&
لعل اكثر ما يحسب لدول الخليج على المستوى السياسي هو اعتمادها على الشباب في المراكز القيادية. ولدينا ثلاثة نماذج واضحة: السعودية ممثلة في الأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان. قطر ممثلة في أميرها الشيخ تميم. والإمارات التي جلها شباب في مراكزها القيادية. هناك من قد يرى ان نقص الخبرة ستكون له عواقب، وأن المبالغة في الإعتماد على الشباب قد يدفع الى اخطاء غير متوقعة. لكني أقول ان قيمة الخبرة تأتي من تراكم المعرفة. والمعرفة المتوفرة لدى شباب اليوم هي أكثر بكثير مما لدى الأكبر عمرا. تماما مثل معرفة الإبن اليافع بتقنية الحواسب الآلية بأضعاف ما يعرف والده عنها. اضف الى ذلك أن الحضارات في العالم وعلى مر التاريخ بنيت على أيدي الشباب لا الكهول. من الأسكندر الأكبر، ومحمد الفاتح ونابليون وحتى مؤسس السعودية الملك عبد العزيز الذي اتت انطلاقته مبكرة اكثر مما يعتقد كثيرون. الحماسة هي ما يبني، خاصة ان استندت إلى القوة وحسن التدبير. وهذا الثلاثي مندمجا مع بعضه، أي الحماسة و القوة وحسن التدبير، هم ليسوا بنتاج خبرة، بل هم يصنعونها. سيخطئ الشباب ولا شك، لكن الخطأ هو البداية لطريق الصواب. يدعمهم في ذلك امتداد العمر امامهم ما يتيح لهم التصحيح الدائم، مقارنة بمن هم أكبر عمرا الذين لن يسعفهم الزمن في تصحيح شيء، بل وقد لا يقبلوا التصحيح.
أنت يمكن ان تهب خبرتك لمن هو أصغر منك عمرا. لكن الأفضل ان يبني هو خبرته بنفسه. وما عاد ذلك يستلزم عقودا من الزمن، طالما أن تراكم المعرفة بات متاحا وأكثر قبولا من الشباب مما هو لدى كبار العمر.
الشباب في الخليج يمثلون غالبية السكان. وأن تكون القيادة منهم فهذا يعني أنها ستكون أكثر قدرة على تلمس هموم تلك الفئة المؤثرة. أرى ذلك واضحا في الإمارات العربية المتحدة التي لعلها أول من بدأ في إعطاء الشباب فرصة قيادة البلاد. وها هي النتائج لمن شكك في جدوى خطوة كهذه. المسبار الإماراتي لاكتشاف المريخ يقوده فريق ترأسه فتاة عمرها 28 عاما. نعم.. هو عمر صغير. لكنه ليس غريبا ان علمنا ان معظم الإكتشافات الفضائية أتت على أيدي الشباب. سأضيف وأقول ان الريادة في أي مجال تأتي على أيد يافعة في الغالب، حتى في الأدب والشعر. رأينا ذلك في إمرؤ القيس والشابي وبدر شاكر السياب.&
الشباب كانوا القوة المحركة في الإنتفاضات والثورات. وعدم اعطائهم الفرصة ليكونوا في واجهة الأحداث، ومراكز صنع القرار، يعني ان انتفاضات اخرى كثيرة ربما تأتي. المطالبون بالحرية والديموقراطية يجب ان يشاركوا هم في تحقيقها. أما الإدعاء بأن نقص الخبرة يحول دون مشاركتهم، فما تلك سوى حجة لضمان التصاق الكهول بالسلطة.&
&