&
لنتابع حديثنا (الطائفي) الذي بدأناه بمقالة (يا زمان الطائفية)، والذي على ما يبدو لم يَنلْ إعجاب البعض لأن بعض الرؤوس لاتزال مدفونة في الرمال رغم علمها أنها قد (أينعت وحان قطافها).
وكما كانت الوحدة الوطنية شعاراً على الجدران واللافتات القماشية الزاهية الألوان، كانت معالجة النَفس الطائفي الذي تمت تغذيته بأوكسجين الحقد والكراهية، فجاءت المعالجة بذات الطريقة الخشبية وعبر إعلام خشبي الملامح لم تتغير أساليبه البالية منذ عقود.
فارتفع شعار (واحد واحد واحد... الشعب السوري واحد)، وبسرعة كان الشعار يعم المدن والبلدات والقرى السورية، لكنه تضاءل وخفت شيئاً فشيئاً، لأن الجميع اكتشف أننا... ثلاثة وعشرين مليون (واحد)، وأن عقود مرت لم نكن فيها (واحد) بل كان هناك دائماً ابناء الجارية وابناء الست، وابناء محافظات تُغدق عليهم الهبات والميزات والإمكانيات والمشاريع الانمائية، ومحافظات منسية عمداً وبلا تردد، ولازلنا حتى الآن نعاني من تلك (النظرة القاصرة) في البلد لان أبناء المحافظات "المدللة " تشربّوها عبر عقود وبقيت نظرتهم قاصرة ومتعالية على ابناء المحافظات (النائية) كما تسمى بشكل رسمي، ولعل هذه التسمية (المناطق النائية) بحد ذاتها نوع صريح من التفرقة والتمييز الاقصائي المتعمد للمحافظات المنَسية التي قدمت كل شيء لسوريا ولم تنلْ سِوى الإهمال.
وبعد فشل الشعار الآنف الذكر، تم استبداله بصور ومشاهد تلفزيونية لرجال دين مسلمين ومسيحيين يرفعون أيديهم متضامنين في مشهد يلخص وهم الشعارات التي عشناها، ثم درجت على مواقع التواصل الإجتماعي صور لمئذنة وكنيسة متعانقين، وهلال وصليب متقاربان، وأصوات تعلو بنبذ الطائفية ورفع شعار (طائفتي سوري)، والكثير من الشعارات الرنانة التي تحصد الإعجاب على صفحات التواصل الإجتماعي، وتحصد الأرواح في أزقة المدن السورية.
الشعارات والصور عن نبذ الطائفية بقيت في إطار إعلام خشبي، ولم تنعكس ايجاباً على أرض الواقع، ولم تغير من عقلية تنامت في الظلام لتنفذ أجندتها في الضوء، وبقيت الطائفية تنخر كالسوس في الخشب، وبقيت الفضائيات الدينية والمذهبية والاثنية من كل الأديان تغذي العقلية الطائفية دون خطاب سياسي وديني يواجهها ويوقف عملية تفتيت العقل لأجزاء صغيرة من حقد وكراهية وإقصاء وتخوين.
الطائفية استشرت في بلاد لم تعرف إلا السلام والمحبة، فهل يعيد أهلها تشكيل ملامح عقلهم وقسمات الطمأنينة على وجوه هجرت الراحة منذ زمن طال؟؟!!.&
&