام 2015، مقارنة بسعره عام 2014، والتحديات العسكرية للحكومات العربية القائمة قللت من القدرة التنموية والإنتاجية وإدارة المصارف وزادت من سبل التفنن في سرقة المال العام &من أطراف طال الحديث عنها.
ولازالت هناك مخاوف واقعية في العراق وليبيا وسوريا للأبار النفطية المدمرة من الهجمات الاخيرة لتنظيم داعش على موانئ النفط، وإمكانية فقدان سيطرة حكومات هذه الدول على مصدر الدخل الوحيد لصالح داعش وقوى قومية إنفصالية وخشية احتمال توسع نفوذها وامتدادها نحو مناطق أخرى، في نفس الوقت الذي تسعى فيه الاطراف السياسية للوصول الى حكومات وفاق وطني تقود البلاد نحو الاستقرار.&
&
ضياء الحكيم كاتب وباحث سياسي
&

&