&
من المعلوم ان اتفاقية سايكس بيكو &التي تم الاتفاق عليهامن قبل ممثلى الدولتين العظميتين فى الشهر الخامس من العام 1916 هما بريطانيا العظمى و فرنسا و بعلم من &القيصرية الروسية، نتيجة لضعف الامبراطورية العثمانية(( الرجل المريض)) &و بداية نهاية تلك الامبراطورية المتخلفة و المريضة التى سيطرت على منطقة واسعة من اسيا و اوروبا و افريقيا لاكثر من 500 عام. ولكن حقبة الحكم العثمانى فى كل هذه المناطق هي حقبة مظلمة و متخلفة كثرت فيها المجاعات والقتل و هتك الاعراض و سفك الدماء و ترحيل و تشريد القصرى للسكان و القوميات بالاضافة الى عمليات الابادة الجماعية لشعوب المنطقة وخاصة الاكراد و الارمن و كل الطوائف الدينية و العرقية والذين هم سكان اصليين للمنطقة تحت اسم الخلافة الاسلامية المزيفة.
وكنتيجة طبيعية لتلك السياسات اللاأنسانية و لا الدينية &و تحالفها مع المانيا و دول المحور ضعفت الخلافة العثمانية و فشلت فشلا ذريعا امام القوتين العظميتين و روسيا القيصرية، و كحكم طبيعى للمنتصرين فى الحرب العالمية الاولى التى بدت تباشيرها بعد عام ونصف عام من الحرب، &وقعوا اتفاقا مبدئيا لما بعد انتهاء الحرب لغرض توزيع بلدان الامبراطورية العثمانية المنهزمة فى الحرب وخاصة منطقة (( الهلال الخصيب))، و تم الاتفاق &السرى بين ممثلى البريطانيا سير((مارك سايكس)) و ممثل فرنسا (فرانسوا جورج بيكو) و بمصادقة الامبراطورية الروسية و الممثله ب( سيرجى سازانوف) على اتفاق تقسيم ميراث (( الرجل المريض)) فى المناطق الاوروبية و الاسيوية والافريقية بينهم كهدية الانتصار.
وتم التقسيم حسب الرؤيا و المصلحة السياسية و الاقتصادية للمنتصرين فى الحرب.و بقلم حبر من ممثلى الدول العظمى تكونت منطقة الشرق الاوسط الحالى &منذ 100 عام و خلال هذه المدة الزمنية &صارت الحرب العالمية الثانية و الحرب الباردة و الحروب الداخلية بين تلك البلدان تحت سيطرة الانتداب والمستعمرين و بعد ذلك وفى زمن استقلال الدول و توزيعها مرة ثانية على المعسكرين الغربي الولايات المتحدة الامريكية والشرقي الاتحاد السوفيتى السابق اللذان صارا مستعمرين جديدين فى القرن العشرين .هذه الاتفاقية باقية و مستمرة لحد الان، والمتضرر الاكبر والاول من هذه الاتفاقية هم الاكراد و الارمن، لان حسب الاتفاقية &الاكراد و الارمن توزعوا مرة ثانية على الدول المنطقة مثل تركيا و ايران والعراق و سوريا و ارمينيا.
&من المعروف الاكراد قوم من الاقوام الاصليين فى منطقة الشرق الاوسط و لهم تاريخ و جغرافيا و دين و ارض و لغة مشتركة خاصة بهم، ونتيجة لهذه الاتفاقية المشؤومة اصبح الاكراد امة بلا وطن و بلا مأوى و بلا دولة مستقلة بل صاروا متشردين و موزعين على اربعة دول فى المنطقة مثل تركيا الكمالية الجديدة والايران الشاهنشاهى و العراق و سوريا الجديدين كدولة ذات سيادة ولكن كلهم تحت الانتداب البريطانى و الفرنسى.
الا أن الاكراد اصبحوا &الان من الناحية السياسية أصحاب اقليم ديمقراطى و نظام برلمانى داخل الدولة العراقية &الفدرالية الجديدة منذ عام 2003ولهم رئيس للجمهورية العراق و وزارات داخل الدولة العراقية الفدرالية، وكشعب &قديم فى المنطقة لهم حضور كبير مع جيرانهم من الشعوب &فى اقرار السلام و النمو والحفاظ على سلامة و امن المنطقة وخاصة ضد الارهاب و الارهابيين الذين اصبحوا خطرا حقيقيا على سلامة المنطقة و شعوبها .
وبعد مرور 100 عام على تلك الاتفاقية المشؤومة، اصبحت المنطقة امام توزيع و تقسيم جديدين مثل اتقافية سايكس بيكو القديمة و لكن مع اختلاف جوهرى وهو ان هذه الاتفاقية الجديدة ترسم حدود جديدة لدول المنطقة بدم شعوب المنطقة &بعكس الاتفاقية القديمة المرسومة فقط بقلم حبر انكليزى وفرنسى، المنطقة امام خطة جهنمية من قبل الدول العظمى مثل امريكا و روسيا و بريطانيا و فرنسا مرة اخرى حسب مصالحهم السياسية و الاقتصادية، والمعروف ان منطقة الشرق الاوسط الغنية بالثروات الطبيعية مثل النفط و الغاز الطبيعى وهما المصدرين الرئيسيين للطاقة العالمية و بسبب انخفاض اسعار النفط فى الاسواق العالمية اصبح من الضرورة على الدول العظمى ان يبحثوا عن مصالحهم المستقبلية و تامينها للاجيال القادمة ولكن على حساب الشعوب و البلدان المنطقة.
كما اسلفنا سابقا ان الاكراد من المتضررين الاوائل من الاتفاقية القديمة ولكن الان المعادلة السياسية والاقتصادية للمنطقة &تغيرت &تغييرا كبيرا بخلاف 100 عام الماضية، والاكراد الان اصحاب النفوذ السياسى و الاقتصادى الكبيرين &بسبب وجود كميات كبيرة من النفط و الغاز الطبيعى فى اراضيهم فى داخل اقيم كردستان العراق و كردستان الغربية فى سوريا و بسبب التضحيات الجسيمة &و مشاركتهم ضد &(( داعش)) &و الارهابيين و سيطرتهم على مناطق واسعة فى سوريا و العراق و انتصاراتهم الكبيرة على قوات داعش الارهابية، اصبحوا محل اهتمام و احترام الدول العظمى مثل امريكا و روسيا وحتى الدول العربية السنية مثل السعودية و الامارات و غيرهم.ولذلك الاكراد يحلومون بدولتهم المستقلة كباقى شعوب المنطقة وحسب الاتفاقية االجديدة وخطة تقسيم المنطقة من جديد، لان الاكراد لهم ثقلهم السكانى والتاريخى والجغرافى(( مساحة كردستان الكبير 600000متر مربع )) &ومن الناحية الاقتصادية هي (( ثامن اغنى اقليم اقتصادى فى العالم حيث يبلغ احتياطى النفط 160 مليار برميل نفط و الغاز الطبيعى 7ر5 تريليون متر مكعب )) &ويبلغ عدد سكانهم فى تركيا و ايران و العراق و سوريا اكثر من 40 مليون نسمة و عندهم احزاب و قوى سياسية فعالة على الساحة السياسية فى تلك الدول وفي منطقة الشرق الاوسط وحتى &العالم و من حقهم الطبيعى ان يعلنوا دولتهم المستقلة كحق شرعى فى تقرير مصيرهم،
&و تكوين الدولة الكردية الغنية و الديمقراطية التي تعود بالنفع الاقتصادي والسياسي الكبير للمنطقة بشكل عام و للدول العربية السنية بشكل خاص ،ولا تشكل خطرا على اية دولة عربية و غيرهم فى المنطقة ، ولكن بعكس ذلك المنطقة ككل امام عملية تقسيم قيصرية جديدة وخاصة الدول الكبرى فى المنطقة كتركيا و ايران و السعودية و مصر و السودان و باكستان و غيرهم.
لذلك يجب على الجميع ان يهيؤا انفسهم لمواجهة هذه الرياح العاتية للتغير التى يمكن ان تقلب المنطقة رأسا على عقب و يتلاشى الرؤساء والملوك و الدول و تظهر دول و رؤساء و ملوك جدد فى المنطقة، واذا تاخر اى واحد منهم او حاول المسير بعكس اتجاه الرياح والخطة المرسومة فان مصيره مجهول و يصبح تحت اقدام القادمين المنتصرين للمنطقة تحت مظلة اتفاقية سايكس بيكو جديدة لمئة عام مقبلة.
واخيرا كل الشعوب و الحكومات المنطقة امام سؤال محير و مهم وهو هل ان هذه الاتفاقية القادمة الجديدة تصنع انظمة ديكتاتورية او ديمقراطية؟ و هل تخدم شعوب المنطقة او تخدم مصالح الدول العظمى كسابقتها؟

كاتب كردى من كردستان العراق