ان مستقبل العراق يعتمد لحد كبير على مستقبل العلاقات بين إقليم كردستان والمركز الاتحادي. وقد تعرضت هذه العلاقات في عهد المالكي الى هزات خطيرة، لا تزال تداعياتها ذات تأثير على المسيرة العراقية.. وقد صدرت مؤخرا عن الأخ رئيس الإقليم تصريحات عن ان استقلال كردستان قادم، ولكن عبر الحوار وليس بالخصام وفرض الانفصال وربما كان في باله انشطار جيكوسلوفاكيا بالتراضي والحوار الى جمهوريتين. ان مما لاشك فيه، ومالا يجهله احد، هو ان شعب كردستان العراق قد عانى الأمرين ، قمعاً ودما وتميزاً في مختلف العهود وباستثناء فترة من عهد الثورة والسنوات الاولى من العهد البعثي الثاني ، مروراً بفترة الهدنة في عهد عبد الرحمن عارف. ان الشعب الكردي في العراق هو جزء من امة كبيرة موزعة على عدة دول، لم تعرف بالتعاطف الصادق مع الاماني القومية للكرد. وهذه الأمة المجزأة، ربما هي الأمة الوحيدة في العالم، التي لم تستطع بعد ان تحصل على دولة مستقلة خاصة بها. مع ان ذلك هو ضمن حق تقرير المصير الذي يعني الاستقلال، كما يعني الفدرالية والحكم الذاتي .وقد أعلن الإقليم الفدرالية أواخر عهد صدام وباعتراف كل قوى المعارضة عهد ذاك، وكان ملجأ أمنا لهم. وأود التأكيد مجددا على حقيقة انه، عندما جرت بعض المظاهرات في السليمانية فور سقوط نظام صدام، تطالب بالانفصال ، كتبت رسالة الى الاخ العزيز جلال طالباني ( الذي لا يزال يملأ القلب) منتقدا ذلك التحرك وقلت انه في غير زمانه وظروفه، وقد رد علي بسطور مؤيداً. ان العلاقة بين الإقليم والمركز الاتحادي تتطور بكيفية تعاطي كل من الطرفين، لا احدهما وحسب.. &وكثيراً ما كنا نسمع ، ولحد اليوم، وحتى من بعض مثقفي اليسار انتقادات للأكراد بأنهم قد نالوا الكثير بعد سقوط صدام، وهم يطمحون بالمزيد بلا وجه حق. والواقع ان هنالك التباسات فيما يخص توزيع الثروات الوطنية، مردها الى بنود الدستور الدائم نفسه، الذي يعطي حتى المحافظات حقوقا واسعة في هذا المجال . كما انه قد اعترف بما يسمى مناطق متنازعا عليها، وكيفية تقرير مصيرها، دون ان تقوم الحكومات المتعاقبة بأي مسعى لتنفيذ البنود، ولا سيما ما يخص كركوك. وبالمناسبة أيضا ، فقد وافقني مام جلال في حينه، على ان مصير كركوك يجب تركه للزمن وتحسن الأوضاع وللحوار البناء والهادئ بين مختلف الأطراف المعنية. ان القضية الكردية في كل بلد يضم الاكراد ذات خصوصية تجعلها تتميز عن ظروف القضية الكردية في الدول الأخرى، وشخصيا أرى ان وقت الاستقلال لم يحن، وان الحل الأمثل في العراق هو البقاء ضمن عراق اتحادي ديمقراطي. وبمقدار ما يكون المركز ديمقراطيا، والإقليم مرنا وواقعيا، يمكن ان يتواصل التعايش السلمي ضمن العراق الموحد. وفضلا عن ذلك، فان الأنظمة الأخرى المجاورة (ايران-سوريا-تركيا) معادية للأكراد، وستظل أية دولة كردية مستقلة( أكراد العراق) معرضة الى دسائس واستفزازات واعتداءات الجيران ما ظلت الأوضاع الراهنة قائمة في المنطقة. ومن جهة أخرى ، فان القوى السياسية العراقية الأخرى المؤمنة حقا بعراق اتحادي امن ومستقر، يجب ان تضاعف جهودها من اجل الديمقراطية وحقوق القوميات والإنسان. وإذا ظلت أوضاع العراق الراهنة مستمرة، والتقوقع الطائفي وحكم المليشيات وظاهرة داعش وسيطرتها على الموصل ومناطق أخرى قائمة، فان العراق يظل يتعرض لخطر الانقسام والتمزق والتبعثر والحروب الداخلية الدائمة. &
&